facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




البلاسيبو الحكومي


24-06-2010 04:02 AM

ما زالت تستوقفني حادثة عجوز مات زوجها من سنوات طوال، لكنها وكعادتها منذ أكثر من نصف قرن، ما زالت تصحو مع أول قرن الشمس، وتسقي قواوير الزريعة، وحوض النعناع، ثم تحضر على مهل فنجانين من القهوة، وتجلس على كرسيها المقابل لكرسي الزوج الفارغ في الشرفة، وترتشف فنجانها بكثير من النشوة والسرور.

ومن المعرف أن الإنسان حين يفقد عضوا من جسده: إصبعه أو يده أو رجله، في حرب أو في حادث، فإنه يظل يشعر بوجود ذلك العضو المفقود، بل ويحس به وكأنه ما زال بمكانه يتحرك، فتراه يتخيل وجود يده مثلاً، بل ويحاول أن يحرك أصابعها، ومن قطعت رجله يتخيل رباط حذائه مرتخياً، أو أنه يحس بتنمل تحت ظفر إصبعه الكبير!!، وكذلك فنجان الزوج الغائب الحاضر سيبرد لا محالة، لكن الوهم الذي تعيشه هذه الأرملة لم يطفأ؛ لأنه وهم منعش وجالب لسعادة مشتهاة!.

وحينما تعطي لطفلك قطعة حلوى، في محاولة لتقليل آلامه حينما يصاب بجرح أو أذى، فأنت بذلك تساعده على تخفيف آلامه، وهذا ما أثبتته الأبحاث النفسية، من أن العلاج بالوهم، أو ما يعرف (بالبلاسيبو)، وهي كلمة لاتينية تعني I shall Please أو سأتحسن، هذا العلاج يمكنه أن يقلل من شعور المريض بالوجع!!!، تماما كالعلاج التقليدي بالأدوية!. وكذلك يستخدم البلاسيبو في خداع بعض الرياضيين الذين أدمنوا على المنشطات، فيحقنون حقناً وهمية لكنها تؤدي ذات الغرض!!.

وما دام هذا (البلاسيبو) قادراً حتى على الحلول مكان المنشطات المحرمة دولياً، أتمنى على الحكومة أن تبتكر لنا بلاسيبوهات خاصة، توصلها لنا عبر مياه الشرب النقية، أو ترشها فوقنا بالطائرات: نريد بلاسيبو للرخاء مثلاً؛ فنشعر أننا أكثر نمواً من الصين، وأكثر ازدهاراً من السويد، وأكثر استرخاء من سويسرا.

ثم تحقننا حكومتنا بكل وداعة ب"البلاسيبو" الخاص لرخص الأسعار وتراجعها، كي نشعر بأن كيلو السكر بقرشين ونصف، وأن اللحم البلدي بحال الفجل، وعليها أن تعطينا بلاسيبو للراتب المتأكل والمضمحل؛ لنشعر بأنه يتضاخم ويصل بنا إلى منتصف الشهر!!، ثم بلاسيبو للضرائب التي تجتاحنا من كل صوب وحدب، فعلنا مع هذا البلاسيبو ألا نشعر بتراكمها لا بتناسلها ولا بنموها العمودي والأفقي، ولا نحس حتى بتعربشها علينا، وانسحاقنا تحتها: بصراحة تعبنا!.

ramzi972@hotmail.com
خاص ب عمون.





  • 1 عقاب الجبالي 24-06-2010 | 04:58 AM

    الى الاستاذرمزي الغزوي ( ابوخالد)تحيه طيبه وبعد.. طرحك لهذا الموضوع الذي يسلط الضوء على معاناة السواد الاعظم من الناس بهذا الاسلوب التصويري الراقي المدهش ينم عن خلفيه ثقافيه كبيره تتمتع بها وتسلط الضوء على واقع صعب في اردننا الغالي وهذه الامنيات التي سردتها هنا ندعوا الله بها جميعا ان يفرج الكرب عن المكروبين وان يرزق الاردن الخير والامن والامان وكل بلاد المسلمين .

  • 2 موسى كريّم المعايطة 24-06-2010 | 09:37 AM

    مقال كثير حلو و بلمس واقعنا المُرّ بشدة. شكرا لك أخ رمزي

  • 3 ابراهيم ملحم 24-06-2010 | 11:41 AM

    هذا قليل من ما يتحرق القلب به الله يعوض مش عليهم علينا لاننا نيام وما طال النوم يوما

  • 4 مريم 24-06-2010 | 12:37 PM

    هذا مقال ذكي ولاذع
    أحييك عليه أستاذ رمزي

  • 5 ابو خالد 24-06-2010 | 02:36 PM

    شكرا لك يا اخ رمزي على هذه المقالة الجميلةالمعبرة

  • 6 عليمات 24-06-2010 | 02:53 PM

    كل الشكر للمبدع الاخ رمزي الغزوي واحب ان اذكره ان الحكومات غير مقصره افلا يكفي حقننا بوهم الحياة ونحن غير ذلك

  • 7 غالب الردايده 24-06-2010 | 05:28 PM

    أريد أن اعبر عن مدى اعجابي بلغة الكاتب الجميلة وبأفكاره العميقة وكلي محبة لهذا القلم الأردني الأصيل


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :