facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مراجعة لكتاب في خدمة العهدين


د. فيصل الوريكات
16-07-2020 05:52 PM

أهمية كتاب "في خدمة العهدين" تأتي بصورة اساسية من طبيعة المناصب السياسية التي تولاها المؤلف فقد تولى اهم المناصب السياسية في الاردن الحديث واهمها رئاسته للديوان الملكي ورئاسة الوزراء لمرتين في عهدين مختلفين , وهذا هو سبب تسمية الكتاب , واما المناصب الاخرى التي تسلمها فهي قيادته لمفاوضات السلام مع اسرائيل وتولية منصب سفير الاردن في امريكا ومن ثم وزير للخارجية وخلال ما يعرف بهبة نيسان كان وزير للتموين وقبل ذلك وزير لشؤون رئاسة الوزراء, ويحق له ان يفتخر بتصريح الملك له بعد اقالته من رئاسة الوزراء بانه يعتبره " ذخيرة استراتيجية" .

يعتمد الكتاب على السرد المعتمد على ذاكرة الكاتب و اقرب ما يكون توصيفه بالمذكرات الشخصية ولا يبرز حياته الشخصية بصوره كافية او حتى المناصب التي تولاها في شركات مدنية وانما يركز على المناصب السياسية التي تولاها ومعاصرته لاهم الاحداث السياسية , الكتاب مؤلف باللغة العربية الكلاسيكية الحديثة وبعدد صفحات يتجاوز الـ 500 صفحة.

شخصية المؤلف تبرز بوضوح ضمن الكتاب ومنها الطموح والاصرار على تحقيق الاهداف بالمثابرة ومن الامور الايجابية هي اصراره على رفع مكانة الدستور فوق التصرفات الفردية والاجتهادات , يتأثر برايه عدد كبير من رجال الدولة وخاصة في مجلس الاعيان ولا توجد لديه حساسية في الدفاع عن قضايا يؤمن بأهميتها ومنها ملف المفاوضات مع اسرائيل و يصنف المعارضة بنوعين: المعارضة الوطنية والمعارضة المطلقة.

موقف الدكتور من الاصلاح الديمقراطي بأن الاردن كما يدعي غير جاهز للخيارات الديمقراطية وبالنسبة له بان قانون الصوت الواحد هو القانون الذي يمنع الاخوان المسلمين من السيطرة على البرلمان وتؤمن حصولهم على ما لا يقل عن 51 صوت وبالتالي امكانية حجب الثقة عن اي رئيس وزراء عالية بعد عقد تحالفات برلمانية مثل اضافة عدد من المستقلين, ومن الامور الاخرى التي تحسب له شجاعته في اتخاذ القرارات التي يؤمن بأهميتها ومنها قرار حكومته الاخيرة برفع الدعم عن المحروقات وبدون استشارة الاجهزة الامنية وهو ما ادى الى اقاله حكومته بعد تمسكه بالقرار وموافقته فقط على تأجيل القرار وليس الغاؤه علما بان الحكومة اللاحقة قامت بتطبيق نفس القرار.

1.اهم الاحداث التي تطرق لها الكاتب وهنا اتعرض للمواقف الجدلية والتي اوضحها من خلال الكتاب:

أ‌.هبة نيسان . يعزو الدكتور فايز السبب المباشر لهبة نيسان الى اخفاق اداري للحكومة من خلال رفع اسعار الوقود وعدم رفع اجرة النقل ومما عجل بإضراب لسائقي الشاحنات في معان ومن ثم انتقلت الشرارة الى المحافظات الجنوبية والبلقاء لاحقا وبدلا من تقديم اجوبة مناسبة تفسر ما حدث فانه قدم اسئلة على صيغة اجوبة وهي : هل تم الاضراب بأوامر من الخارج وهل لقرار فك الارتباط علاقة بالهبة ؟ وهل حسابات داخلية ضد شخصية الرئيس زيد الرفاعي لها تأثير؟ من الصعوبة الاجابة علي هذه الاسئلة بدون توفر معلومات مصنفة للباحث وبينما كان بإمكان الدكتور فايز تقديم اجابات بناء على نفوذه اللاحق وقدرته على الحصول على المعلومة.

ب‌.المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية. قدم الوقد الاردني الدعم السياسي الكامل للوقد الفلسطيني المشارك في المفاوضات وبينما بادرت منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات بإجراء مفاوضات سرية في اوسلو دون علم الوفد الفلسطيني المفاوض ويبدوا بان الاردن قد علم قبل فترة تعادل الاسبوع عن تلك المفاوضات السرية ولكنه لم يعرف عن التفاصيل, ورايي بان للأردن مصلحته الخاصة بإتمام تلك الاتفاقية وتولي منظمة التحرير لأمورها وعدم معرفته بالاتفاقية هي ليست مهمة على الرغم من تذمر البعض من شان ملاحق الاتفاقية الفلسطينية والتي تتعرض لمواضيع لها تماس مباشر مع الاردن مثل الحدود واللاجئين.

جـ. التدخل الفلسطيني في الانتخابات الاسرائيلية استضاف الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله في عام 2000 وفد من عرب 48 بعد انتهاء مفاوضات كامب ديفيد وسألهم الملك عن توجهم السياسي في الانتخابات الاسرائيلية وتفاجئ برد احدهم بانهم يمتثلون لرغبة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بدعم شارون وعدم دعم باراك وهذا معاكس للرؤية الاردنية والتي كانت ترى بان باراك قد قدم عرض جدي للسلام افضل بكثير من عرض شارون ولاحقا استفسر الدكتور فايز من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات نفسه عن هذا الموضوع حيث حسم موضوع دعم شارون على حساب باراك في تلك الانتخابات وهذا المواقف يبرز ضعف التأثير الاردني على القرار السياسي الفلسطيني.

د. دور المخابرات العامة. يبرز الكتاب من دون قصد دور المخابرات العامة في الشأن السياسي الاردني حيث يستفسر رئيس الوزراء من مدير المخابرات العامة عن شخصية الرئيس القادم او عن تفاصيل مرض الملك وهذا الدور لا ينسجم مع الولاية العامة لرئيس الوزراء .

هـ. اتفاقية وادي عربه . من الامور التي يذكرها الدكتور بان الغمر والباقورة هي مساله برزت اثناء المفاوضات وكان من الممكن ان تفشل المفاوضات وبالتالي فان الحل المقترح من قبل الفريق الاردني هو منح اسرائيل حق الاستعمال لتلك الاراضي لمدة 25 سنه قابلة للتمديد ومقابل قيام اسرائيل بتخزين كميات الامطار التي تتساقط في فصل الشتاء في بحيره طبريا وبكمية تصل الى 25 مليون متر مكعب وذلك لعدم توفر سدود اردنية على نهر اليرموك في ذلك الوقت وبان تقوم اسرائيل بضخ تلك الكمية الى الاردن في فصل الصيف واما تبريره لقرار الاردن باستعادة الباقورة والغمر , فيسهل انتقاده من الجانب السياسي حيث يقول " لنا ان نتخيل السيناريو التالي : لو ان اسرائيل نفذت قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية , واقيمت الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية واعطى اللاجئون الفلسطينيون حقهم المشروع واعيدت الجولان العربية المحتلة الى سوريا واحترمت حرمة الاقصى وكنيسة القيامة , فان الاردن ما كان ليجدد الملحقين مدار البحث " (ص. 513).

و. تغيير رؤساء الوزراء. هو حق دستوري لجلالة الملك واحيانا يقوم الملك بالتغيير من دون اعلام الرئيس وطاقم الحكومة وحادثة تغيير حكومة الروابدة بالمهندس علي ابو الراغب هي مثال على ذلك , حيث اختلف الاثنين امام الملك عبدالله على الموقف من العقبة الاقتصادية حيث عارض الروابده تلك المنطقة وبينما ابو الراغب من اشد المناصرين لها , ويبدوا بان تلك الحادثة قد انهت حكومة الروابدة وجاءت بحكومة المهندس علي ابو الراغب . قصر عمر الحكومات في الاردن هو سمه سلبية لا تسمح بالتطوير الاداري ولا بوضع الاستراتيجيات وعانت منها اغلب الحكومات ومنها حكومة الدكتور فايز نفسه التي لم تدم الا لبضعه اشهر, وحتى وزارة زيد الرفاعي بعد هبه نيسان اقيلت من قبل الملك الحسين بطريقة مشابهة ويبدوا بان هذه السياسة قد تغيرت منذ تولي الدكتور عبدالله النسور لمهام رئيس الوزراء.

ز. موقع الاردن في السياسة الخارجية . يتعرض الكاتب للعديد من المواقف الدولية المؤثرة والتي ينسب الفضل بها للملك ومنها قدرة الملك على اقناع الرئيس الامريكي اوباما في اهمية دعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حيث كان للرئيس الامريكي موقف سلبي من رئاسة السيسي وتفضيله الانتقال الديمقراطي واستطاع الملك التأثير على الموقف الامريكي والتنبيه بان اغلبية الشعب المصري قد خرجت ضد حكم الاخوان (ص .486) والمواقف الاخرى هي موقف الاردن من الارهاب الدولي ومساهمات الملك عبدالله في محاربة الارهاب وفي اجراء خلوات على مستوى دولي مثل خلوة دول البلقان .

ح. الوضع الاقتصادي . لم يبرز الدكتور رؤية اقتصادية للمملكة الاردنية الهاشمية فموقفه هو مع استدعاء صندوق النقد الدولي لإجراء الاصلاحات الاقتصادية واغلب قراءاته سياسية ولم تمس الاقتصاد بخطة واضحة للخروج من الازمات وعلما بانه شخصيا قد واكب معظم الازمات واهمها ازمة 1988 واخرى كشفها في الكتاب بان حكومته قد استدانت لتامين الرواتب لشهر ايار 2012. اعتقد بان هذا الوضع يتطلب حلول لإعادة النظر بمنهجية عمل رئاسة الوزراء ومنها استمرارها لفترة اطول ووجود فريق اقتصادي قادر على التخطيط وانتخاب الرئيس بناء على خطته المقدمة وليس على اسمه.

3. النقد الادبي للكتاب. هناك عدد من الامور التي يمكن ملاحظتها واهمها لغة الكتاب السياسية حيث يخلو من وجود رؤية نقدية مباشرة للأحداث التي مرت بالمملكة ويتوافق في اغلبه مع الموقف الرسمي والأحداث مقدمة بصورة سردية وصفية ومع اضافة للتعليقات الخاصة وترك الحصول على الاستنتاجات للقارئ فالدكتور فايز يصنف نفسه بانه موظف رجل دولة وليس رجل دولة موظف وهؤلاء كما يقول عنهم الملك الحسين بانهم عادة لا ينتقدون النظام عند مغادرتهم لمواقعهم الوظيفية

ولعل الوصف الافضل للكتاب جاء من قبل المؤلف نفسه حيث يقول " لقد دونت في هذا الكتاب ما املاه علي ضميري وانا استعيد المفاصل الرئيسية في مسيرتي الشخصية التي تقاطعت مع مسيرة الاردن الحديث في ظل ملكين من ملوك الهواشم الابرار "(ص. 523).

الكاتب حاصل على اعلي الشهادات العلمية ولم يقدم بتوثيق اي مرجع لقراءاته واستنتاجاته وهذا رائج في المذكرات الشخصية ولكن تعرضه للكثير من الاحداث العامة والعالمية يبعده عن المذكرات الشخصية فمثلا تصريحه بان حرب النجوم هي خديعة امريكية ساهمت بإسقاط الاتحاد السوفياتي , ومن الآراء الاخرى بان التهديدات العراقية بحرق اسرائيل واستهدافها كان تمهيد لاحتلال الكويت من اجل تعبئة الجماهير العربية قبل العملية (ص. 146) ويصف تعامل العراق مع الاردن بانه تعامل مرحلي وليست استراتيجي , وهذه الآراء تشكل قراءة جديدة للأحداث . من الامور السلبية في الكتاب الاستفاضة غير الضرورية في ملاحق خارجه عن نطاق الكتاب مثل رسالة عمان وغير ذلك من المواضيع والتي كان من الافضل للدكتور ان يكتبها في كتاب مستقبلي منفصل وبنطاق محدد مثل " السياسة الخارجية الاردنية" .

يخلو الكتاب من انتقاد الشخصيات العامة وعلى الرغم من وجود شخصيات مهمة ومؤثرة في تلك الحقبة الا ان الكثير من تلك الاسماء لم تذكر على الاطلاق ويبدوا بان عدم الذكر هو دلالة على اهم من ذكر تلك الشخصيات المرحلية .
يخلو الكتاب من الاخطاء الطباعية باستثناء خطأ واحد وهو " خلوة البلقاء" بدلا من " خلوة البلقان" ( ص. 493) .
على الرغم من كل هذا فان الكتاب يبقى مرجعا مهما في تاريخ الاردن الحديث ويستفاد منه في تصور حقيقي للسياسة الاردنية الخارجية والتي يتضح من الكتاب بانها منوطة بشكل رئيسي بجلالة الملك ومن الامور الايجابية في هذا الكتاب هي حرص الدكتور فايز في كافة المراحل على تطبيق الدستور الاردني في اي مرحلة من المراحل حتى لو تعارض ذلك مع الديوان الملكي العامر واعتقد بان ذلك قد جاء بتاثير من معاصرته لوالده .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :