facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حدثتني أم عقاب


سهير جرادات
10-10-2010 11:22 AM

جلست بجانبي على الكرسي الخشبي في ردهة المحكمة ، ودون استئذان بدأت بالحديث ، وهي تنفث ما بداخلها ، وتبث همومها ، " خمنوا الدار بألفين نيره ، وهي تساوي فوق ذلك بعشرة الأف ، خليهم بلكي يرضوا نسوانهم ".

نظرت إليها ، وقبل أن أنطق بكلمة واصلت حديثها " عمرها ما حننت قلب أخوتي علينا نحن بناتها ، كانت - الله يسهل عليها - لو يطلع بأيدها تأخذ نور عيونا وتقدمها الهم ".

وأخذت تكمل حديثها وهذه المرة وكأنها اتجهت في الحديث عن والدها : مات - ريت عظامه للجنة – وترك اشي وشويات ، وبعدها طمع ابو العيال - ما تركنا بحسرتنا - وطلب توكيل مني ، ولما رفضت ، طلقني ، بعد اربعين عاما من الزواج وثمانية أبناء .
ظلت هذه المرأة تتحدث عن وجع الايام وقسوة الماضي وحسرة الحاضر .... "عمري ستين سنه يا بنيتي ، وما بدي أحمل اولادي هموم أكبر من همهم ، عمرت بيت صغير في طرف أرض ابوي ، لكن المرأة لا تترك المرأة بحالها ، خربت وزنت الزنانه"، وظلت تزن : اختك حفرت وبعدين أسست وبنت بيت .. وظلت تفسد الكنه ، حتى رفع اخوتي دعوى ضدي ، لأن الأرض لم يزل عنها الشيوع بعد ، وطلع قرار القاضي ؛ بتكفيت البيت على الأرض المشارع ، والتعويض بعد ما قدروه بثمن بخس ،... أبخس من الثمن الذي باعني به أخوتي ومن قبلهم أبو العيال .

أمسكت ورقة الحكم ، وقرأتها لي ، وأكملت حديثها : لن أسكت هذه المرة ،كما سكتُ ، عندما أرغمني والدي على ترك المدرسة ، رغم تفوقي في الدراسة ، وزوجني خوفا عليَ وحرصا على تأمين مستقبلي.
ما زلت انصت اليها وكأنها تريد أن تفرغ ما بداخلها وتابعت تقول : سأستأنف الحكم ، كما قررتُ أن أستأنفَ حياتي بعد طلاقي ، وأنا في هذا العمر.

وفي لحظة صمت ، خرج صوت ساعي محكمة جنوب عمان ينادي بأعلى صوته على رقم قضيتها ، وتبعها رقم قضيتي الحقوقية ، التي ما زالت منظورة أمام المحاكم ، منذ أكثر من ثلاث سنوات عن حادث سير تعرضت له اثناء سعيي وراء مهنة المتاعب .

نهضنا معا ، وذهبت كل واحدة منا إلى غرفة القاضي ، الذي ينظر في قضيتها ، وأنا أفكر في جوانب ما حدثتني به هذه المرأة ، التي تعرضت للظلم من زوجها ، ومن قبله اخوانها، ثم واجهت التمييز من والدتها .
ذهبتُ بتفكيري قليلا ، وأنا أحلل تلك النظرة ، التي ما زالت تعشعش في أركان حياتنا تجاه المرأة ، وتسلب انسانيتها وحقوقها ، وأقف عند أسبابها ، وأتساءل لماذا هذا الظلم الذي تعاني منه المرأة وتواجهه في حياتها ،وكله يتناقض مع التكريم الالهي الذي حظيت به من رب العباد .

ولدى خروجي من غرفة القاضي ، أخذت في البحث عنها في ردهات المحكمة ، فلم أعثر عليها، فقد أنصهرت بين الجموع ، نظرت من حولي فوجدت أن هناك اكثر من أم عقاب .

Jaradat63@yahoo.com





  • 1 سمره 10-10-2010 | 03:00 PM

    تحقيق حلو كثير يسلموا ايديكي

  • 2 ابو انشراح 10-10-2010 | 04:05 PM

    هناك اضظهاد من المرأة ضد المرأة

  • 3 ا.اشرف النمري 11-10-2010 | 10:35 AM

    تهاني الحرة على المقال الرائع والذي يبرز امر منقوص في مجتمعنا الا وهو انتقصاص حقوق المرأة. وانشالله اجد المزيد من نوع هذه الممقالات ومن جديد تهاني.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :