facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مساهمة الماعز في الاقتصاد الأردني


23-06-2007 03:00 AM

لا أظن أن أردنيا خارج الوطن قد يفوت فرصة متابعة برنامج يسعد صباحك صباح كل يوم جمعة ذلك البرنامج الذي فقد بريقه منذ فترة طويلة الا أننا مستمرون في متابعته انطلاقا من حرصنا للتواصل مع كل ما هو أدرني ونحن في غربتنا وحرصنا على سماع الاغاني الوطنية ومعرفة آخر المستجدات والمتغيرات على ساحتنا الأردنية .وهنا ألفت القراء الى فقرة أساسية تكاد تتكرر في كافة برامج المنوعات في تلفزيوننا الحبيب وتلك الفقرة تتعلق باستضافة سيدة ريفية محترمة تترأس جمعية من نوع ما تذكر العديد من قصص النجاح الفردية لسيدات حققن نجاحا مذهلا وكبيرا في خياطة المدارق ( لباس تقليدي نسائي أردني ) وتطريز الأثواب وربما في صناعة سلال القش وترتيب الورود اليلاستيكية وتنسيقها وأخيرا تقوم السيدة ذاتها باقناع المشاهدين أن بعض المشاريع الصغيرة على شاكلة الاحتفاظ بماعز عدد 2 في الباحة الخلفية للمنزل وممارسة عمليات الحلابة اليومية والخض الذي سيسفر في النهاية عن جميد ستؤتي أوكلها وتساعد رب الأسرة في تحمل أعباء دراسة طالب جامعي عدد 1 هذا ان تغاضينا عن تكاليف اطعام الماعز وتكاليف استئجار تيس شامي للقيام بمهمته خلال موسم التزاوج .

ليس ذلك فحسب بل يتم تنشئة جيل كامل من طالبات المدارس في القرى على أهمية تعلم الرسم على الزجاج والمرايا باعتباره عملا فنيا مطلوبا على الصعيد العالمي لتقوم تلك المهارات الاستثنائية بتحميل الوالد المسكين عناء البحث بين انقاض محلات البراويز والحدادين والبنشرجية أحيانا عن متطلبات تلك الحرفة باعتبارها فرضا مدرسيا على ابنته كما انها يجب ان تتعلم هواية أو مهنة من نوع ما ربما تساعدها على مواجهة المستقبل المرير لدرجة جعلتني أشك بان نسبة كبرى من استهلاك القرى والمحافظات من الزجاج والألوان ( التلاوين بلهجة طالبات المدارس ) تفوق استهلاك العاصمة عمان .

قد يظن البعض أنني أقلل من شأن تلك الأنشطة , ليس ذلك أبدا , لكنها يجب أن توضع في اطار لا يتجاوز الهواية أو تعبئة الوقت ( الذي تمتلك القرى فائضا كبيرا منه ) وربما تلبية بعض الاحتياجات المنزلية البسيطة والتموين الداخلي لا أن تقوم الحكومة بالتهرب من مسؤولياتها تجاه توفير بيئة أعمال مناسبة لتلك المناطق والتوقف عن تسويق الوهم باعتبار أن مطاردة عشرة دجاجات يوميا والتقاط البيض يعتبر حراكا اقتصاديا مهما يسهم في دفع عجلة الاقتصاد المنزلي الوطني .

الا ان أكثر ما يمكن اعتباره أمرا مزعجا ومخيفا وهو عدم اقتصار ذلك النوع من الأنشطة على السيدات بالشكل الذي ادى فيه ارتفاع نسبة البطالة الى فقدان الأمل لدى شريحة واسعة من الشباب خريجي الجامعات وجعلهم يتخلون عن شهاداتهم تلك التي بليت واهترئت من كثرة التصوير والنسخ وارسالها الى جهات التوظيف المختلفة في المملكة وجعلهم يفكرون جديا في التوجه الى تربية الماعز في امتداد طبيعي وفطري لترسيخ ثقافة واحدة هي ان الراعي يبقى راعيا حتى لو امتلك شهادة في الفيزياء النوويية وهنالك العديد من الأمثلة الواقعية لشباب أنهوا دراستهم الجامعية وتحولوا الى رعاة وتجار جميد وسمن بلدي .

ولعل آخر صرعات المشاريع الصغرى الخلاقة هي موضة الاقراض متناهي الصغر او المايكرو كرديت عبر انشاء بنك للفقراء ( تصوروا كرم حكومتنا فقد أنشئت بنكا للفقراء ) ولمن لا يعرف قصة بنك الفقراء فهي فكرة انطلقت في بنغلاديش وأطلقها البروفيسور "محمد يونس" في أيلول (سبتمبر) من عام 1983م تحت اسم مصرف جرامين: Grameen Bank (وتعني بالبنغالية مصرف القرية)؛ ليكون بذلك أول مصرف في العالم يقوم بتوفير رؤوس الأموال للفقراء فقط، في صورة قروض بدون ضمانات مالية ليقوموا بتأسيس مشاريعهم الخاصة المدرّة للدخل .

وتقوم الفكرة على اعطاء الفقراء في تلك المجتمعات الأقل حظا قروضا صغيرة غير مرتبطة بضمانات تختلف قيمتها بحيث تتراوح من 100 الى 150 وربما الى 200 دينار ( تصوّروا ) وتبدأ بعدها قصة الأمل الهوليودي المنتظر من الكفاح واستغلال الموارد المتاحة وخلق مشروع ناجح رأسماله مائة دينار وبالنسبة لي أعتقد أن مائة دينار كفيلة بتمويل مشروع استثماري بحجم طفل متشرد يبيع العلكة على الاشارات المرورية لا أكثر والحديث عن مشاريع أخرى انتاجية في الاردن ضمن تلك المستويات المنخفضة من التمويل هو ضرب من ضروب الضحك على الذقون والصرعات الحكومية المتجددة .


أظن أنهم في بنغلاديش ما زالو يتعاملون بالمقايضة يعني اعطيني صاع قمح وبعطيك 20 بيضة وما الى ذلك من عمليات تبادل تجاري تعتبر العملة النقدية الطرف الغائب فيها لذلك وانطلاقا من تلك الحقيقة فان امتلاك احدهم هنالك لمبلغ ضمن مستويات 200 دولار فهو أمر مجد ومقنع وربما يكون له عوائد اقتصادية مثمرة لكن عملية تعميم التجربة واستنساخها وتطبيقها على باقي الدول دون الالتفات للواقع الذي تعيشه تلك الدول وقدرتها على تقبل أفكار مماثلة لن يؤدي بالضرور الى نجاح التجربة فعندنا في الأردن وفي ظل نسب تضخم مرتفعة كيف يمكن الحديث عن المردود من وراء استثمار 200 دينار في الوقت الذي يجد فيه الفهلوي وخريج التجارة صعوبة في تحصيل عوائد مجدية من استثمار 10 آلاف دينار في الأردن


والمتتبع لمصرف الفقراء يجد ان القائمين عليه في بنغلاديش وضعوا عددا من الشروط الواجب تلبيتها لضمان نجاح تلك التجربة وتعميمها على دول أخرى وأكثر ما استثارني فيها بند يقول بضرورة ان تكون تلك القروض مقدمة وفقا لمبدأ مهم وهو " شفقة بلا صدقات " وربما ان حكومتنا التقطت ذلك الشرط في محاولة منها للحد من صدقاتها الجارية وغير الجارية عبر المعونات وغيرها واعطاء تلك العمليات مسمى جديد يندرج تحت باب الشفقة ولا نستبعد انه وانطلاقا لذلك المفهوم سيتم عما قريب تأسيس صندوق للشفقة الوطنية .


لا ادعو الى وقف ذلك النوع من الممارسات على مستوى البيوت والأسر الأردنية الا أنني في الوقت ذاته أرفض أن يتم التركيز على تلك المشاريع وتضخيمها وجعل الناس البسطاء يلاحقونها باستمرار وحصر أحلامهم بمثل تلك الأنشطة وأقناعهم انها البديل الرئيس في ظل عجز الحكومة وتقصيرها عن توفير مشاريع اقتصادية تنموية رائدة لأبناء المحافظات والقرى وتنميتها وفي ظل انعدام العدالة في توزيع الأنشطة التجارية والصناعية على مستوى المملكة بالشكل الذي تستأثر فيه العاصمة عمان لأكثر من 90% من تلك الأنشطة وكأن المملكة هي عمان فقط والباقي هي جغرافيا فائضة عن الحاجة .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :