facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل بدأت الحرب الأهلية الأمريكية الثانية؟


داود عمر داود
04-06-2020 05:16 PM

في عام 1968، تعرض زعيم الحقوق المدنية الأمريكي، مارتن لوثر كينغ، للاغتيال، في مدينة ممفيس، بولاية تينيسي.

وفي عام 2020، تعرض المواطن الاسود، جورج فلويد، للقتل خنقاً على يد رجل شرطة من البيض، في مدينة مينيابولس، بولاية مينسوتا. اثنان وخمسون عاماً تفصل بين الحدثين، لكن تغير الظروف، السياسية والاجتماعية، جعلت من مقتل مواطن بسيط أشد وطأة على مواطنيه من مقتل زعيم بحجم وتأثير مارتن لوثر كينغ، الذي كرس حياته لإنهاء التمييز العنصري ضد السود.

احتجاجات الأمس واليوم

انفجرت، ليلة اغتيال كينغ، أعمال عنف في كبريات مدن البلاد، واشتعلت النيران في شيكاغو، وبوسطن، وواشنطن، ونيويورك. وأاستدعي ستون الفاً من الحرس الوطني إلى شيكاغو، وتسعة آلاف الى واشنطن، وجرى اعتقال الآلاف، ونشوب مئات الحرائق.

أما أعمال العنف التي بدأت بعد مقتل فلويد، فقد انتشرت في غالبية المدن، وفي جميع الولايات بلا استثناء. وتم فرض حظر التجول في 40 مدينة، وقامت 12 ولاية باستدعاء قوات الحرس الوطني، خشية انتشار الفوضى العارمة. وقد قُتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص، وأُعتقل أكثر من 4000 آلاف متظاهر، وتحولت الاحتجاجات إلى أعمال النهب والسلب، والتخريب وإشعال الحرائق.

التدخل العسكري
ويظل إحتمال إستدعاء الجيش من قبل الرئيس ترامب قائماً، في حال إنهيار الأوضاع. فقد هدد مرارا باللجوء إلى الخيار العسكري لقمع المظاهرات، عبر إنزال قوات الجيش إلى المدن. ولأن عقيدة الجيش الأمريكي قائمة على قتال الأعداء، وليس قتال المواطنين، فقد خالفه الرأي وزير دفاعه، مارك إسبر، الذي قال إن الحالة لا تستدعي تدخل الجيش بموجب قانون التمرد، واصفاً ذلك (بالملاذ الأخير)، حين يكون الوضع طارئاً واليماً. كما اتهم وزير الدفاع السابق، جيم ماتيس، ترامب بالسعي إلى تقسيم البلاد، ودافع عن المتظاهرين الذين وصفهم بأنهم يطالبون بحق المساواة.

مقتل فلويد: القشة التي قصمت ظهر البعير
هناك فرق شاسع بين أحداث عام 1968 وأحداث اليوم. فرغم أن أصابع الاتهام كانت تتجه الى الأذرع الحكومية في إغتيال كينغ إلا أن السياسيين، أنذاك، ساهموا في تهدئة الخواطر، وأبدوا تعاطفاً، بمن فيهم الرئيس ليندون جونسون، الذي صدر قانون الحقوق المدنية في عهده. أما اليوم، فإن السياسيين صمتوا، واختفوا عن المشهد، وظل ترامب وحده الذي يتحدث، ويستعدي المتظاهرين يومياً، فزاد الأجواء إحتقاناً. يضاف إلى ذلك أن الأوضاع مهيئة أصلاً للتصعيد، بسبب الإنقسام السياسي الحاد، الذي تعاني منه البلاد منذ عشرين عاماً. فالنخبة الحاكمة غير متصالحة مع نفسها، فيما الشرخ العرقي يتعمق، يوماً بعد يوم، وجاء تفشي فيروس كورونا، ليزيد الطين بلة، حيث غالبية ضحاياه من السود، ثم جاءت حادثة قتل فلويد لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير، واشعلت أحداثاً يصعب التكهن إلى أين تقود البلاد.

حركة أنتيفا والحزب الديمقراطي
وقد ألقى الرئيس ترامب اللوم على نشطاء حركة (أنتيفا) بأنهم كانوا وراء أعمال العنف خلال الاحتجاجات، وهدد بتصنيفها كمنظمة إرهابية. و(أنتيفا) هي حركة يسارية عنيفة مناهضة للفاشية يتصدى أعضاؤها لمعارضيهم من اليمين المتطرف، الذين يصفونهم بالعنصريين والفاشيين، من أنصار ترامب، أصحاب نزعة تفوق العرق الأبيض. وهم معارضون للنظام الرأسمالي، وغالبيتهم يحملون أفكاراً شيوعية واشتراكية وفوضوية. ويرتدون ملابس سوداء اللون، ويخفون وجوههم. لذلك فإنها ليست منظمة، بقدر ما هي مظلة تضم تياراً عريضاً من النشطاء اليساريين. ويقول مسئولون في إدارة ترامب انه من الصعب تعقب المنتمين لها.

ولقد وُجهت اتهامات لحملة المرشح الرئاسي، جو بايدن، بتقديم الكفالات المالية للافراج عن هؤلاء المحتجزين، في مراكز الشرطة، وخاصة في مهد الاحتجاجات، مدينة مينيابولس، بولاية مينيسوتا، التي أخذ كثير من مؤيدي الحزب الديمقراطي يتقاطرون إليها للافراج عن الموقوفين، جراء الأحداث، مما يؤشر إلى وجود علاقة بين الحزب الديمقراطي وحركة (أنتيفا)، كما هي العلاقة بين ترامب ومليشيات البيض من اليمين المتطرف.

تدخلات دولية
وكرد فعل مناهض للعنصرية ضد السود، خرجت مظاهرات في في الكثير من العواصم العالمية، منها لندن، وباريس، وبرلين، وساو باولو، وغيرها تضامنا مع احتجاجات أمريكا. وكانت بريطانيا من أولى الدول التي علقت على الأحداث، حيث أعرب وزير خارجيتها عن أمله (أن تتوحد الولايات المتحدة وأن تعود معا، ولا تمزق نفسها). وأضاف (لا نريد أن نرى تصعيداً لكل تلك التوترات ونريد للأميركيين أن يظلوا موحدين).

ولما طلب الصحفيون تعليق جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا، صمت لمدة 20 ثانية قبل أن يجيب قائلاً: (ننظر بخوف وانزعاج لما يحصل في الولايات المتحدة). وأضاف، في انتقاد مبطن للرئيس ترامب: (أنها لحظة جمع الناس، ولحظة إصغاء، ومعرفة أشكال الإجحاف، التي تتواصل منذ سنوات، وحتى عقود، رغم إحراز تقدم).

شماتة الصين
وقد عبرت الصين عن شماتتها، فنشرت الناطقة باسم الخارجية الصينية الجملة الأخيرة التي قالها القتيل جورج فلويد (لا أستطيع التنفس) وأرفقتها بتصريح للناطقة باسم الخارجية الأمريكية، الذي انتقدت فيه تعامل بكين مع المحتجين في هونغ كونغ. فيما كتبت صحيفة صينية ناطقة بالانجليزية تقول ان رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، وصفت يوما ما الاحتجاجات العنيفة في هونغ كونغ بأنها مشهد جميل يجب أن ننظر إليه). وعلقت الصحيفة الصينية بالقول (يمكن الآن للسياسيين الأميركيين الاستمتاع بهذا المشهد من نوافذهم الخاصة).

الحرب الأهلية الباردة
يتعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسيل متواصل من الانتقادات من الصحافة ووسائل الإعلام، إلا أن ما لفت النظر هو تعليق الصحفي المخضرم كارل برنستاين، الذي أُشتهر بالكشف عن فضيحة ووترغيت، أوائل السبعينات، التي أدت إلى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون من منصبه. فقد اتهم برنستاين ترامب بـ (إشعال الحرب الأهلية الباردة) في أمريكا. وقال ان البلاد في أزمة رئاسية أسوأ بكثير من فضيحة ووترغيت، (لأن الرئيس، اختار وضع مصلحته الذاتية، فوق المصلحة العامة، في كل منعطف، بما في ذلك احتمالات إعادة انتخابه، بدلاً من الإهتمام برفاه شعبه، ومعاملته بإسلوب حضاري، والمحافظة على العقد الاجتماعي، وممارسة دوره القيادي كرئيس للبلاد).

خلاصة القول
يبدو واضحاً أن الإنقسامات، وتراكم الأزمات الداخلية، وضعت الولايات المتحدة على مفترق طرق خطير. فالحديث عن حرب أهلية أصبح حديثاً علنياً، على لسان المراقبين، وتعليقات بريطانيا وكندا، تضمنت كلمات مشحونة مثل: التمزق، والوحدة، والخوف، والانزعاج، وهذه مفردات دبلوماسية لها دلالاتها، وتحمل في طياتها الكثير من المعاني، والخشية من أن تتحول الحرب الأهلية الأمريكية الباردة، التي تحدث عنها برنساتين، إلى حرب ساخنة، تحرق الأخضر واليابس.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :