facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من أدبيات الهجرة في بلاد الله الواسعة


د. عادل يعقوب الشمايله
06-02-2020 12:50 PM

يمكنني الزعم بأن الهجرة من أهم اكتشافات الانسان الذي بقي وتحضر بعد انقراض الاجناس البشرية الاولى، لأنها كانت بمثابة الحصن الطائر الذي ضمن الحياة والقدرة على الاستمرار.

لقد استطاع الجنس العربي وامثاله من البدو المنتشرين في الصحاري في شتى القارات، البقاء بسبب الهجرة. البدو لا يقدسون المكان وانما ما يعطيه المكان. وهم عندما يتذكرون الاثافي في اشعارهم، فهم في حقيقة الامر يتذكرونها لارتباطها باحداث لها اهميتها وقيمتها حدثت بالقرب من تلك الاثافي. "قيس! جئت تطلب نارا، أم جئت تشعل البيت نارا؟" البدو ومنهم العرب كانوا يتركون المكان الذي اجدب من الماء والكلأ فورا ودون تردد، ويرتحلون الى مكان آخر يتوفران فيه لتستمر الحياة. وكما هو معروف فإن البدو كانوا يتقاتلون على حيازة ذلك المكان.

الطيور اقدر الكائنات على اكتشاف اماكن الوفرة والخصب، واسرعها في الانتقال اليها من بقية الكائنات. تتلوها الاسماك بانواعها. كثيرا ما نشاهد على التلفاز ما يصيب الحيوانات الضخمة كالاسود والنمور والذئاب والفيلة والابقار والحمر الوحشية، حيث تتحول الى هياكل عظمية ثم تموت عندما تجدب بقعة الارض التي ألفتها. لانها لا تعرف كيف تفتش عن أماكن اخرى، ولأنها تظل تستهلك المكان نفسه حتى تستنفده، ثم تستنفد بعضها بعضا.

لقد تحدى الهدهد بمعرفته التي اكتسبها من رحلته الى سبأ، معرفة الملك سليمان التي مصدرها الوحي والنبوة. حيث بين القران "أحطت بما لم تحط به، وجئتك من سبأ بنبأ يقين."

أسباب الهجرة لا تقتصر على الجدب المعاشي كانتفاء الماء والكلأ في الصحراء، وتحول الخمول الاقتصادي الى كساد تجاري وإنتاجي طويل الامد والذي يتكرر في الاقتصادات المعاصرة، وانما يمتد الى الهجرة من ديار الجدب الفكري وجدب الكرامة وجدب الحرية: حرية الرأي وحرية التدين وحرية التعبير. ولذلك نجد تعزيزا وتشجيعا لضرورة الهجرة وحتميتها في القرآن ومعاقبة تاركها وهو قادر عليها. "إن اللذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم، قالوا فيم كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الارض. قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها".

مآل من هاجروا دائما افضل من مآل من آثروا السكون والموت قاعدين. سواء كانت الهجرة من البادية الى الريف، أو من الريف الى المدينة، أو من سوريا الى المانيا والسويد، أو من ايرلندا وايطاليا والمانيا وبولندا الى امريكا. وهجرة بني هلال من الجزيرة العربية الى تونس. علماء العرب وجماع الحديث لم يحصلوا على علمهم وهم قابعين في ديارهم، بل جاسوا الصحاري والقفار والمدن بحثا عن المعرفة والتحقق من صحة ما عرفوا. لقد هاجر علماء المانيا الى امريكا بعد هزيمتها وتهدمها، وهذا بالضبط ما فعله علماء العراق، وما يفعله المفكرون دائما.

إن مكوث العلماء والمستنيرين وسط الاغلبية الجاهلة المتنعمة والمستغرقة في جهلها وعتمتها وخرافاتها، عقوبة توعد بها النبي سليمان الهدد. توعده بالحبس مع من ليس من جنسه. أي ليس من الطيور. إن بقاء العلماء والمفكرين والمستنيرين والاحرار مع من يخالفونهم ومن يغطون رؤوسهم ويستدبرون استدبارا، مماثل لحبس من تعود ان يحلق في الافاق ويرى تعاقب عجائب الدنيا والخلق في كل دقيقة من طيرانه، مع خروف او ثور يقضي الوقت مطأطأ رأسه بحثا عن شئ يأكله، او جالسا خاملا يجتر طوال الليل ما في معدته وليس ما في عقله، وعقوبة المحبوسين من غير المصابين بالكارونا، مع المصابين به في بعض مدن الصين؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :