facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الترهل الاداري: رسالة الى الرئيس (١)


د. عادل يعقوب الشمايله
18-05-2020 10:26 AM

تناقلت وسائل الاتصال تصريحات لرئيس الوزراء وآخرين من مرؤوسيه، موضوعها الترهل الاداري والتوجه الحازم للقضاء عليه. وقد ثنّى على التصريحات والاجراءات كُتاب مقالات بعضهم يحمل شهادة الدكتوراه.

اريد بهذه المداخلة ان اصوب خطئا وقع فيه جميع من ذكرتهم اعلاه ووقع به اخرون قبلهم، لإن التطرق للموضوع تكرر منذ ثلاثين سنة.
يخلو قاموس علم الادارة من عبارة "الترهل الاداري". كما انه لا توجد له ترجمة الى اللغة الانجليزية. وحتى اكون اكثر دقة، ولكون علم الادارة هو احد العلوم التي اخترعها وطورها ولا زال يطورها الغرب، ونحن مجرد مستهلكين، فإنه لا توجد عبارة باللغة الانجليزية مقابلة تماما "للترهل الاداري". ونظرا لأن المفهوم غريب على باحثي علم الادارة، فإنه يصعب العثور على ابحاث اكاديمية منشورة في اي مجلة علمية محكمة تحت هذا الاسم.

المواصفات التي تندرج تحت عنوان الترهل الاداري تنحصر في الدول النامية ومن بينها الاردن التي تعاني من فوضى القرارات بشكل عام. ولأن تعيين الموظفين في الاجهزة الحكومية والشركات في الدول المتقدمة يرتبط بالهيكل التنظيمي وبالوصف الوظيفي، وملء الشواغر، فإن لا مبرر لظهور عمالة زائدة ولا بطالة مقنعة.

واذا كان واقع الامر كذلك، فإن دولة رئيس الوزراء ومن شايعه، يكونون قد اطلقوا سهامهم على مجهول او شبح ghost. مقارنة الرئيس لما سماه الترهل الاداري بالمرض، وأنه يريد ان يعالجه، سيجعله كالطبيب الذي قرر تقديم علاج لمرض غير موجود وغير مشخص في ذاكرة الطب ولم يُخترع له دواء. لذلك فإن التشخيص سيكون اعتباطيا، وكذلك العلاج.

ذكرتني التصريحات، بردة فعل الحجاج على سلوكيات بعض المصلين حين كان يخطب فيهم، مع انني اربأ بالرئيس ان يُشبه به:

إني ارى رؤوسا قد اينعت وحان قطافها وإني لصاحبها. لم يكن التهديد مكافئا للتحدي الذي عاينه للحظات.

في جميع حالات التغير الكبير المقصود، والتي ترتفع حدتها لتتصف بالانقلابية، لا بد من قميص عثمان.

حكومة دولته، ومنذ اشهر تجري عملية جراحية كبرى للجهاز الاداري الاردني. وهذا ما يجعلها بحاجة لقميص عثمان.

في عالم الطب، يحدث احيانا أن يتسرع بعض الجراحين بإستئصال عضو من جسم الانسان لأنه متهم بخطأ ما او ازعاج ما للمريض. بينما يتم التراخي في التعامل مع كتل او تورمات تؤرق المريض حقا بل وتهدد حياته. ويوثق تاريخ العمليات الجراحية لالاف الاخطاء الطبية. قلة منها لجراحين مهرة، لكن اغلبها لجراحين غير مهرة.

آلاف الموظفين من حملة الشهادات الجامعية، ومن يشغلون الصفوف الاولى في الوزارات والدوائر ممن تراكمت لديهم خبرات جيدة، يتم احالتهم الى التقاعد وهم في ذروة العطاء، قبل أن يصلوا الى عمر الستين. الذريعة التي تقدمها الحكومة هي الترهل الاداري، ويقصد بذلك وجود اعداد كبيرة من الموظفين الزائدين عن الحاجة. هنا يتم بوضوح الخلط بين الكم والكيف. يتم التركيز على اعداد الموظفين وإغفال قدراتهم. إذ لم توضع آلية غربلة ذات مصداقية ونزاهة وخاضعة لرقابة القانون. ما يصبو اليه الرئيس في اخر المطاف هو تخفيض النفقات.

انا متأكد ان دولة رئيس الوزراء يعلم بأن المحالين على التقاعد سيستمرون في تقاضي المال من خزينة الدولة ولكن سيتغير البند من بند الرواتب الى بندي التقاعد المدني او الضمان الاجتماعي. اي ان الوفر المالي سيكون رمزيا.

القاء هذه الخبرات المؤهلة نوعا ما، خارج الجهاز الاداري، تجئ من حكومة خضعت كالحكومات التي سبقتها لابتزاز النواب، والذي نجم عنه تعيين الالاف ممن لا حاجة لهم اصلا، ولا يحملون مؤهلات جامعية وان حملوها فقد عينوا في المكان غير المناسب. مثلا حامل شهادة علم نفس او شريعة يعين في وزارة الزراعة او وزارة المياه. تم الالتفاف على نظام التشكيلات وحتى على بلاغات الرئاسة نفسها وعُينوا على حساب المياومة ثم نقلوا الى الفئتين الثالثة والرابعة وبعقود بعضها مبالغ برواتبهم. التعيينات التعسفية التي تسببت بها جائحة المجالس النيابية المتتالية والتي تشكل جرائم رشوة من الحكومات المتعاقبة للنواب واصحاب النفوذ، هي التي تمثل الاورام الخبيثة التي نتوقع ونحب أن يستأصلها الجراح الدكتور عمر الزاز. معظم المستفيدين من هذه التعيينات حمولة زائده حقا، ،لم يستحقوا بعد تقاعد الضمان الاجتماعي. اي ان التخلص منهم كفيل بتحقيق وفر حقيقي في النفقات ويخضع الجهاز الحكومي لبرنامج رجيم صحي. ولتكن البداية بمن عينوا في مجلس الامة.

في مقال لاحق سأبين لدولة الرئيس ماذا يقول البحث العلمي في المسألة. حتى لا ينطبق قول المهلب بن ابي صفرة للحجاج (مع التصرف): من البلية ان يكون الرأي حبيسا عند من يملكه، وأن لا يبصره من يلزمه. لقد تنقلت بين سبع هيئات حكومية خلال عقدين ونصف. الظاهرة المشتركة بينها قلة عدد الاشخاص المؤهلين الفاعلين القادرين على ادارة محرك الوزارة او الدائرة. طبعا هذه مشكلة يعاني منها القطاع الخاص ايضا. لدينا الكثير من الشهادات والقليل من الكفاءات. هذا القليل يتم حصاده، بحجة أنه إصفرّ. لكن لا زالت سنابل الاخضر يا دولة الرئيس فارغة. وقد يظل معظمها كذلك. دمت بخير وصحة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :