facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وزارة التربية والتعليم .. وعقدة الكمال والمثالية


فيصل تايه
07-07-2020 02:39 PM

من إيجابيات أزمة كورونا أنها أظهرت مقدرة كل قطاع من قطاعات الدولة على إدارة هذه الأزمة بمهنية عالية للتعامل مع هذا المستجد وتقديم الخدمات بطرق وأساليب مختلفة وحسب ما يتطلبه الواقع ، لكن وزارة التربية والتعليم هذا القطاع الحيوي الهام الذي يعنى بكل أسرة ، مثله مثل أي قطاع كان يقدم خدماته التامة بكل همة ومسؤولية ، الى ان حلت أزمة كورونا ليتعذر معها تقديم خدمة التعليم المباشر للطلبة ، وبناء عليه لم تقف الوزارة مكتوفة الأيدي تجاه ذلك بل سارعت الى إيجاد طرق جديدة وبديلة لاستمرار التعليم ، محاولة تجنب كل العوائق المكانية أو الزمانية التي فرضتها المستجدات التي حالت دون مواصلة عملية التعلم الاعتيادية ضمن الصفوف المدرسية ، فحولت عملية التعليم الى تعليم رقمي «التعلم عن بعد» من خلال منصات الكترونية متعددة ، ترتكز على التقنية والتعلم الذكي والأساليب المتفردة التي تواكب الحداثة ، وسخرت مخزونها الرقمي من التكنولوجيا والموارد التعليمية والأكاديمية والالكترونية لخدمة طلبتنا ، واستثمرت ايضاً كافة الطاقات والإمكانيات ودعم الشركاء بوقت قياسي وبجهود جبارة لمواجه كل التحديات والصعوبات ، ليس من قبل قطاع التعليم فحسب بل حتى من قبل الطلبة أنفسهم وأولياء أمورهم ، حيث شكل هذا التفاعل اسلوبا جديدا يرهق كافة اطراف العلمية التعليمية مع هذا التغيير ، ما شكل عبئا كبيرا على الوزارة والمسؤولين فيها.

المسؤولون في قطاع التربية والتعليم وعلى راسهم معالي الوزير الدكتور تيسير النعيمي جاءوا من رحم العمق التربوي وبالرغم من حداثة عهدهم كمسؤولين في استلام مناصبهم الحالية منذ اشهر قليلة قبيل ازمة كورونا ، الا ان فكرهم تمحور حول دراسة وتقييم الظروف والمؤثرات التي اثرت على وزارة التربية والتعليم في فترات سابقة بكل تفاصيلها وارهاصاتها ، من أجل التطلع للمستقبل وفحص الاحتمالات بما يصل إلى تقدير سليم للمواقف ، في محاولات لانتهاج سياسة تربوية إصلاحية يقتنعون بها قناعة تامة مستمده من مخزونهم التربوي والمهني قائمة على التخطيط الاستراتيجي املآ في تحديث منظومة التعليم المصابة بالوهن والهرم وتطوير البناء الديمقراطي ، وبما ينسجم مع متطلبات المرحلة القادمة ، حيث كان همهم اولاً ومنذ تسلمهم لمهامهم مسؤولية تصحيح اعباء الحالة التراكمية العامة التي كانت تعاني منها وتعيشها وزارة التربية والتعليم في سنوات خلت ، فقد كان مجتمع التربية والتعليم يعاني من اغلب القرارات التي كانت تقع فريسة أساطين تبحث في المقام الأول عن سبل لاظهار المنظومة التعليمية على انها منظومة ناجحة، ومنهم قيادات " الحرس القديم " التي كانت تتربع على عرش الوزارة ، وتمارس اسلوب تلميع الذات أكثر من البحث عن صيغة منهجية تنقذ التعليم من أسقامه وتقرحاته التي أعيت من يداويها ، وتكون نابعة عن فهم عميق لمفردات الواقع ، فقد ارهق الجسم التربوي منذ عدة سنوات التخبط في القرارات التربوية وخاصة الادارية منها ، تلك التخبطات غير المتوازنة ، أسست قانوناً خالصاً لتدمير الحياة الإبداعيه ، وجعلت من معايير المحسوبيه مساحةً لصعود من لا يستحق على حساب من يعملون بصمت للنهوض بالعمل قبل أن يرتطموا بجدران الانانية والمكاييل الشخصيّة ، الأبعد ما تكون عن معايير العمل الرامي للبناء السليم المحاصر بالوجل ، حيث تم تحييد الكفاءات التربوية المشهود لها ، ومورست ضدها صفة التطفيش والتقليع وتلفيق الاكاذيب والاتهامات "ليبقى الميدان لحميدان" وقس على ذلك ، واضافة الى كل هذا ، جاء قرار مجلس الوزراء الخاص بالتقاعد المدني بهدف التشجيع على التقاعد حيث نفذ بتوقيت زماني غير مناسب والذي افرغ الوزارة مما تبقى من الكفاءات العاملة في أجهزتها ، لتبدأ المعاناه جراء النقص في الكوادر الخبيرة ، كل ذلك شكل عبئاً جسيما وثقيلاً على مهام ومسؤوليات وزارة التربية والتعليم ، لهذا الواقع خطر لي قصة سيدنا موسى عليه السلام لما رأى أنَّ القيادة في أعلى رتبها وأكملها لم تكن لتنفعَ والقاعدةُ في الحضيض رغمَ كثرتِها، عندئذٍ أجابَ عليه السلام ربًّا دعاه، وفارق قاعدةً رضيت بالعودة، وكان من أسوأ أوصافها النكران والتنكُّر والجحود: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}

لكن صاحب البيت أدرى بغدراء بيته والقيادات التربوية التي تسلمت مهامها بقيادة الوزير المخضرم أدرى بغدراء المؤسسة التربوية وزواياها الرمادية وإيجاد مساع لقراءة تفاصيل المشهد العام للواقع التربوي وتاسيساً لقواعد متينة لبناء مؤسسي أكثر حدة وكفاءة لما فات ولما سياتي ، وكذلك العمل على تجاوز المرحلة بالاستعانه بكافة الخبرات والكفاءات السابقة واللاحقة وان احيل الكثير منها على التقاعد ، لذلك وضمن هذه الظروف الحالية التي فرضت بفعل الجائحة كان لدى القيادات الجديدة اولوية الإصرار على ضرورة استمرارية العملية التعليمية ، وألا ينقطع الطلبة عن تحصيلهم الدراسي بأي شكل من الأشكال في هذا الظرف الاستثنائي ، ما دفع بالوزارة إلى تسخير كل الإمكانات لديمومة الحركة التعليمية عبر التطبيقات الإلكترونية المتاحة ، ولم يقف الأمر عند ذلك بل صاحب هذه العملية تدريب للكوادر التعليمية في طرق إنتاج دروس إلكترونية ومواد إثرائية عبر المنصات التفاعلية لتسهل على الطالب عملية التعليم عن بُعد، وصاحب ذلك تقييم مستمر لقياس مدى أثر هذه الخطط وفعاليتها من أجل التطوير والتحسين، ولا شك أن التعليم عن بُعد يعتبر وسيلة مساندة ولا يقوم مقام التعليم النظامي الا ان الإجراءات التي قامت بها وزارة التربية والتعليم كانت طرق للعلاج اتخذتها من بين الأفضل على مستوى المنطقة بل والأكثر مرونة في كل سياسات التعليم وطرق التدريس بل حتى في المحتوى التعليمي في المناهج الدراسية.

لن تدعي وزارة التربية والتعلم الكمال والمثالية التي لا توجد إلا في خيال الفلاسفة ، والكمال لله عز وجلّ ، لكنها لم تدع المثالية إطلاقاً بل سعت لإيجاد حلول مثلها مثل باقي الوزارات التي غيرت من طرق تقديم خدماتها تماشيا مع هذه الأزمة ، وضمن ظروف استثنائية صعبة ، وبطبيعة الحال هذه الحلول لا يمكن أن تأتي بالشكل الذي يحقق الرضا التام لدى الجميع لأنها جاءت كبدائل استثنائية وبالأخص عندما نتحدث عن عملية التعليم وما يصاحبها من عناء ومشقة سواء داخل المدرسة أو في المنزل ، اضافة الى امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة الذي فرض على الوزارة مرغمة لاستخدام وانتاج نمط جديد للتقيم لربما لاقى امتعاظا وتحفظاً لدى مجتمع التربية والتعليم والمجتمع الاردني ككل.

اضافة الى كل ما سبق وذكرته يجب الاشارة الى مهمة تربية النشء ومسؤولية ذلك ، والتي هي عملية مشتركة تشترك فيها الأسرة والمدرسة والمجتمع ، ومن المشين أن يُلقى اللوم على وزارة التربية بينما تتقاعس الأسرة والمجتمع عن ابسط واجباتهم تجاه الناشئة ، ومع بقاء الأبناء في المنازل عرف الناس قيمة المدرسة ، وأدركوا قيمة المعلم والجهد الذي يبذله، وأدركوا كذلك أهمية التعليم بالنسبة إلى مستقبل أبنائهم وإلى الوطن بأكمله ، وعلى الرغم من أن الآباء والأمهات مكثوا في بيوتهم خلال فترة الحجر للحد من انتشار الوباء، فإنهم وجدوا صعوبة في احتواء أبنائهم وتحملهم طوال اليوم، ولكم أن تتخيلوا الجهد الذي يبذله المعلمون طوال العام .

واخيرا فانا اعتقد ان ايمان وزير التربية والتعليم قائم على قناعة تامة بسرعة التعايش مع الواقع الجديد والتركيز على التكنولوجيا واستخدامها بشكل يمكن جميع العاملين من تطوير استخدامها في التفاصيل التي تتطلبها طبيعة المرحلة في المستقبل لإدخال التكنولوجيا كمكون ضرورى بالتعليم ، وتسخير المنظومات الرقمية بشكل تام خاصة في التعليم المدمج والمتمازج وبما يحقق صالح تعليمنا ومجتمعنا بأكمله ، ومن هنا تأتى ضرورة المصارحة والتقويم لما حدث خلال السنوات الماضية فى قضية تكنولوجيا التعليم التي ابادها وللاسف بعض الوزراء السابقين ، لأنه بدون هذه المصارحة سيكون علاج خاطئ آخر قد لا يحتمله المستقبل.

بقي ان اقول ان الله عز وجل يشهد اني لا احابي احد ولا اطمع في جاه او منصب ، فالكل يعلم انني تركت وزارة التربية والتعليم منذ فترة وكنت كما انا ، ولكن اثرت على نفسي ان اقول كلمة من باب الإنصاف وإحقاق الحق ، والله في عون الجميع ، فالواقع لا يمكن نكرانه ولا يجب اقفال الجروح القديمة لتبقى على عفنها ، والتعليم في هذه المرحلة لم يكن على الإطلاق سهلا ، والتجربة الاردنية الاستثنائية ضمن هذه الظروف كانت من أفضل التجارب التربوية على مستوى المنطقة ، على الرغم من محدودية الإمكانات مقارنة بدول الجوار الأكثر ثراء..

هذه كلمة حق تقال..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :