facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تدين أم أيديولوجيات (1)


د. صباح حراحشة
21-01-2020 03:01 PM

تجلت فكرة التدين عبر التاريخ في الاعتقاد أو الإيمان المطلق بحقيقة وجود إله عظيم وعادل وتمحورت فكرة الأديان حول الدعوة إلى الخير والابتعاد عن الشر وركزت على مفهومي الثواب والعقاب عبر فكرة الجنة والنار أو الكارما أو سمو الإنسان وارتقائه وتعاليه فوق نقائص الشرور، بينما تجلت فكرة الأيديولوجيا لأول مرة عن طريق الفيلسوف الفرنسي ديستوت دوتراسي بأنها علم يهتم بالأفكار والآراء لتتطور فيما بعد لتعبر عن أفكار ومعتقدات اجتماعية تتبناها جماعة معينة وتجعل منها حقائق مطلقة لا تقبل النقاش وتستخدمها لمهاجمة الفرق والجماعات الأخرى التي تعتقد بدورها أن أفكارها ومعتقداتها هي أيضا حقائق مطلقة ولا تقبل النقاش. فعلى سبيل المثال يمكن اعتبار أيديولوجيا الحزب النازي واحدة من أشهر الأيديولوجيات التي فرضت معتقداتها وأفكارها على أتباعها وسعت لتحقيق طموحات سياسية وسيادية توسعية وعملت على مواجهة المعتقدات والأفكار الأخرى أو التصدي لها.
تعتبر الأيدولوجيات الدينية من أخطر أنواع الأيديولوجيات وذلك لعدم وضوح الحدود الفاصلة بينها وبين الأديان أو بمعنى آخر بين الفكر الإنساني والرسائل السماوية الربانية وذلك لأن الأيديولوجيات الدينية أحاطت نفسها بقدسية استمدتها من قدسية الأديان لدرجة أصبحت فيها هذه الأيدولوجيات أديانا جديدة حلت محل الأديان الأصلية لغايات تحقيق مآرب سياسية في الغالب تجعلنا نصنفها أيديولوجيات سياسية مغلفة بغطاء ديني.
تنشأ الأيدولوجيات الدينية من التفسيرات والتأويلات المختلفة للنصوص الدينية التي تتصورها كل جماعة أو تنظيم وتسعى من خلالها لفرض سيطرتها على الجماعات الأخرى التي وضعت هي بدورها تفسيراتها وتصوراتها الخاصة لذات النصوص الدينية ولكن بطريقة تخدم معتقداتها هي أو مصالحها وطموحاتها السياسية في الغالب والتي تصطدم مع مصالح الجماعات الأخرى، الأمر الذي أدى إلى ظهور عدد كبير من الفرق أو الطوائف الدينية التي نسبت كل منها إلى نفسها امتلاك الحقيقة المطلقة المقدسة التي تربطها وحدها بالدين الإلهي.
هذا العدد الكبير من الفرق أو الطوائف أدى إلى ظهور الصراعات اللامتناهية بين بني الإنسان وجرت عليه الويلات والحروب عبر الزمن ورسخت أسباب الفرقة حتى بين أتباع الدين الواحد لدرجة جعلت من حق أتباع طائفة معينة أن يكفروا أتباع الطوائف الأخرى ويصلون عند مراحل معينة للاقتناع بفكرة اجتثاث الآخرين عن الأرض وقتلهم خدمة للإله وحماية للدين!
تنحى التدين الذي انبثق عن جميع الأديان التي عرفتها البشرية لصالح الفكر الأيدولوجي الذي يدعي في المجمل أنه يهدف إلى خلق المدينة الفاضلة تلك الأسطورة التي لا يمكن تشييدها إلا من خلال اتباع الفكر الأيديولوجي الذي تتبعه جماعة معينة على أنه الحقيقة المطلقة الوحيدة التي عليها إقصاء باقي الحقائق التي تدعيها الجماعات الأخرى حتى يتسنى للبشرية العيش داخل حدود مدينة فاضلة متصورة داخل إطار جماعة خاصة.
فهل قناعاتنا واصطفافاتنا وتصورنا للمستقبل مبني على جوهر الأديان أم على الأيديولوجيات التي استمدت شرعيتها وقدسيتها من الأديان؟ هذا ما سأحاول إلقاء الضوء عليه في مقالي القادم إن شاء الله.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :