facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حفيدة غلوب باشا : قلب ينبض بحب الأردن


سهير جرادات
18-07-2010 01:54 PM

في جلسة سادها الود والسجال حول تاريخ الأردن المعاصر وذكريات ما زالت عالقة بالتاريخ جمعتني مع سارة فارس غلوب باشا ، ترجمت خلالها حبها للأردن ولترابه من والدها ، وجدها هو مؤسس الجيش الأردني وقائده في الأربعينيات حتى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي .

حدثتني سارة حيث التقيتها بدولة الكويت في اثناء زيارتي اليها مؤخرا ، وعينها على عمان التي عشقتها وارتبطت بها وبالقضية الفلسطينية التي تعيش في وجدان من تنسموا هواها وارتبطوا بدمها " والدي نقل إلينا حب العروبة ووالدتي الفلسطينية ظلت تحمل معها قضية بلدها أينما حلت "

تتذكر سارة حفيده الفريق غلوب باشا تلك الحياة التي عاشتها .. حياة لا تخلو من الصرامة التي تربت عليها من قبل والدها المؤرخ والشاعر الايرلندي فارس ، الذي يتقن اللغة العربية " . وتضيف كان لديه الإصرار الكبير على تعليم ابنه وبناته اللغة التي يعشق معانيها وكان له منها نصيب عندما أطلق عليه الملك عبدالله الأول اسما عربيا له علاقة بالصحراء ( فارس)، ليكون احد فرسانها ومغاويرها ،فيما كا ن الأبوان من أصول انكليزية"

اعتنق فارس غلوب الإسلام في الأزهر الشريف ،وهو في سن الثامنة عشرة من العمر ،وتشرب حب الصحراء التي امضي فترة من عمره بين قبائلها ، وكان مساندا قويا للقضية الفلسطينية وتحول إلى صفوف المدافعين عنها بعد أن تزوج من سيدة أردنية من أصول فلسطينية لتظل هذه القضية حية في بيته و ذاكرته .

تتابع ساره حديثها وكلي إصغاء لذكرياتها ، وقد ارتسم الحزن عليها ، عندما عادت بها الذاكرة الى اليوم الذي فقدت فيه والدها الذي قضى نحبه بحادث دهس في الثالث من نيسان من عام 2004 بعد خروجه من مقر عمله في وكالة الأنباء الكويتية ( كونا ) ، وأكثر ما تتحسر عليه الى الان عدم تمكن العائلة من تنفيذ وصيته بدفنه في القدس المدينة التي ولد فيها لرفض السلطات الإسرائيلية ذلك ، وتم دفنه في مقبرة سحاب قرب عمان على مرتفع مشرف على المدينة المقدسة .

كنت ، وهي تتحدث إلي اختلس النظر إلى جنبات ذلك المنزل الذي يوحي إليك انك تعيش في بيت وسط الصحراء الأردنية، حيث تتناثر على جنباته وبين أركانه أدوات من البيئة الصحراوية ،وصور لشخصيات ذات طابع بدوي صرف، وصور مناسبات واحتفالات للجيش الأردني عاشتها العائلة ، ولن تستغربوا تلك اللهجة البدوية الأردنية التي تتحدث بها سارة ولا تغيب من أرجاء المنزل .

أقول لكم وبكل تواضع ، انك تجلس في بيت أردني ، فالحديث غير مسموح به بغير اللغة العربية ، وحتى عندما كان فارس يدرس بناته المواد الدراسية التي تدرس باللغة الانجليزية يعلمهم إياها باللغة العربية كما وصفت لي سارة تلك الأجواء التي عاشتها .

لم يتوقف عبق العروبة عند هذا الحد ، كما حدثتني سارة " إذ كان والدي يواظب على قراءة القران الكريم بلغة صحيحة وسليمة ، وأدى مناسك الحج وكان ملتزما بالشعائر الدينية ".

قضى فارس الذي ولد عام 1939 الجزء الأكبر من طفولته في الأردن وتلقى تعليمه في مدارس الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمان، ومدرسة المطران ، انتقل بعدها إلى سويسرا وبريطانيا حيث تخرج من جامعة لندن متخصصا في العلوم العربية والإسلامية.

عاد فارس الى الأردن بعد حرب حزيران عام 1967 وعمل أستاذا في دار المعلمين التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة الاجئين في وادي السير ، كما عمل مقدما للبرامج الثقافية في الإذاعة الأردنية ، وعمل مراسلا صحافيا للإذاعة والتلفزيون الأمريكي ، وكان يكتب مقالات للصحف الأردنية واللبنانية ، وعاش في لبنان من عام 1970 ولغاية 1982حيث شهد حصار بيروت.

عاش فارس مع والديه وأخوته بالتبني كما أعلمتني سارة وقالت : - " ان جدي تبناهم وهم: نعمة التي تركت وحيدة بعد النكبة الفلسطينية عام 1948 بعد موت أمها فأخذها جدي ورباها الى جانب طفلين عثر عليهما في مغارة واسماهما ماري وعطاالله ، كدلالة أن الله انعم عليه يهما ".

أمتهن فارس مهنة الصحافة مسخرا قلمه خدمة للقضية الفلسطينية ، وهي ذات المهنة التي امتهنها والده غلوب باشا بعد أن خرج من الأردن، بعد تعريب قيادة الجيش الأردني ، ولم يجد ما يوفر له قوته سوى العمل في الصحافة والكتابة في الصحف البريطانية عن فترة وجوده في المملكة .

ما تزال سارة وشقيقتها دارينا تحملان معهما أجمل الذكريات التي عاشها والدها الذي ظل مخلصا للصحراء الأردنية التي تربى فيها متمسكا بعاداتها وتقاليدها ووفيا لها كما والده غلوب باشا الذي أحب الصحراء .

تستذكر سارة تلك الألقاب الجميلة التي أطلقها أهل البادية على جدها وتعتز بها العائلة وهي ألقاب كثيرة منها "راعي البويضة" نسبة إلى الناقة البيضاء التي كان يتجول بها بين العشائر والقبائل ، أو "أبو حنيك" لأثر جرح غائر في أحد فكيه نتيجة إصابته خلال الحرب العالمية الأولى.

تفوح في أرجاء ذلك المنزل البسيط رائحة العراقة ، فتجد هنا "البيانو" الذي صنع في جنوب إفريقيا من الخشب "المهجني "بمفاتيحه الموسيقية المأخوذة من العاج الأصلي ،وقد شحن إلى جدها عندما كان بالأردن في أثناء عمله ، وما زالت العائلة تحتفظ بالختم الخاص للعائلة الذي وشمت فيه العديد من الفضيات والأدوات التي يستخدمونها كالملاعق .

وأنا أتحدث إلى سارة وقعت عيني على الساعة الخاصة بغلوب باشا ، التي ما زالت تعمل إلى الآن منذ تاريخ صنعها عام 1856 ، وكأنك تسمع مع كل دقة من دقات عقاربها اصوات العز والشموخ الأردني كما ينبض قلب سارة حنينا إلى الأردن .

لفارس الابن الوحيد لغلوب باشا ، ابن اسمه مبارك من زواج سابق ،والذي رزق بثلاث بنات ، لينتهي بذلك نسل غلوب باشا عند حفيده مبارك.

عمل الضابط البريطاني جون غلوب المعروف باسم "غلوب باشا" الذي ولد عام 1897 وتوفي عام 1986 قائداً للجيش الأردني من عام 1939 إلى أن صدر القرار الأردني بتعريب قيادة الجيش عام 1956.وإبعاد الضباط الانجليز ، وألف العديد من الكتب منها كتاب "حرب في الصحراء " الذي استعرض فيه مذكراته الشخصية وحياته في البادية وطبيعة العلاقات العربية – الانكليزية وإعجابه بشخصيات عربية حكمَت خلال تلك الحقبة.

ومن مؤلفات غلوب باشا أيضا كتاب " مذكرات غلوب باشا.. حياتي في المشرق العربي" والذي يعتز فيه بدور الجيش الأردني في حرب 1948 ووصف دوره بإنه حقق أهدافا تفوق إمكاناته المحدودة.

بعد أن خرج من الأردن نشر غلوب باشا عدة كتب وألقى مئات المحاضرات في بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية عن العرب وتاريخهم والصراع العربي ــ الإسرائيلي في الشرق الأوسط، وعن حياة البدو وتاريخهم وعمل في الصحافة " ليتمكن من تأمين احتياجات أسرته بعد عودته إلى بلاده المكونة من زوجة وأربعة أبناء ما زالوا على مقاعد الدراسة وهو بلا راتب تقاعدي .

ما لا يعرفه الناس عن فارس بن غلوب باشا هو أنه كان منتميا إلى القضية الفلسطينية ، وبرز ذلك في مؤلفاته التي عملت على إظهار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، والمخاطر التي أحدثتها الصهيونية في البلاد العربية ، وذلك من خلال مؤلفاته العديدة، ومنها : كتاب" القضية الفلسطينية والقانون الدولي "و كتاب " الصهيونية هل هي عنصرية ؟ ، وآخرها كتاب " نجوم في سماء فلسطين" ، وجميع كتبة نشرت باللغة العربية والانجليزية والألمانية .

ما زالت كلمات سارة عالقة في ذهني، وأنا أودعها يرافقني حنينها إلى الأردن عندما أخبرتني عن آخر الكلمات التي كان يرددها جدها غلوب باشا قبل وفاته: " بعد مرور 24 سنة على إبعادي من الأردن ما أزال أحس بأنني ملزم بأن أخلص لملك الأردن وشعبه".

Jaradat63@ yahoo.com





  • 1 عمرو بن بحر 25-02-2012 | 02:22 PM

    كثيرا ماحدثني والدي عن كلوب باشا (ابوحنيك) وعن ابنه فارس وكيف ان الاخير رفض ان يغادر الاردن الى بريطانيا متعللا بانه مواطن اردني..رحم الله فارس وكل المؤمنين وانا لله وانا اليه راجعون


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :