facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ثقافة الغنيمة


د. محمد القضاة
25-02-2010 12:09 PM

تفاجئك ثقافة جديدة وافدة إلى مجتمعنا، تجد من يدافع عنها ويدفع بها إلى المزيد من التجاوز واهتبال الفرص، ثقافة ليس مثلها ثقافة في عصر العولمة، ثقافة غريبة ومريبة غاية في الاستهتار والاستبداد والانتهازية، ثقافة التجاوز على المال العام؛ التجاوز الإداري والمالي الذي أصبح ركيزة هذه الثقافة وأساسها، إذ تجد مَنَ يتحدث عنها وكأنها بطولة في اغتنام الفرصة التي لم يفد منا سابقوه، وبالتالي جاءت الفرصة لتحقيق رغبات الأصحاب والأصدقاء والأقارب والقبيلة والجغرافيا كحالة طبيعية يجب أن يقبل بها المجتمع، خاصة أن كثيرين في بلدنا يستنكرون هذا المستوى الوضيع من التفكير، ويرفضون حملة ثقافة الشخصنة والاعتداء على الحقوق المؤسسية للعاملين ووضع غير المستحقين مكان من يستحقون، ولا أنسى عبارة الدكتورة هند أبو الشعر» من يجلس على كرسي في وظيفة عامة ، لا يجوز له أن يحوز( المكاسب والغنائم)،انه كرسي الدولة والمؤسسة والوطن»، تلك العبارة التي يجب أن تكون حاضرة في الأذهان؛ لأن العقلية التي تقبع خلف ثقافة الغنيمة يجب أن تعرف أن الأموال العامة حق المجتمع والوطن، وأنّ الوطن للجميع والمنصب ليس نصيبا أو غنيمة لأحد.

لقد تحولت الأفكار البراقة إلى شعارات توظفها تلك النخبة لمواجهة الآخرين في اهتبال الغنيمة من مؤسسات الدولة، وأن الدولة والفكر كانا يمثلان قشوراً لديها، وها نحن نرى كيف استحوذوا على كل شيء، وكيف استطاعوا أن يبنوا حولهم سوارا من الأصحاب كمدخل للتغيير في الأماكن التي يقودونها، وكيف تحولوا إلى أداة قهر وغنيمة، وغدت الوظيفة والمال والممتلكات والمشاريع واهتبال الفرص غنيمة، وما تسقط يدهم عليه غنيمة، إنها ثقافة قبلية تكسر القانون وتخطف التميز ولا تخرج عن رؤية محمد عابد الجابري حين شخّص العقل العربي وحدد فيه ثلاث سمات هي عقلية العقيدة والقبيلة والغنيمة، والتجاوز ينتمي إلى عقليتي الغنيمة والقبيلة، والمؤسف أن «الفئات المستنيرة التي تعلم المنهج الأكاديمي تمارس لعبة الغنيمة»، ولا تقصر في تحطيم الأعراف المؤسسية والتقاليد والثوابت الراسخة التي بنتها سواعد صادقة في أقوالها وأفعالها؛ سواعد لا تعرف الكذب والتدليس والتفريق بين أفراد الأسرة الواحدة، سواعد كانت تقبل بالقليل في سبيل أن يبقى الوطن شامخا في مؤسساته وإنسانه.

نحن أمام حالة تستدعي اليقظة والفطنة وسرعة البديهة لكشف هذه الفئة وتعريف الناس بخطورتها وفضح ممارساتها، خاصة أنّ بعضهم يرتدي أقنعة رخامية تزينها صور وهالة ورقية لها طلاسمها ولغتها الاستثنائية؛هؤلاء يمارسون هوياتهم وصلفهم، ومن يفتقد الأدب الجم، ويفتقر إلى أدب الحوار ويمتلك لسانا طويلا، ويغطي به تجاوزاته وفشله، ويقدم نفسه منقذا ومصلحا ويمارس ثقافة الغنيمة ينبغي محاربته بكل الوسائل، وعليه لا بد من محاربة الفساد، لتحقيق التنمية الشاملة، والناس في بلدنا أذكياء ويقيمون مسؤوليهم ويعرفونهم غاية المعرفة وبالتالي لا يحق لأحد أن يتذاكى عليهم بحجج واهية وبشهادات لا قيمة لها إذا لم يخافوا الله ويحترمون الناس ويؤدون واجباتهم بأمانة وإخلاص ، ومن لا يحترم الناس لا يحترم نفسه؛ لكن متى يكتشف الأردنيون أصحاب هذه الثقافة المغرقة بالخراب والفوضى والمغامرة؟ متى يكتشفون هذه الزمرة من المغامرين الذرائعيين الذين يسندون فشلهم إلى الاحباطات المحيطة بهم؟ وهل نرحم الوطن ونحافظ على ممتلكاته وأمواله في هذه الظروف العصبية التي تحيط به؟ وفي النهاية لا بد من خلق يحرص عليه كل مسؤول كبر أم صغر، ويجعله وسيلة للحوار والرأي الأخر، والمسؤول الذي يفتقد الصراحة والمسؤولية وأدب الحديث والحوار والاحترام مسؤول فاشل، فهل نتقي الله في بلدنا وأهلنا، أم نستمر في الاتجاه المعاكس ؟

mohamadq2002@yahoo.com





  • 1 د.ابراهيم 25-02-2010 | 12:16 PM

    تحياتي دكتورنا الحبيب أبا عمر ، حفظه الله : أشكرك على مقالتك الرائعة ، التي تكشف عن حبك للوطن العزيز ، كما تكشف عن غيرتك على مقدراته ومكتسباته العظيمة . دمت لهذا الوطن الحبيب

  • 2 صابر عبدالله عفاش 25-02-2010 | 12:18 PM

    لو قام كل إنسان بواجبه وبأمانة لما وصلت مديونية الادرن الى هذا الرقم المرعب الذي تحدث عنه وزير المالية البارحة كم نحتاح الى الوطنيين الصادقين والمسؤولين الغيورين على مستقبل الاردن والاجيال

  • 3 محمد محمود القضاه 25-02-2010 | 12:28 PM

    صح لسانك يا دكتور محمد . تحياتي لك.

  • 4 عمر القضاه/الدشتور 27-02-2010 | 01:15 PM

    دكتوري الفاضل لم و لن استغرب ان اقترن هذا الكلام الجميل بأسمك النزيه فكما عودتنا ونحن طلاب نتعلم علوم العربية على يديك ان للوطن حقا في اعناقنا يجب ان نأديه وعلى ارقابنا . بوركت وبورك قلمك قلم الحق.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :