facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حكاية في الجنوب


ماهر ابو طير
09-07-2010 06:06 PM

هربت الخميس ، الى الكرك ، وحين الوذ بالجنوب ، تكون ساعاتي صعبة وثقيلة ، فأفرعبرالدرب الذي يقودك الى القبلة ، والذي قاد الملايين قبلك عبر مئات السنين من اهل "الشام"الى "مكة" براً على الاقدام وعلى الجمال والخيل ، مهللين مكبّرين ، في رحلاتهم ، الى بيت الله الحرام.

عدت من زيارتي متألما ، وحين تقف في موقع معركة مؤتة ، وفي المسجد القديم الذي لم يتبق منه سوى محرابه وحجارته ، تصاب بصعقة على رأسك ، لانك تشاهد عاملا عربياً قد انزوى وخلع بنطاله وجلس يقضي حاجته على ارضية المسجد القديم الترابية ، دون خجل ، وعلى ذات الارضية زجاجات المشروبات الكحولية التي يتم شربها ليلا ، وتسأل نفسك لو كان هذا المكان فندقا من طراز خمس نجوم هل كان سيهمل بهذه الطريقة ، وهل كان متنفذو"الصوت العالي" سيقبلون هذه المهانة لبيت من بيوت الله ، وان تهدمت جدرانه.

تذهب الى لوحة الشهداء التي تحوي اسماء شهداء معركة مؤتة ، فتراها قد تحطمت في بعضها ، دون ان يكلف اي احد ان يسأل نفسه لماذا يقبلون تكسير لوحة عليها اسماء الشهداء ، ولماذا تهان اسماء الشهداء بهذه الطريقة ، وتتذكر يافطات الاعلان عن الفنانات ، وهي يافطات انيقة جميلة لا تؤثر بها الشمس ولا البرودة ، فتقول في نفسك ان هذا زمن عجيب ، يهان فيه اسم الشهيد ، ويُكرم فيه العصاة ، الذين لادور لهم سوى تخريب اخلاق الناس ، ومحو قيمة الشهادة من ضمائرهم ، لاحلال رموز مكان رموز.

ترتحل من تلك النقطة عودة الى قرية "مدين" فتدخلها آمناً ، طرقها محّفرة ، مساجدها قديمة ، ومآذنها لم يعد طرازها موجودا لانها قديمة ، مواقف الحافلات في القرية اكل منها الدرب وشرب ، مدارسها قديمة ، وتسأل عن المال المكدس في عمان ، ولماذا لايبني مدرسة في هذه المنطقة لوجه الله ، ولماذا لايبني مسجدا لوجه الله ، ولماذا لاتُعبد الشوارع ، وتصل الى بئر "مدين" التي مازالت تسقي الماء ، وهي البئر التي وقف عندها موسى عليه السلام ، وسقى للاختين ، وتزوج احداهما ، وترى منطقة البئر مهملة ، ولا يوجد لوحة تعريف ، ولا انسي ولاجني في تلك المنطقة البعيدة ، ولاخدمات ولامرشدون ولازوار ، بالاضافة الى عدم نظافة المنطقة المحيطة بالبئر ، فتخرج متألما على بلد يهمل اعز واعظم مافيه.

ادير محرك السيارة الى المزار الجنوبي ، الى مقامات شهداء الصحابة جعفر بن ابي طالب وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة ، وازورهم واقرأ لهم الفاتحة ، ولولا اسئلة الحرس المريبة عن اسم كل ضيف ، لكان كل شيء على مايرام ، وعند سيدنا جعفر ترى عائلة كويتية جاءت لزيارته ، يمضون وقتهم في قراءة الادعية والتقاط الصور للمقام ، وتقف عند جعفر وتتذكر كم هذا الرجل عظيم ولاند له بين الرجال ، حين يقطع الروم يمينه فيحمي الراية بيسراه ، وحين يقطعون يسراه ، يحمي الراية بصدره.اول الفداء هو بحق.جعفر رضي الله عنه وارضاه ، مازال سراجاً لهذه الامة ، بأن لايبخل المرء بروحه ولابجسده.تقف عنده لحظات ويدور الحرس فوق رأسك ليراقبوك ، كأنك تفعل خطأ ما ، ويقطعون عليك تأملك مرات ومرات ، بأسئلة فضولية تفهم سرها.

برغم ذلك تشحن روحك ، وتتذكر شهداء عظام ، ورجالا ليسوا كالرجال ، سراجات الجنوب ، النقي البهي ، الغامض بحدته ، المثير بسكوته ، وتعود الى عمان ، كطفل ولد للتو ، لكنك لاتنكر"الغصة" في قلبك ، للاهمال الذي تراه في كل مكان ، ولتلك الاهانات في مواقع متعددة ، ولذاك السكوت على مس كرامة هؤلاء الرجال ورفاقهم في تلك المواقع بوسائل شتى ، وبعضنا لو اعتدي على سمعة جده الرابع عشر ، لاقام الدنيا وما اقعدها ، وبعضنا لو القيت امام باب منزله ورقة ، لاستل مسدسه ولاحق من يرميها ، فيماهذه المواقع يتم تركها بحالة مزرية لا يقبلها من في قلبه حب لهذا البلد.

الاردن الذي نعرفه ، هو اردن الانبياء والصحابة والشهداء ، الاردن الذي صنع التاريخ ، ولم يكن عابراً للذاكرة ، الاردن ناصية الاسلام ، وجبينه الوضاء ، ومفتاح فرجه .

فرق كبير بين ان تحب الاردن لانه يؤّمن مصالحك ، وبين ان تحب الاردن لانك تعرف قدره ومقداره.

الدستور





  • 1 شلن 09-07-2010 | 07:01 PM

    لقد هونت على غصتي

  • 2 شباب الطراونه 09-07-2010 | 07:23 PM

    تحيه للكاتب الرائع ماهر ابو طير ,, وماذا عن دور وزاره الاوقاف ؟

  • 3 كركي 09-07-2010 | 07:25 PM

    كل ما ذهب اليه الكاتب هو عين الحقيقه وهل من فعل او رد يا حكومتنا الغاليه جدا جدا علينا


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :