facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قمر الحصادين وليل العاشقين


رمزي الغزوي
27-05-2010 04:27 AM

قديماً ، كان العشاق لا يحبون القمر بدراً كاملاً ، رغم رومنسيتهم الناعمة ، ورقتهم الشفيفة ، ورغم محبتهم للضياء والنور ، وحجتهم في ذلك: أن القمر المكتمل كان يحرمهم من حبيباتهم، ، ويفضح لقاءاتهم السرية في ظل البيوت ، كما أنهم كانوا يدعون أن من يلتقي بقمر أرضي وضاء جميل بشعره الليل ، كيف له أن يطالع صفحة السماء ، محدقا بقمر بعيد المنال،.

الحصادون على عكس العشاق تماماً ، كانوا يتوقون إلى اكتمال القمر بدراً: كي يكملوا أعمالهم على بيادر القمح من دراس وتذرية وكيل ، حيث نداوة الليل الوديعة ، التي تزركشها بين الحين والآخر حركات كالشهب لسراج الحصادين (وسراج الحصادين هي حشرة مضيئة فسفورية) ، ناهيك عن أن القمر المكتنز كان يسامرهم بصبر ، ويثير فيها غناء خفيفاً موغلاً بالعشق والأمنيات ، فيعينهم على هذا العناء ، ولذلك سمّي قمر أيار باسمهم: قمر الحصادين،.

في هذه الليلة الأيارية ، سيكتمل قمر الحصادين ، وسيكون مشرعاً على ليلنا ، مثل رغيف مُعسل ، ولأننا لا حصيدة لدينا ، ولا قمح زرعنا ، ولا ما يحزنون ، فسيعجبني أن أسامر قمري الممتلئ ، بعيدا عن عين المدينة ، سأنتظره على بيدر أحلامي ، سأنتظره بعد الغروب بساعة ، أريد أن أتفقد قمح قلبي ، وأكيله صاعا صاعا ، أريد أن أغني لي أغنية ، ما زالت تريحني.

تروقني إحدى النظريات الفلكية التي تدّعى أن القمر كان فيما مضى قطعةً من أمه الأرض ، ثم انفصل عنها ، لكنه ظل يدور حولها ومعها ولا يفارقها ، وحتى الآن ما زال يحاول كلما اقترب أن يسحب شيئاً من الماء إليه ، علّ الحياة تدب فيه ، ولهذا كان المد والجزر.

في هذا الزمن الأكول الكسول ، ربما أخذتنا الحياة بضوضائها وأنوارها الصاخبة ، فلا أحد يجرؤ ويرمي الريموت من قبضة يده ، ويخرج ليسهر مع بهاء الليل ، وقمره الوحيد القريب قاب همسة. ربما بتنا لا نلقي بالاً للقمر العاشق ، ولا نرفع رؤوسنا لقراءة صفحات السماء. فالظاهر أن سرعة الحياة سرعة إيقاعها ، كثيرا ما تنسينا أنفسنا ، فليس هناك أضيع من قمر كبير في مدينة صاخبة،. فسهرة ممتعة أتمناها لكم مع قمر الحصادين.

ramzi279@hotmail.com

(الدستور)





  • 1 مريم 27-05-2010 | 11:20 AM

    شكرا لأن هناك أناس ما زالوا يقرأون السماء

    ألكاتب الأكثر من رائع
    أنا اتابعك واحفظ مقالاتك من سنوات
    انت تمثل لنا حالة فريدة في الكتابة الصحفية والثقافية

    عاش هذا القلم مبدعا وشامخا

    تحية لإنسان نحبه

  • 2 27-05-2010 | 11:26 AM

    رائم سيدي

  • 3 فادي العياصرة 27-05-2010 | 12:49 PM

    اقرأ للكاتب مقالات لاذعة بإسلوب لا يشابه اي أسلوب كاتب اخر، وأحيانا اقرا له ما يثبت ان الكاتب يجب أن يكون ابن الأرض قريبا من تفاصيلها

    شكرا عزيزي لشاعريتك وثقافتك المبهرة

  • 4 صالح الحموري 27-05-2010 | 05:11 PM

    يا رمزي بيكفينا قمر

  • 5 محمد الزغول 27-05-2010 | 05:19 PM

    لى المتألق دائما
    رمزي الغزوي
    القلم الأصيل
    شكرا لهذه المقالة
    انا ساسهر مع قمري

    مع المحبة لعمون التي عرفتنا بك

  • 6 احمد الحراسيس 28-05-2010 | 10:40 PM

    ابدعت اخي رمزي


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :