facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردنيونَ من الكشرة إلى الضحكة طيبةٌ مؤصلةٌ


أ.د. خليل الرفوع
12-04-2020 04:56 PM

عُرِفَ عن الأردنيين جديةُ أحاديثهم، وصلابةُ مواقفهم، ورجولة دائمةٌ متوارثة، ولعل تلك الصفات الجامعة قد قرَّت في جيناتهم، فالتاريخ القريب يحدثنا أن أجدادهم قد دخلوا في غزوات متوالية أيامَ الحكم العثماني، وطبيعة الغزو الذي أضحى نهج حياة يفرض صرامة في كل كلمة تقال وسلوك ينتهج ونظرة توجَّه، وحينما هبت رياح الثورة العربية رُخاءً من مكة المكرمة كانوا هم عطرها ووقودها ونفحها ولفحها وبارودها، وقد نجحوا مع قادتها في إقامة دولتهم بحد السيف وصيحات فرسانهم وتكبيرات أصواتهم، وكم سقيت الأرض بدمائهم الطاهرة (وهذا درس تاريخي أن أي تفريط بالدولة خيانة لهم وللأرض معًا)، ثم توالت الأحداث القاسية عليهم؛ فحاربوا بشرف الجندية في فلسطين - النكبة ثم النكسة - وكرامة النصر، ورمضان مصر وسوريا، وقد تخلل ذلك كله حركات دخيلة ومحاولات فاشلة لزعزعة النظام وهدم أركان الدولة، فكانوا الرجال الذين لم يسقطوا الراية ولم يخلعوا الطاعة، ثم في مواقف أخرى حينما أرادت اليسارية الثورية أن تحرر كذبًا عمانَ قبل القدس.

تلك كانت أحداث قاسية متتالية لم يأخذ الأردنيون فيها أنفاسهم ولم تسترح عقولهم وأجسادهم من التعب وإعمال العقل، ولم يكن بالطبع مجال للقهقهة والضحك أو حتى للابتسامة واللهو، فقد أشغلتهم الفتن والحروب عنها جميعا، وقد عرف عنهم العبوس أو ما يسمى الكشرة (وهي مرتبطة دلاليا بالأسود) ذلك كان مظهرا عاما متوارثا، وعلى الرغم من ذلك لم تخلْ أجواؤهم من نكات ذات مدلول سياسي واجتماعي واقتصادي حتى اختاروا مناطق بعينها لتكون مستودع نكاتهم وطرفهم، وقد أصبح أهلُ تلك المناطق أكثرَ الأردنيين إبداعا في حياكة النكت ولو على أنفسهم.

ومع المنصات الاجتماعية أضحت صياغة الطرف والنكات صناعة ومهارة لا تطلق إلا لتعبر عن موقف رافض أو مؤيد بأسلوب فكاهي مغلف بكوميديا أو تراجيديا تجاوزت المسرح الفكاهي الذي كان احترافا أردنيا خالصا، من رجاله: هشام يانس ونبيل صوالحة وموسى حجازين الذي لا يقل كوميدية فنية ساخرة عن كبارها في الوطن العربي.

وكانت الكرونا مؤخرًا بكل مآسيها الإنسانية مسرحا مفتوحًا للأردنيين لإبداع الطرف بأساليب تلتقي فيها معًا السخرية والنقد والتوجيه والمتعة مما حول المنصات الاجتماعية إلى مسرح فكاهي نقدي مفتوح لكل المبدعين دون مس بكرامة الناس أو تجريح لشخص ما، وكان ذلك تنفيسا اجتماعيا عن مخزون الإبداع من ناحية وعن حرية منضبطة بأخلاق الدين وأعراف المجتمع وتسلية للمتابعين وهم كثر، أحيانا بالفيديو وأخرى بالصورة وأحيانا بالكلمة، وأكثرها لا يفهمها إلا الأردنيون بكل ثقافاتهم، إنه الأردني فارسا ومبدعا وصانعا للابتسامة بكل مدلولاتها الحضارية والتاريخية والسياسية والأدبية والتوعوية، لقد استمتعنا بقدر حزننا، شكرًا لكل من يجبر وجوهنا على الابتسامة وعقولنا على التأمل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :