عمون - من ياسر طالب الخزاعلة - يتمتع الشاعر الأردني المفرقي خالد الشرمان بثقافة عالية تثقب أسوار جماجمنا وتحدث خرقا بنائيا في ذاكرة الوطن لجمال الصورة الشعرية والحس العالي والذوق الرومانسي، إذ أنه يجيد حتى في شعره بأن يجعلنا نمهد لمرحلة غير مجزأة للتعامل لاحقا مع التالي خشية على المستمتع بشعره من الخضوع لهيمنة اللاشيء الفاقد لذاته ، ومنعا من تخبط المشهد الثقافي من الانتحار الوجودي "الآني" والذي قد يؤدي بالضرورة إلى إنزلاق خطير في المتعة الشعرية مع إتيان التالي.

إن من صفات شعر الشرمان أنه يمثل قاعدة اجتماعية ووطنية ادبية حداثية مع عدم غياب الصورة التقليدية الكلاسيكية الجميلة الصلبة التي لها تاريخ عتيد في ذهنه ، والتي إستند عليها في بناء ادراكات واحساسات ووضع تصورات وبناء لبنات فكرية "للوضع التالي".

إن الشرمان وبسبب ثقافته الأدبية العالية كان من الممكن أن يبني "الوضع التالي " في قصائده بالإعتماد على المذاهب والمدارس الشعرية والأدبية ولكنه إعتمد على ذاته الأدبية ضمن معطيات الوضع "الآني" ، إذ أنه يملك العتاد الأدبي السرمدي الذي يجاري فيه القوة الأدبية في الحالة الشعرية الوطنية الأزلية ، فهو من الشعراء الذين يحسنون صنع المعجزات الرومانسية والوطنية والقومية والأدبية والحداثية نتيجة لقوة كينونته الأنطولوجية والمثيولوجية التي تتمركز في ذاكرة البيئة الأردنية ، وله القدرة على إختراق الزمان الشعري ، وإبراز المكان أو إظهاره حسب الحاجة الشعرية لإمتلاكه السلاح الأدبي الشعري السرمدي الذي يستعمله في موضعه ، خشية أن ينقلب ضد كينونة عقل المتذوق لشعره عن التعامل مع تقنياته اللامتناهية.

ولم يأت شعر الشرمان بمعناه الميكانيكي بل جاء بالمعنى المجازي ، لأننا لو تحدثنا عن شعره بالمعنى الميكانيكي فسنحتاج إلى وقت طويل لشرح الصورة الشعرية ، لكنه يتحدث بلغة مجازية عن الوضع الآني في شعره وهذا مايجعل في شعرة متعة عقلية ، لذا جاءت دواوينه الشعرية تشكل سيمفونية جميلة لموتسارت أو بيتهوفن أو تشايكوفسكي بسبب هيمنة الإحساس الأدبي البدوي والريفي بشقيه السيكولوجي والإجتماعي والأدبي وسيادة العنصر الرومانسي في كل مفاصل التذوق الغزلي في الصورة الشعرية مدار البحث . هذا غيض من فيض.

فالشرمان من الشعراء المخضرمين الذين كان لهم الدور الأكبر في بناء الصورة الأدبية الشعرية الحداثية الوطنية في الأردن.