عندما خططت حكومة نتنياهو وقررت شن الهجوم على قافلة الحرية في المياه الدولية، كانت على يقين بأن دول النظام العربي الرسمي ستكتفي بالتنديد والشجب بدون اتخاذ أي اجراء رادع .. وبأن ادارة باراك أوباما ستجهد في الدفاع عن اسرائيل في مجلس الأمن وفي جميع المحافل الدولية الاخرى بالذريعة المعتادة اياها «اسرائيل تدافع عن نفسها «!!!..

ولم تكن إسرائيل تدرك أن السحر قد ينقلب على الساحر، وأن الدول والشعوب العربية جميعها ستكون مناهضة بقوة لهذا الهجوم الفاشي على قافلة تحمل مواد غذائية ودوائية ولوازم بناء لأبناء القطاع المحاصرين اسرائيليا وعربيا ودوليا، والذين تفتك بأطفالهم المجاعة والأوبئة والمياه الملوثة والعراء ...

ولم تكن حكومة نتنياهو تدرك أن دول وشعوب العالم ستصحو على أزيز رصاص «الكوماندوز» الاسرائيلي على متن سفن القافلة، كما فعلت عند عدوان «الرصاص المصهور» على قطاع غزة في العام «2006» م..

أي انها لم تكن تتصور أن دول وشعوب العالم ستعزلها اقليميا وأوروبيا ودوليا .. وهاهي تتعرض وقادتها للمقاضاة وللمطاردة في أكثر من دولة ... وحتى منتجات مستوطناتها في الضفة الغربية وفي القدس اضحت مرفوضة من قبل دول الاتحاد الاوروبي ..

وحتى الاتفاقية التجارية بينها وبين المفوضية الأوروبية أصبحت في خبر كان أو تكاد ... لقد أصبحت اسرائيل من منظورشعوب العالم وقواها الحية دولة مارقة وبدون شرعية ..

وان شعوب العالم وبخاصة الشعوب العربية والاسلامية قد عقدت العزم على رفع الحصار الجائر على قطاع غزة ..

وهناك سياسيون في الولايات المتحدة والدول الاوروبية قد رفعوا اصواتهم وجاهروا بضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة وبضرورة معاقبة القيادة الاسرائيلية في الحكومة وفي الجيش العنصري..

وقد جاهر احد الدبلوماسيين الاميركيين بان اسرائيل اصبحت عبئا على الولايات المتحدة وعلى الادارة الاميركية وقف دعمها العسكري والسياسي و المالي لهذه الدولة العدوانية التي تتهدد بسياستها المصالح الاميركية في المنطقة ..

اما الموقف التركي فيمكن تلخيصه بانه قلب معادلة الصراع العربي – الاسرائيلي في الصالح العربي ..

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة بعد هذه المجزرة الاسرائيلية الفاشية ضد المتضامنين من مختلف الجنسيات في قافلة الحرية والتي سقط فيها عشرات الشهداء والجرحى،هو ماذا بعد ؟!!..

والجواب على هذا السؤال يمكن ان يلخص بضرورة سحب مبادرة السلام العربية اولا،ووقف المفاوضات غير المباشرة او المباشرة بين اسرائيل والجانب الفلسطيني، ومن ثم وقف التنسيق الامني الفلسطيني – الاسرائيلي، والتوجه الجاد والمخلص والشجاع نحو تحقيق المصلحة الوطنية والوحدة الوطنية بمنأى عن ضغوط ورقة المصالحة المصرية او العربية.

وبعد ذلك فان على الدول العربية ومعها الجانب الفلسطيني الموحد التفكير بخيارات بديلة لانهاء الصراع العربي – الاسرائيلي وتكون مؤهلة لاستفادة جميع الاراضي والمياه والحقوق الفلسطينية والعربية..

واذا لم تسارع الدول العربية ومعها الجانب الفلسطيني لاغتنام هذا الدعم العالمي والاسلامي للقضية الفلسطينية، وتوظيفه بصورة ناجحة، فان هذه الفرصة الذهبية ستسقط من بين اصابعها وحتى اجل غير مسسمى ..
الراي.