facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السقوط الى الهاوية


21-06-2007 03:00 AM

أشياء كثيرة قد تقال على هامش الأحداث المؤسفة في قطاع غزة بين حركتي فتح وحماس , إلا أن فداحة الخسارة البشرية على مرارتها وصعوبة تقبلها والدم الفلسطيني النازف ودموع الثكالى وآهات الموجوعين , هذه كلها تبدو أقل خطرا من الفاجعة التي تتربص بنا بسقوط المفاهيم والقيم العظمى في وجدان الأمة , إن ضميرنا يهتز بعنف وهو يرى قيمة عليا تحاصرها الأخطار من كل جانب وتتربص بها كف الشيطان لتحيلها جرحا نازفا أو ذكرى مخجلة يلفظها الضمير إلى غير رجعة .القصة يا سادتي نفسية والمطرقة الخبيثة تضرب نقاطا عميقة في الوجدان عن خطة مدروسة وبرنامج معد بكل دقة , إن أصعب ما قد يتعرض له العقل ويهتز له الضمير هو أن يرى الاشياء النبيلة تتهاوى إلى الحضيض وتسقط في مستنقعات الباطل .

حماس كانت يوما ما حركة جهادية يتبنى أفرادها مبدأ يبذلون الغالي والنفيس من أجله , كانوا يسيرون نحو هدف واضح واضعين مطامع الدنيا وراء ظهورهم .. تتجافى جنوبهم عن المضاجع سعيا إلى إرضاء خالقهم وإعلاء لشان أمتهم , كانوا زهادا عبادا أتقياء مثلوا امتدادا لمفهوم قدسته الأمة على مر تاريخها وخلدت أسماء أعلامه ومنارات مسيرته . كانوا أملا وقيمة عليا .. كانوا متنفسا لغيظنا وشفاء لما في صدورنا .
فأين هم اليوم ؟

إنهم على ما ترون من حالهم , غرقوا في دوامة السياسة ومطامعها الخسيسة وساقتهم خطوات الشيطان إلى مستنقع الباطل , لقد أصبحوا ببساطة قتلة مأجورين يلعب بهم الأوغاد ويستخدمونهم وسيلة لإراقة الدم الفلسطيني وذبح الشعب من الوريد إلى الوريد .

ألا تحسون معي أن هناك قيمة عظمى تهتز من جراء هذا التحول ؟ وهذه القيمة العظمى ليست حماس ولا شخوصها كما قد يفهم , بل القيمة العظمى هي مفهوم الجهاد نفسه الذي مثلته حماس يوما ما في وجه الغاصب المحتل , ألا ترون أن ثقتنا بأنفسنا تضرب في الصميم ؟ أني أجزم أن هذا جرح نفسي خطير علينا أن لا ندخر جهدا لعلاجه قبل أن يستفحل شره ويعم بلاؤه .

هل تذكرون كمال بن السيد أحمد عبد الجواد في قصر الشوق لنجيب محفوظ ؟ كان شابا تقيا ورعا متعلقا بثلاثة قيم جميلة في حياته , أب ذي سطوة ومهابة وحبيبة جميلة وضعها في منزلة الملائكة ومقام الحسين في المسجد المعروف باسمه , سقطت كل القيم دفعة واحدة فقد أكتشف أن أباه سكير عربيد ذي هيبة مصطنعة ثم علم أن حبيبته التي وضعها في منزلة الملائكة كانت تتلاعب به وتستخدمه سلما للوصول إلى قلب رجل آخر واكتشف أخيرا أن المقام المزعوم للحسين ما هو إلا خرافة تعلق بها البسطاء ونسجوا عليها الكثير من الخرافات .

فكانت النتيجة أن تحول الورع التقي إلى ملحد مجاهر بإلحاده وغدا النقي صاحب المبادئ المتوهجة سلبيا لا يقيم لشيء في هذا الوجود معنى أو قيمة , لقد كان هذا التحليل النفسي تحليلا عبقريا ألقى فيه الأديب الكبير الضوء على ناحية مهمة من نواحي النفس الإنسانية وأسرار تحولاتها , ان سقوط الرموزالتي بنا عليها الانسان مبادءه وآماله كفيل بأن يتردى به الى الهاوية بل الى أسفل سافلين.

هنا يبدو التفسير واضحا للسبب الذي تضرب من أجله رموزنا في سمعتها , وكمثال بسيط , لماذا يتهم جمال الدين الأفغاني بالانتماء للماسونية وهو على ما هو من قيمة فكرية عملت على إخراج الأمة من سباتها الطويل ؟ ولماذا يتهم الإمام محمد عبده بالزيغ والضلال وهو فقيه عظيم ذو أفق واسع ؟ ولماذا يتم التركيز على زلات العلماء كالشافعي والإمام احمد والشعراوي مع تجاهل آثارهم العظيمة ومنزلتهم المرموقة ؟ ولماذا يتحول المجاهدون بفعل فاعل إلى قتلة مأجورين بعد أن تعلقت بهم الأمة ووضعتهم في أعلى مقام , القضية أكبر من فتح وحماس وأعمق من نزاعات داخلية أبطالها مجموعة من الطامعين بجاه دنيوي تافه , إنها حرب نفسية وسم بطيء الحركة لكنه قوي المفعول . وليكن معلوما أن ما تقدم ليس تنصلا من مسؤولية الأمة عن تردي أوضاعها ولا ترويجا أعمى لنظرية المؤامرة بل هو تفسير لجانب واحد من جوانب متعددة .
هذه معركة القيم يا إخوتي , القيم التي يجب أن تبقى في أعلى منزلة وأجمل صورة , انه اختبار اليقين وامتحان الإيمان , فهل من متنبه ؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :