facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قبر جحا


هاني العزيزي
07-06-2007 03:00 AM

قال لي زميل منذ سنوات بعيدة خلت : زرت أثناء دراستي الجامعية في تركيا قبر جحا ، حيث ضحكت طويلا لما رأيت . ورغم الخلاف حول صحة وجود هذه الشخصية الطريفة ، و العصر الذي عاش فيه جحا ، ووصف جحا بالذكاء تارة ، وبالغباء تارة أخرى ، إلا أن حكايات هذه الشخصية رسمت الابتسامة على وجوه الكثيرين عبر عقود طويلة من الزمن . ولست هنا بصدد سرد نوادر جحا ، بل بذكر ما أضحك زميلي عند زيارته لقبر – أو ما قيل أنه قبر – جحا ، فقد أقيمت أمام القبر بوابة حديدية ضخمة ، وأحكم إغلاقها قفل معدني كبير ، لكن الجهات الأخرى من القبر لا يحيطها سور أو سياج أو أي شيء آخر ، إذ تطل على ما حولها دون ساتر أو حماية !! وهذا ما أضحك زميلي ، والذي أضاف : يزور القبر العرسان قبل الزفاف ، فيضحكون ، ويترحمون على صاحبه ، لتكون أيامهم القادمة سعادة وسرور ، فقد أضحك جحا الناس حيا ، ويضحكهم ميتا.أتذكر حكاية قبر جحا عندما أرى الإجراءات الأمنية المشددة التي تقوم بها دول العالم الثالث والرابع من تضييق الخناق على مواطنيها من " جهة " في شتى المجالات الإعلامية والاقتصادية ، وتمنعهم من ممارسة أنشطة معينة بحجة حمايتهم تارة ، وبحجة حماية أمن الوطن الغالي وسلامته ، وفي الوقت ذاته تسمح لغير المواطنين من " جهات " أخرى بممارسة القول والفعل الإعلامي والاقتصادي وغير ذلك ، فترى هذا الغير يصول ويجول في جميع أنحاء الوطن دون رقيب أو حسيب تحت مظلة مسميات تحمل مسوغات مختلفة الأشكال والألوان ، وبذريعة الانفتاح والحرية وسمعة الوطن أمام الآخرين . كما تمنع وسائل إعلامها من التطرق إلى مواضيع معينة ، وتحجب عنهم الحقيقة لأسباب واهية ، في حين تملأ القنوات الفضائية الفضاء برمته دون مانع أو ساتر ، لتبث الغث والسمين ، والحقائق والأضاليل .

ويكاد المواطن منا على الصعيد الاجتماعي يرى قبر جحا في مختلف جوانب حياتنا ، بعض النساء والفتيات يغطين شعورهن تماما ، لكن يلبسن ملابس ضيقة تنم عما تحتها ، وترى أحدهم يطلب من مضيفه قهوة أو شايا دون سكر ليضع فيه حبة سكرين ، لكنه يتناول الكنافة والقطايف بنهم ، ويضغط أحدهم موازنة الثقافة - إن كان لها موازنة أصلا – فلا يشتري سوى الصحف دون الكتب ، بذريعة ضغط النفقات ، لكنه يشتري هاتفا نقالا غالي الثمن ، ويجري مكالمات طويلة لا ضرورة لها ، وبذلك أقفل بابا لكنه فتح بوابات .
رحمك الله يا جحا فصورة قبرك أمامي كل يوم .


haniazizi@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :