facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رمضان .. بين المظهر والجوهر وكورونا


فيصل تايه
22-04-2020 03:52 PM

لا بد أننا فرحون بقدوم شهر الخير والبركة ولكن ؟! هل رمضان هذا الشهر الفضيل فرح بنا ؟ بالتأكيد لن يفرح.. وفي ذلك تفاصيل لا تنتهي.

يأتي رمضان هذا العام ونحن في بأس وشتات اليم وجائحة لا يعرف نهايتها احد ، فشهر رمضان المبارك شهر الخير ولمّ الشمل وإعادة احياء الروح ، بتهذيب النفس وزيادة جرعتها الإيمانية في سبيل إصلاح جوهر الإنسان ، توازياً مع الاهتمام بـالمظهر التعاضدي التكافلي المتمثل في لمات الأحباب على موائد الإفطار والتزاور والصدقات ، ليقتصر هذ العام في ظلال المواجهة المحتدمة مع فيروس كورونا على الجوهر دون المظهر ، وإن اقتصر هذا الأخير على التواصل الإلكتروني عبر الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة .

سنشعر باختلال في التوازن بين الجوهر والمظهر ، أو بين المضمون والشكل ، لينبغي أن يُعطي الجوهر من الاهتمام والعناية والبلورة القسط الأكبر وهذه فرصة جوهرية حقيقية لتغليب مستوى الكينونة ، فقد كانت التحولات باتجاه الشكليات تجعلنا نعيش عادات وتقاليد ارتسمت ضمن طقوس حياتنا الرمضانية التقليدية ، فهل تكون الصحوة بالنظر إلى حقيقتنا بإعادة التوازن من جديد بين الشكل والمضمون، والجوهر والمظهر ، فالشواهد توحي بوجود تلك الروح الإيمانية المعتادة في استقبال رمضان ، رغم أننا عشنا بالفعل خلال الأسابيع الماضية لحظات العجز والتسليم والعبودية ، وبلغنا ذروة الخضوع للقوة الإلهية المطلقة ، ليدخل علينا رمضان ويزيد طاقتنا الإيمانية ، وينقذ قدرتنا على التحمّل ، للمسارعة إلى الرحمة والمغفرة ، علّ الله عز وجل يرفع عنا البلاء وهو كفيل به ، لكن يبدو أن هذا الجائحة لم تصب فقط الأجساد ، لكنها احّيت أيضا القلوب والنفوس ، حتى إن جاءها رمضان وجدها متيمة بالايمان ، فما سيحمله الشهر الكريم جوهراً مميزاً وشديد الخصوصية والتفرّد ، فيبسط روحانيات وينشر سلاماً وتسامياً وتبتّل لله وتنفل لعباده ، فقد رأينا بأعيننا قدرة الله على البطش بعباده ، وإن كانوا على يقينٍ مسبق بالقدرة الإلهية ، ولا يعني ذلك أن رمضان هذا العام سيزيد المؤمنين إيماناً أو سيستقبله المسلمون بيقين أعلى وعقول أوسع دراية وقلوب أكثر هداية ، فقد تكون هذه الرّدة إلى الروحانيات والإيمانيات ليست مقصورة على المسلمين وحدهم ، فمعظم الديانات والعقائد، عاد إليها أصحابها بحثاً عن مهرب أو مخبأ من ذلك القاتل الشرس الخفي المجهول .

مع هذا الوباء وفرض حظر التجوال والحجر المنزلي وتطبيق التباعد الإجتماعي وغلق لأغلب الأماكن التي تشهد تجمعات كبيرة مثل الأسواق والمراكز التجارية وحتى المساجد ، ولا يبدو أن أمد هذه الإجراءات سيكون قصيرا ، ومع حلول شهر رمضان وفي ظل هذه المعطيات ، فرمضان يأتي في ظروف إستثنائية جدا وبالتالى سنشعر ان له طعم آخر ، فأولها المساجد التي أغلقت أبوابها في وجه المصلين ، وفي هذه الحالة فإن إحياء صلاة التروايح سيكون أمرا مستحيلا فيها ، فضلا عن الصلوات الأخرى ، وكذلك لن يكون هنالك إحياء الليل بالقيام ، ولا جلسات السمر ولا السهر بعد الإفطار كما تعودنا ، ولا تجمعات مسموحة في فترة الحجر ولا أنشطة جمعوية يكون فيها تجمعات وعليه ستغيب هده المظاهر أيضا ، كما أن رمضان لطالما كان فرصة للزيارات العائلية ، فلا زيارات للأقارب والارحام ، وفي ظل تطبيق هذا التباعد الإجتماعي .

جاءت هذا الجائحة لتكون فرصة لندرك أن الأزمات التي تمر علينا إنما هي دروس وعبر للتفكر بالحاضر والمستقبل وتغيير العادات والسلوكيات التي اعتدنا عليها كروتين سنوي ، والتي لا تساعد في مواجهة الأزمات ، بل تزيدها تعقيداً تهدد حياتنا وتصبح وسيلة للزيادة في البذخ والخنوع والقبول بسياسة الواقع المفروض ، ولهذا تستطيع ان تهذب نفسك بالايمان وتلتفت لتصون حقك في حياة كريمة متوازنة فيها العبر ، وتصحح من متواليات تثقل كاهلك وتقبل التحدي ، لتتحدّث بقوة في ساعة المواجهة مع الحياة ، كي لا يخنقك الغبار المتراكم في شقوق حنجرتك ، وتتفاعل مع حياتك بطريقتك لا بطريقتها ، لتكون الاقوى ولتصل حيث حطّت قوافل حظّك ، وحينها تستجد التهذيب والتقنين في ذاتك لترقى وتنجح وتكون مبعثا للخير والبركة .

وأخيرا .. فاننا نتطلع في هذا الشهر الفضيل للاسترحام والتضرع من أجل رفع البلاء والوباء ، فاهلا بك يا رمضان لكننا نعتذر لك أيها الشهر الفضيل ، فقد كنا نودّ أن نكون بأفضل حال ، لكننا مضطرون على مقاطعة روحانيتك بمظهرها وجوهرها المعتاد ، لما المّ بنا من جوائح لا تنتهي .

والله المستعان





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :