تحدث الرئيس الفلسطيني بمرارة عندما سئل عن ال¯ 500 مليون دولار التي قررتها قمة طرابلس العربية في اذار الماضي من اجل دعم صمود اهالي القدس ومدينتهم امام الهجمة الاستيطانية والتهويدية, فقال بان مستشفى المقاصد الخيرية يخطط للتوسع بشراء فندق قديم مجاور وكل ما يحتاجه هو ما بين 7-8 ملايين, ولقد ارسلت مبعوثا الى امين الجامعة عمرو موسى لعل وعسى ان يكون قد توفّر مبلغ من تعهدات القمة, لكن لم يصل شيء.

امس الاول التقيت احد رجال الدين المسيحي من القدس المحتلة وقد اقترحت عليه (بعد ان روى مأساة ما يجري للقدس من تهويد وتهجير) بان يتشكل وفد من رجال الدين الاسلامي والمسيحي للتجول في اوروبا والولايات المتحدة وامريكا اللاتينية لشرح ما يتعرض له القدس الشريف على يد الاحتلال الذي يسعى للقضاء على مقدسات المسلمين والمسيحيين من خلال التهويد وطرد الفلسطينيين من المدينة.

قال نيافته: لقد شكلنا مثل هذا الوفد, والتقى بعضنا امين عام الجامعة العربية اثناء وجوده في قطر, فطلب منا اسماء (25) شخصية دينية من رجال الدين الاسلامي والمسيحي الذين يجيدون التحدث بالانجليزية, وفعلنا ذلك وقد ابلغنا عمرو موسى في حينه عن رصد مليون دولار لتغطية تكاليف جولة الوفد, لكنه اضاف: عرفت اخيرا ان الامين العام ابلغهم بان (المبلغ طار) لانه أُنفق على تكاليف مؤتمر وزراء الاعلام العرب الذي انعقد مؤخرا في القاهرة! ونحن بانتظار اغنية عنوانها »وين الملايين«, لكن ليس المقصود ملايين الرجال والنساء العرب ولكن ارصدتهم!!

كنت قد ابديت رأيا, في عدد من مقالاتي خلال الشهور الاخيرة, بعد تحليل المواقف العربية من القضية الفلسطينية, وهو ان العرب (اداروا ظهورهم لهذه القضية), وان ما يفعله نشطاء المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان في دول الاتحاد الاوروبي اكثر فعالية وتأثيرا في مساندة الشعب الفلسطيني والوقوف ضد الاحتلال الصهيوني, ومثال ذلك »اسطول الحرية« الذي القى حجرا كبيرا في مستنقع الاحتلال والعنصرية والتخاذل العربي وحرك المجتمع الدولي والرأي العام بقوة اكثر مليون مرة مما فعلت قمم توقع (شيكات مكتبات) بلا رصيد وحتى بلا عنوان وتزعم بانها ضد الاحتلال.

اليوم, اضيف الى هذا الرأي, ان الدول العربية ادارت ظهرها ايضا لمصير القدس الشريف. ولم تعد تبالي لا بأولى القبلتين ولا بحائط البراق وقصة الاسراء والمعراج, وبانه مثلما توارى القوم خلف ستائر مخملية او قنابل دخانية (لا فرق) ليغمضوا اعينهم ويسدوا اذانهم عن ما آل اليه حال بغداد تحت سنابك دبابات الامم الاجنبية التي قتلت وهجرت ملايين العراقيين, فان هؤلاء انفسهم يفعلون الان الشيء ذاته تجاه القدس وما تتعرض له من تهويد وتهجير.

لقد اثبتت وقائع »اسطول الحرية« وتداعياته الايجابية (السياسية والاعلامية والعملية) اهمية تحرك الشعوب وفعاليات المجتمع المدني في العالم العربي وفي المجتمعات الاوروبية والامريكية والآسيوية, ومثلما نجح قطاع غزة في طرح حصاره على جدول اعمال السياسة الدولية, فان القدس تحتاج الى تحرك اقوى مماثل لكي تكون قصة اخبارية اولى امام الرأي العام العالمي بما يكشف حقائق اسرائيل واصدقائها وشركائها, كدولة ارتكبت من جرائم الحرب ما لم يفعله هتلر والعنصريون الصرب في سبيرنيتشا البوسنية.0
taher.odwan@alarabalyawm.net
طاهر العدوان