facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حين تكون العبودية أساسا تنشأ عليه الدولة


د. محمود الشوابكة
03-06-2020 10:02 PM

"سأرسل لكم ماتحتاجونه من ذهب وماتتمنونه من عبيد"؛
تلك هي العبارة التي بعث بها ( كولومبوس)، إلى مجهزي حملته في إسبانيا، بعد وصوله إلى ماسُمي لاحقا بأميركا، التي ظن حينها أنها الهند.

يبدو واضحا من عبارة (كولومبوس) تلك، أن العبودية كانت فكرة أساسية قامت عليها الدولة الأمريكية، من بين ماقامت عليه من أفكار، وأن حادثة (جورج فلويد) إنما تؤكد على السلوك المتجذر في العرق الأبيض، ليس نحو الهنود الحمر أو أصحاب البشرة السوداء وحسب، بل نحو معظم شعوب العالم.

وفي إطلالة سريعة على تاريخ العرق الأوروبي فيما بات يسمى أميركا الشمالية، نجد أنه قد تسبب، بين عامي١٤٩٤م و ١٥٠٨م، في وفاة أكثر من ثلاثة ملايين شخص من سكان البلاد الأصليين؛ نتيجة للعبودية أو للحروب، أو للأشغال الشاقة التي أُجْبِروا عليها.


ولقد شكلت مؤسسات العبودية، حتى نهاية الحرب الأهلية الأمريكية، سنة ١٨٥٦م، عماد الاقتصاد الأمريكي؛ حيث استعبد الغُزاة الأوروبيون في العقود الأولى من القرن السابع عشر، سكان البلاد الأصليين الذين أطلقوا عليهم تسمية: الهنود الحمر.


لكن وبعد الإنتشار السريع لزراعة القطن بدءاً من العام ١٦٧٠م أصبحت أعداد العبيد، من الهنود الحمر، غير كافية لتلبية متطلبات استعمار الأرض الجديدة ونهبها، الأمر الذي بدأت معه صفحة سوداء أخرى من صفحات العرق الأبيض، تمثلت في انطلاق، ثم انتشار، تجارة الرقيق الإفريقيين، على نطاق واسع؛ حيث تأسست العديد من الشركات المتخصصة في ذلك، والتي من أبرزها؛ شركة بريطانية تُدعى:

" الشركة الإفريقية الملكية لتجارة الرقيق في إفريقيا"!!!، وأخرى فرنسية؛ تُدعى:"شركة السنغال لتجارة الرقيق في إفريقيا" !!!.

ورغم أن العملية برمتها هي عملية مناقضة لأبسط قيم الإنسانية، فإن بشاعتها التي تجلت في تسمية تلك الشركات إنما تجلت أكثر وأكثر في أساليب جلب العبيد، وفي ظروف نقلهم؛ حتى أنهم لم يحظوا، بماتحظى به المواشي التي تُنقل، اليوم، عبر بحار العالم، ذلك أنهم كانوا يُثبتونهم مُمددين على ظهورهم، في عنابر السفن، مُصفدي الأيدي والأرجل، في ظروف غاية في الوحشية، إلى الحد الذي كان فيه أقل من نصفهم هو من يظل على قيد الحياة عند بلوغ السفينة وجهتها، وكان البحر "قبرا" للذين يهلكون منهم أو يمرضون!؛ ذلك دونما وازع من ضمير أو رادع من أدنى خلق إنساني.

لاحقا لذلك توسعت عمليات جلب العبيد، على نحو مذهل، وتضخمت أعدادهم، بشكل كبير، حتى بلغ تعدادهم عام ١٧٩٠م مايقارب السبعمائة ألف، لتستمر عملية جلبهم بوتيرة أكبر، حتى بلغ تعدادهم، في العام ١٨٦٠م، مايزيد عن الأربعة ملايين.

وحيث أن العبد كان سلعة تشترى وتباع، فقد بلغت قيمتهم السوقية سنة ١٨٠٥م، حوال ٣٠٠ مليون دولار، لترتفع في العام ١٨٦٠م، بمقدار عشرة أضعاف؛ حيث بلغت قيمتهم السوقية؛ تلك، حوالي الثلاثة مليارات من الدولارات وهو رقم مذهل للغاية في مقاييس ذلك الزمان.

وقبل اختتام الحديث تجدر بنا الإشارة إلى مرحلة تحرير العبيد، ليس باعتبارها نقطة مضيئة في التاريخ الأميركي؛ لأن تحررهم هو الأصل؛ بل لأن فكرة تحريرهم قد تولدت كنتيجة مباشرة لتضارب المصالح بين الرأسمالية الزراعية، المسيطرة على الجنوب( والتي من أعلامها جورج واشنطن)، وبين الرأسمالية الصناعية والمالية المسيطرة على الشمال( والتي من أعلامها جون روكفيلر وآل روتشيلد) ذلك أنه ونتيجة لمعارضة الجنوبيين للقوانين التي أراد الشماليين تمريرها لخدمة مصالحهم، فقد اختار الشماليون شعار تحرير العبيد عنوانا لحربهم ضد أهل الجنوب- والتي نشبت على إثرها، في العام ١٨٥٦م، مايعرف بالحرب الأهلية الأميركية- بالنظر إلى أن ٩٠٪؜ من العبيد كانوا في الولايات الجنوبية!. وهنا يبدو جليا أن فكرة تحرير العبيد قد جاءت عقابا من الرأسماليين الشماليين للرأسماليين الجنوبيين، لتخسيرهم القيمة السوقية للعبيد الذين "يملكونهم" والتي كانت تقارب ال٢.٧ مليار دولار!.

وبالتالي فإن فكرة تحرير العبيد إنما جاءت لأهداف أبعد ماتكون عن النبل وعن الإنسانية.

تلك هي أميركا، التي نشأت من جذورها على رفض الآخر، وعلى اجتثاثه واستعباده ونهب ثرواته؛ نعم تلك هي جذور تلكم الشجرة، وذلك هو جذعها وهذه هي أغصانها وفروعها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :