facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاستعمار الحضاري


12-06-2007 03:00 AM

عندما نستعمل في حديثنا كلمة "المدينة" أو الحضارة انما نعني بذلك الحضارة الاوروربية او الحضارة الاميركية أي الحضارة الغربية، ومنذ بدء علاقتنا بالغرب ونحن نعاني من شعور بالنقص تجاه كل ما هو غربي ولا نزال حتى اليوم نتخذ في حياتنا اليومية انماطا ونماذجا للعمل والفكر والسلوك نستمدها من الغرب دون تفحص او تقييم ونقبلها بلا سؤال لمجرد انها اوروبية او اميركية المصدر فالغرب بالنسبة الينا اصبح مصدر كل شيء قيم ومتفوق ورفيغ، وصرنا ننظر الى الغربي على انه جبلة اخرى غير التي جبلنا منها نحن. حتى اصبحنا ننظر الى انفسنا والى مجتمعنا والى تاريخنا من خلال نظرة الغربي الينا فكان همنا الأول – عن وعي أو عن غير وعي – ان نحظى برضاء الغربي وبإعجابه.ان شعورنا بالنقص تجاه الإنسان الاوروبي او الامريكي يعكس نفسه باشكال مختلفة، وابرز هذه الاشكال محاولات كتابنا ومفكرينا ان يبرهنوا عن عظمة التراث العربي والاسلامي ومدى تأثيره في الحضارة الآوروبية وتطورها – وما هي الا محاولة للتعويض عنه بإيجاد صلة مشرفة تربطنا بالغرب وتجعلنا جزءا منه ولو من زاوية تاريخية مجردة. اننا في تفاخرنا على الغرب وتبجحنا بعطائنا الحضاري له انما نؤكد رغبتنا الخفية في ان نكون مثله لنحضى بقبوله وإعجابه، أي الى الطعن في كل ما هو غربي وإلى التعلق بالتراث والتقاليد.
لقد واجه رد الفعل العربي في كلا الاتجاهين، التجديدي والسلفي طريقا مسدودا وذلك لانه بقي رد فعل ثقافيا مجردا في محتواه ومفاهيمه ولم يستطع مواجهة الغرب على المستوى العملي الحسي الذي يقرر كل صراع وكل محابهة.

ان القهر الذي عاناه الإنسان العربي من جراء فشله في مواجهة التحدي الغربي، قد أفقر الحياة العربية فكريا وماديا وحرم اجيالا بكاملها من العيش الأمن الكريم في وطنها. لقد أتانا الغرب مبشرا بالمثل العليا وبالحرية وبالعدالة وبالمساواة ولكنه بممارسته لهذه القيم كان شيئا آخر نظرته لنا كانت نظرة السيد الى المسود وتصرفه تجاهنا كان على حساب مصلحتنا ولم يقيم لنا أي اعتبار كبشر لهم أمان ومصالح وأهداف وكان الثمن الذي دفعناه، لتأمين مصالح الغرب وازدهاره هو بؤسنا وتخلفنا.

وكل هذا لا يعني اننا نرفض الغرب وثقافة الغرب وعلمه بلا قيد ولا شرط ولا مانع اطلاقا من أن نتعامل مع الغرب وان نستمد منه نماذج وافكارا ومواد لإنعاش حياتنا الاقتصادية وإعادة تنظيم مجتمعنا وإحياء ثقافتنا العربية شرط ان يكون ذلك على اساس مساواة الند للند.
والشرط الاول لمجابهة الاستعمار الحضاري والتحدي هو التغلب على شعورنا بالنقص تجاه الغرب والغربيين وهذا يعني عمليا كسر الطوق الذي يجعلنا نعتبر تلقائيا وبلا وعي إن ما هو اوروبي أو اميركي يجب ان يتميز عن غيره.
إننا في سلوكنا هذا نقول للغربي آنظر الينا، مع اننا اقل منك شآنا نحاول ان نكون مثلك فالرجاء ان تتقبلنا وان تمتدحنا وان تمنحنا رضاك، كيف لنا ان نجابه اي تحدي بهذه النفسية؟
وهنا لا بد من خلع سيطرة الغرب الحضارية كما خلعنا سيطرته السياسية ومن دون ذلك لا يمكننا ان نتفاعل تفاعلا سليما معه ولا يمكننا ان نتحرر منه وإذا كان هذا أمرا صعب التحقيق فذلك لان الاستعمار الحضاري هو استعمار نفسي بينما الاستعمار السياسي يستهدف الظاهر والمحسوس فحسب.
* الكاتب متخصص في العلاقات الدولية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :