facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين يغيب بائع الفستق عن وسط البلد


جهاد المحيسن
08-01-2010 03:08 AM


لله در الأيام كم تطوينا، كأننا إلى نصب نفيض، سنوات تمر كلمح البصر وربما أسرع من ذلك. قبل أيام خسرت عمان القديمة، التي تربض على تخوم سقف السيل وتتربع على عرشه المجيد سبيل الحوريات، وقد أذوت جدرانه عاديات الزمن وعوادم السيارات، خسرت بائع الفستق العتيق "أبو احمد".

على طريق الحج والتاريخ تربض عمان القديمة. وعلى طريق المدن العشر تجدد روحها بالآمّين لها من شتى الملل والنحل هي هكذا، وربما كانت منذ الأزل من يدري لعل خبايا التاريخ تبوح عن سرها وتقول كيف كانت قصتها، أول من أمس رحل بائع الفستق الممزوج بسمرة النيجيري عمر محمد حمزة النيروبي "أبو احمد" عن ثمانين خريفا أو قل ربيعا واقل صيفا أو قل السنة بأسرها.

كان يقف الإفريقي "عمر" أمام سدر الفستق والبزر الأبيض والأسود الممزوج بنكهة افريقية حارة تحرك اللسان قسرا وتدعو الفم إلى التلمظ من نكهتها.

بخشب "السحاحير" يشعل النار تحت سدره العتيد والمدخنة يتلوى منها الدخان يخرج كجنّ صغير في فضاء محدود أكلت مساحته قوة مال أصحاب سوق الذهب، يقف أبو احمد حدا فاصلا على الدرج بين رواد مقهى كوكب الشرق وأغلبهم من الإفريقيين أيضا، وبين من يريدون أن يُزيّنوا زناد الصبايا الحسان بالحُلي، وهن المقبلات على أعراسهن ربما على خفر.

كنا ندلف إلى فستق أبو احمد، كلما سنحت الفرصة لنا للولوج إلى داخل البلد، وخصوصا عندما يأتي المساء ونجوم الليل تنصب، نتنعم بفضاء رحب على الرغم من شدة الزحام، وإلى الان لا اعرف مكانا أخر يدعى عمان في مخيلتي سوى وسط البلد، التي كنت أجيء إليها من الجنوب البعيد مع والدي، وبقيت تلك صورة عمان ولم استسغ صورة غيرها.

أصابعه التي أكلتها نار التنور، ووجهه الموسّم بأوسام افريقية، "بربع دينار فستق وبزر أبيض وأسود يا أبو احمد".

ونستغل فرصة الوزن المحدودة، نلتقط حبات من الفستق والبزر، قبل أن نأخذ ما دفعنا ثمنا له. يتمتم أبو احمد، ونحن أيضا نتمتم بخياراتنا المحدودة بين مقهى السنترال أو الجامعة العربية. وإذا سمحت الموازنة، التي لا تسمح في اغلب الأحيان، فغلى مطعم الأوبرج أو مطعم أبو أحمد. ننسل إلى خياراتنا المحدودة، وتمتماته ما تزال عصية على الفهم عندما يرمي إليك الكيس الورقي بعد أن كال بمكياله الصغير.

أبو احمد لم يعبأ بكل "ماكينات" التحميص الجديدة التي تنتج مئات الأضعاف مما ينتج، وبقي وفيا لمكانه في شارع الملك فيصل، يقف حاجبا على مدخل سوق الذهب، يقف منتصب القامة خلف بسطته الصغيرة، التي دارت عندها حكايات كثيرة.

ذلك قدره، وربما كان يرى أن الثبات في المكان يعطي وعيا أكبر لفهم حركة الزمن المتسارع، وربما وربما وربما.

على روحك السلام أيها الإفريقي العَمّاني.

jihad.almheisen@alghad.jo

الغد





  • 1 حسين الشاعر 08-01-2010 | 06:15 AM

    لقد أبدعت يا أستاذ جهاد بوصفك لراهب عمان أبو أحمد فهو من علمنا كيف نحب عمان ونتجلة في ظلالها وقيظها معاً

  • 2 lonely 08-01-2010 | 09:42 AM

    thank you nice words .this old man was one of the best memories that you never forget, or you don't want to

  • 3 د.طراونة 08-01-2010 | 11:25 AM

    كلماتك المعبرة أصابتني بشيءمن الحزن والحسرة على أيام مرت لكنها في الوقت نفسه أراحتني لأن الأردنيين يمثلون الإنسانية بكل معانيها وليس أبلغ من هذه اللوحة أخي الكريم .

  • 4 د.منتهى الطراونة 08-01-2010 | 01:31 PM

    يقف شامخا قانعا بما يرزقه الله ومن خلفه يلمع الذهب ولا أظنه التفت إليه أو تمنى أن يملكه سبحان الله الذي أعطى عبيده القناعة والرضا يرحمك الله أيها الكادح الذي أصبح رمزا من رموز مدينتنا الجميلة عمان في حين رحل كثيرون ولم يتركوا أثرا.

  • 5 هدى الطراونه 08-01-2010 | 02:23 PM

    الف تحية لكل قلم يعبر عن مشاعر ورومانسية وانسانية الاردنيين وكرمهم ويعيدنا الى زمن الاحاسيس الانسانية الرقيقة بعد ان طغى التفكير في المادة والدنيويات على كل ما هو اصيل وجميل .نحن بحاجة الى بعض الذكريات بين الفينة والاخرى نناى بها عن الاحساس بالالم والحسرة والاحباط الذي يرسم لوحة ايامنا هذه .

  • 6 موسى احمد 08-01-2010 | 07:54 PM

    1000 رحمة على روحك الطيبة لقد كنت تقف في نفس المكان غير عابىء بالظروف الجوية لم يصدف ان نزلت الى وسط البلد الا ووجدته في مكانه المعهود واقف بلا كلل رغم تعب السنين. سوف تبقى يا ابا احمد في ذاكرتنا انت وابا علي صاحب كشك الثقافة وهتلر بملابسه الانيقة العجيبة وكنافة حبيبة وحمص هاشم وارجيلة السنترال عالقين دوما في ذكرياتنا الجميلة ومهما كبرنا او ابتعدنا عن عمان لن ننساكم

  • 7 سامر 09-01-2010 | 01:59 AM

    الله يرحمه

  • 8 مهندس أردني 09-01-2010 | 02:15 AM

    رحمة الله عليك يا أبو أحمد
    بالمناسبه مادا حصل مع هتلر دلك الرجل الأنيق الدي يتقمص شخصية العم سام ,ياإلهي كيف مضى الوقت وسرقنا الزمان وضاع المكان

  • 9 سرحان النعيم 09-01-2010 | 04:10 AM

    رحم الله ابا احمد النيجيري
    لا اعرف مكانا أخر يدعى عمان في مخيلتي سوى وسط البلد،
    عمان الجميلة وعبق التاريخ في وسط البلد وذكريات كل من أحب عمان
    كنافة ع الواقف عند حبيبة وشراب من عند الجامع الحسيني ومقهى الجامعة العربية والسنترال وهاشم وساندويشات فؤاد.........
    عمان في القلب

  • 10 احمد البرناوي 23-02-2010 | 02:28 AM

    نشكر جميع من عزافي رحمة المرحوم ابي الغالي ابواحمد ويجعل مثواه الجنه


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :