أجواء الحرب ومناخاتها تغمر المنطقة مثل سواد ليل لا ينقشع، ألقت اسرائيل عليه المزيد من الظلمة والحلكة. فمنذ نحو 80 عاما والدم يسيل، يأخذ شكل الحرب مرة وشكل المجزرة مرّات، يضرب في الجسد الفلسطيني مرة وفي المحيط العربي مرة.

تصرّ اسرائيل على أن تظل حاملة طائرات، على حسابات منها وظنون، أنها غير قابلة للغرق، فتشبع المنطقة برمتها، قصفا وتدميرا وابادة، انطلاقا من أن لغة القوة ووسائلها، هي التي تحقق النتائج المرجوة، وتوفر للكيان الغاصب، المزيد من الفرص للتوسع والاحتلال والاستيطان.

عربدة وصلف وغطرسة وتهديد ووعيد وعدوان، لا ينقطع، على خلفية أن شعوب العالم وحكوماته عاجزة عن إعادة إدخال هذا المارد المتوحش إلى الزجاجة، وان سيدة الكون وحاملة مفاتيح ابادته او رفاهه، مكبلة من الداخل ورازحة تحت ضغوط اللوبي اليهودي الأمريكي، التي لا تقهر، ولا يمكن لأي رئيس او حزب امريكي، ان يقفز عن حقيقة، ان هذا اللوبي اليهودي هو الذي يقرر في السياسة الامريكية المتعلقة بالشرق الاوسط.

ان ما هو منتظر من أي قيادة امريكية او حزب او مرشح امريكي، هو تقديم اوراق الاعتماد الى هذا اللوبي اليهودي، وتملقه الى حد مهين، والدخول مع الاحزاب والمرشحين الامريكيين الى مختلف المواقع السياسية، في مزاودة محمومة لكسب رضاه ودعمه.

ويضع الملك حقائق المنطقة وواقعها المعلوم - وليس المجهول – الذي هو في انتظارها، أمام العالم كله عندما يقول في الامم المتحدة (23 ايلول2010): «لقد سئم الناس خيبات الأمل وان البديل عن السلام هو المزيد من المعاناة والاحباطات التي ستؤدي الى المزيد من الحروب وان الجميع سيدفع الثمن» ان استمر الوضع الراهن او انزلق- وهو ما نرجحه- الى درك ادنى.

ان معاناة شعب فلسطين الأسير، اكبر من ان تطاق، وان احتمالها له حدود هي حدود التحمل الانساني القصوى وبعدها الانفجار والدمار والهلاك، الذي حذّر الملك، ولا يكف عن التحذير، من اخطارها المدمرة الواسعة، التي ستشمل الأمن الامريكي والغربي على وجه التحديد، والأمن والسلام العالميين، علاوة على امن شعوب الاقليم.

شعب كامل يرزح تحت قرف الاحتلال الاسرائيلي، غير المسبوق في عنفه وافراطه في استخدام القوة مع المدنيين والعزّل، الذي خلّف آلاف الشهداء والأيتام والارامل، وعشرات آلاف المعتقلين الذين يعانون الويلات هم وأسرهم، ومئات آلاف الشباب العاطلين عن العمل، وآلاف المشوهين والجرحى والمصابين، بفعل العدوان الاسرائيلي المتلاحق، وملايين اللاجئين والنازحين، الذين اقتلعوا من وطنهم وارضهم وخيراتهم واستقرارهم، وتم تشريدهم بالعنف والمذابح، الى جهات الارض الاربع.

وكأنّ قادة اسرائيل لم يسمعوا، او هم يتعامون، عن حقائق الطبيعة والفيزياء المستقرة الثابتة التي تؤكد «ان لكل فعل ردّ فعل، مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه»، فتراهم يلغون في دمائنا، ويقارفون اعتى حالات التنكيل، ويمارسون العنف في درجاته البالغة الافراط.

والسؤال المركزي هو:كيف يقبل العالم سلاما ليس قابلا للحياة؟!!

كيف يقبل الاسرائيليون سلاما ليس قابلاً للحياة ؟!!

كيف ينتظرون من الفلسطينيين والعرب ان يقبلوا سلاما ظالما جائرا.

سلام لا يقوم على العدل والحق، سلام الاذعان الذي ينتهز الاسرائيليون فيه انهم القوة المطلقة، هو سلام يحمل في أحشائه عوامل دماره وفنائه، هو سلام سيتم نكثه عند الزاوية وقبل غروب الشمس.

Assem.alabed@gmail.com
الراي.