facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رحلة القلق والفرح


09-10-2010 04:52 AM

قبل أسابيع قليلة، دعاني صديقي لزيارة لبنان، ورغم أنني كنت قد زرت لبنان لأكثر من مرة سواء للسياحة أو لزيارة أصدقاء وأقارب، إلا أن فكرة أن أزور لبنان هذه المرة كانت تختلف تماما.

وعدت بذاكرتي الى أول مرة أقوم بها بزيارة لبنان، فما أن دخلت الى بيروت حتى جهدت أبحث عن شيء ما، فثمة شيء عاش في ذاكرتي طيلة سنين، لكنني لم أره قط على الحقيقة، ورويدا بدأت أرى ما أعرف من تاريخ يترجم بعضه أمامي، فعمارات بيروت المهجورة، وتلك الحيطان والأبنية التي ما زالت فيها علامات الرصاص والمدافع جعلتني أتخيل الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان يوما ووضعته على حافة الهاوية، بل إن بعضها أعادني الى ما قبل ذلك بكثير، الى أيام اجتياح اسرائيل لهذا البلد العربي وارتكاب الاسرائيليين لأبشع الجرائم، كل ذلك كان حينها يعكر صفوي، ويدفعني الى الحزن، لكنني كنت أنعش نفسي بأنفاس الفرح عندما كنت أقف امام بيروت المعمورة حينها، وعلى شاطئها، وأنظر الى «الروشة»، وارى الناس فرحى، فأشعر بأن أشد أيام لبنان سوادا قد «عدت»، وان الوقت الآن ليس الا للبناء والتشييد وحياة لبنان.

والآن، وما أن وقعت على مسامعي دعوة صديقي لي لزيارة لبنان، حتى عادت بي الذاكرة الى نفس الظروف التي زرته فيها بالمرة الأولى، فلبنان الآن خرج من محطتين هامتين، أولاهما عدوان اسرائيل الغاشم في 2006، وثانيهما ما بات يعرف بأحداث 7 مايو التي وضعت اللبنانيين مجددا في دائرة خطر الحرب الأهلية.

أما في الأولى فخرج لبنان منتصرا، وذاقت اسرائيل هزيمة مرة لا تقل عن مرارة اندحارها من الجنوب اللبناني الصامد.

أما الثانية، فكانت درسا قاسيا للبنانيين حتى يتعلموا أن لا شيء يجب أن يكون فوق لبنان.. لبنان القوي بشعبه ومؤسساته ومقاومته وتنوعه وتعدده، فأجمل ما في لبنان أن تشم فيه رائحة الحرية، وأجمل ما في لبنان أن ترى تنوعه السياسي والاجتماعي والديني، وأجمل ما لبنان أن تشعر فيه بلدا مقاوما ومدافعا عن قضية يعلم كل العالم أنه صاحب حق فيها، وأجمل ما في لبنان أن تراه يتحاور فيما بينه وكل قضاياه على الطاولة، من قضايا الفساد الصغيرة، الى قضية السلاح الكبيرة، فكل شيء يجب أن يكون على الطاولة أمام الناس، وحتى فيما لا يشعر بعض اللبنانيين بما هم فيه من «نعمة»، فإن كثيرا من مواطني العالم العربي لا ينظرون لهم الا بعين الاعجاب والغيرة «معا».

أعود للزيارة، فما أن بدأت، حتى بت أبحث عن بعض من «واقع» تلك الأيام لا سيما أيام العدوان الاسرائيلي، فأراني مضيفي جبلا وقال لي أن هذا هو «الضاحية الجنوبية»، فقلت كيف وقد أريتني اياها قبل قليل، فقال لي أن هذا هو «الطمم» وبقايا البيوت المدمرة حيث نقلوها هنا لبناء الضاحية الجديدة، وللحظة أردت أن اقول له أنني أتخيل أن بينها بقايا من عظام ودماء للناس الذين صمدوا والذين ذهبوا ضحايا العدوان، لكنه استدركني قائلا: تخيل أن فيها جثثا ودماء وعظاما للضحايا، فقلت له: يا الله.. لقد أخذت الكلام من فمي.

وهذا واقع الحال في لبنان الآن، فكل شيء يذكرك بالعدوان ويأخذك الى دائرة القلق من أن يتعرض لبنان الى مكروه لا سمح الله، لكنه في نفس الوقت يدفعك الى الفرح لأن لبنان ما زال بخير، واللبنانيون ما زالوا صامدين، ويبقى أهم صمودهم أن لا ينزلقوا الى حرب أهلية تذكر بأكثر أيام اللبنانيين سوادا، فعندما كنت هناك، وقعت أزمة «السيد» فعندما هم قائد الأمن اللبناني الأسبق، والذي قضى سنوات بالسجن على خلفية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، بالعودة الى بيروت متحديا مذكرة توقيفه التي قال عنها بأنها قد صدرت عن المدعي العام الذي يستقصده لتصفية حسابات، صدر بيان الدعم لـ «السيد» من حزب الله، وعندها قلت لمضيفي أن الحزب من سيحضره من المطار حتى لا تطبق المذكرة، وهذا ما حدث بالفعل في اليوم التالي.

وبعيدا عن ابعاد القصة السياسية وقصة المحكمة الدولية وحكاية القرار الظني، فإن ما تشعره الآن، ورغم قلقك، أن بعض «عقلاء لبنان» لا يريدون الانزلاق الى أي مواجهة داخلية، وأن الغلبة ليست الا للحكمة، وهذا ان لم يكن كذلك، فإنه يبقى أمنية بأن لا يذهب لبنان الا الى العمار.. وعمار يا بيروت.

nashat2000@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :