facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما أحوج الصحافيين إلى ويكيليكس عربي يكشف خفايا عالم السياسة, البزنس والفساد?


رنا الصباغ
05-12-2010 02:43 AM

يضرع المسؤولون العرب ليل نهار بأن تقع معجزة ما تغلق قمقم تسريبات موقع ويكيليكس الذي بات يشكّل مصدر إزعاج وخوف بعد تفجر "فضيحة البرقيات" الدبلوماسية الأمريكية السرية التي أحرجت حلفاء واشنطن حول العالم وأظهرت ازدواجية خطابهم الرسمي والسري.

قمة الإحراج تمثلت في أن القصف البرقي عكس تشكيكا دبلوماسيا أمريكيا حدود التفكّه في نوايا, قدرات ونزاهة محاوريهم من الدول الصديقة والعدوة على حد سواء, من خلال تقييماتهم الخاصة أمام مسؤولين يقابلونهم ومواقف يطرحونها عليهم.

المسؤولون في هذه المنطقة, بعضهم طالتهم نيران القصف, يعرفون أن الأيام المقبلة ستكشف المزيد من البرقيات والرسائل المتعلقة ببلادهم بعد نشر الوجبة الأخيرة من برقيات السفارات. تلك الرشقات السريعة ركّزت على الموقفين الأردني والسعودي حيال المقاربة من إيران والتعامل مع ملفها النووي. كما أظهرت تعاون اليمن مع القوات الأمريكية في ضرب المتمردين. ونسبت إلى وزير الدفاع السابق في لبنان طلبه من إسرائيل عدم قصف المناطق المسيحية خلال الحرب الأخيرة, إضافة لتوصيات حول كيفية التعامل مع حزب الله لتقويض نفوذه.

في مقابل تضرعات المسؤولين, يصلي معشر الصحافيين المحترفين العرب المؤمنين بدور السلطة الرابعة من أجل تعزيز المراقبة والمساءلة وتفعيل مبدأ فصل السلطات. ومن ورائهم المؤرخون والوراقون, لميلاد موقع عربي مماثل لويكيليكس لكشف المستور في ظل عشرات القوانين والتعليمات التي تحجب حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات.

فالصحافة المحترفة هي الرابح الوحيد من مئات آلاف الوثائق السرية التي ينشرها موقع ويكيليكس منذ شهور لتزود الصحافيين بخيوط يستطيعون متابعتها وتقصّيها ومطابقتها مع معلومات يحصلون عليها من مصادر تعطي الرأي والرأي الآخر, بهدف حل الألغاز ونشر الوقائع.

فعادة ما يكتب الصحافيون مسودة التاريخ الأولى قبل أن تصبح جزءا من مصادر معلومات يراجعها المؤرخون عند دراسة المسار التاريخي.

فليكتب التاريخ بعيدا عن سطوة المنتصر وصانعي البروباغاندا.

عدد متزايد من الإعلاميين يبحث اليوم عن شخصية عربية تقوم بدور الهاكر الاسترالي المطارد جوليان آسانج مؤسس موقع ويكيليكس, تكشف أسرار الحكومات العربية وازدواجية الخطاب الداخلي والخارجي وتداخل السياسة بعالم البزنس والفساد. يبحثون عن موظفين سئموا من السياسات القائمة يريدون من خلال هذه التسريبات أن يغيروا الواقع إما رغبة في الانتقام, أو بهدف خدمة الحقيقة كما حدث خلال العقود الماضية في دول غربية كثيرة.

لنتخيل ميلاد ويكيليكس أردني.

بالطبع لن نطلب من موقع كهذا تسريب وثائق تمس الأمن الوطني والسيادة في بلد يحتاج ساستها دوما السير على حبال مشدودة لإيجاد التوازن المطلوب بين الإبقاء على علاقات قوية مع أمريكا وإسرائيل, ومع السلطة الفلسطينية, ودول عربية تحترم الأردن أو تكن له العداء.

لكن لنتخيل سيناريو يتم فيه تسريب وثائق رسمية تمس المشهد الداخلي السياسي والاقتصادي? أو ملف التدخلات الرسمية في انتخابات 2007 لتحجيم النفوذ الإسلامي المتحالف مع حماس? أو ملف التدخلات الناعمة والخشنة في انتخابات 2010 من قبل جهات متنفذة على ما يبدو, وليس من طرف الحكومة, التي يحسب لها أنها أشرفت على إجراء انتخابات حرة ونزيهة حسب إجراءات قانون الانتخاب المؤقت, الذي تحسنت جوانبه الإدارية والإجرائية? أو ملف مشروع موارد لتطوير منطقة العبدلي? أو صفقة كازينو البحر الميت بعد طي ملفها أخيرا بتفاصيله الغامضة? أو القصة الحقيقية وراء تأسيس تلفزيون الغد الذي لم ير النور? أو بيوعات مفاجئة مسّت أصول الدولة بدءا بشركات تعدين واتصالات وانتهاء بأراضي تملكها الخزينة? أو الشركات التي عملت كواجهات لتهريب النفط من العراق عبر الأردن بعلم الجميع بمن فيهم الأمريكيون قبل أن تتوقف مع سقوط بغداد عام 2003? أو كشوفات تتعلق بحسابات مصرفية يملكها كبار المسؤولين ووتيرة تكاثرها خلال السنوات الماضية? أو الضغوط التي تمارس من أجل تعديل قوانين, بخاصة تلك المتعلقة بما يسمى بالإصلاحات الاقتصادية وغيرها من الملفات الإشكالية المطوية.

موقع كهذا سيساعد الصحافيين على استكمال الفراغات في الجمل الناقصة وترسيم البازل في لعبة القطع المتداخلة بصورة قانونية ومهنية.

فالصحافيون يعرفون أنهم لن يستطيعوا كشف أي معلومات حقيقية تمس هذه الملفات الساخنة التي عادة ما يكون الحكم هو الخصم أو حاميها هو حراميها. ويعرفون أن محاولة استخدام قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الشكلي والديكوري لعام 2007 لن يوصلهم إلى نهايات سعيدة نتيجة منطق الوصاية والاحتكار الذي يحكم عمل الجهات المسؤولة في التعامل مع المعلومة. فالقانون أعطى المؤسسات هامشا واسعا لحجب المعلومة بداعي السرية, إذ تلزم المادة 14 من القانون المؤسسات الحكومية بفهرسة وثائقها بحسب الأعراف المهنية وتصنيف ما يجب اعتباره سريا ومحميا حسب التشريعات النافذة. ويعرفون أيضا أنه منذ صدور قانون تداول المعلومات لن تلتزم إلا 15% من 124 وزارة ودائرة حكومية بفهرسة ملفاتها تماشيا مع نصوصه. كما يدركون أيضا إدامة قانون حماية وثائق وأسرار الدولة الذي يحظر على الموظف الحكومي, منذ ,1971 تسريب أي معلومة سرية تحت طائلة المسؤولية, وأن هذا القانون يطبق بمزاجية على كل صغيرة وكبيرة. يعرفون أن تحد آخر يكمن في غياب توثيق ما يجري من مداخلات ومداولات داخل الغرف المغلقة في الغرف الرسمية العربية ومراكز صنع القرار حيال الأمور التي تمس الأمن الوطني والسيادة وقبيل اتخاذ القرارات والمواقف الحيوية التي لا يطل على تفاصيلها أكثر من شخصين أو ثلاثة. ولا يوجد مدونون لمحاضر اجتماعات أي زعيم عربي مع الرئيس الأمريكي - حيث تطبخ القرارات وترسم الاستراتيجيات وتحدد الأدوار في لقاءات تقتصر على "أربعة عيون".

ويعرفون انه حتى ولو توصلوا إلى الحقيقة فإن غالبية رؤساء تحريرهم المرعوبين لن يغامروا بنشرها لكي لا يخسروا علاقاتهم بالسلطة ويرحلوا عن كراسيهم مع المنافع كافة. ويدركون بأن رؤساء تحريرهم لن يتضامنوا مع موقع ويكيليكس المنشود إلا بالقدر الذي تخدم فيه التسريبات أجندات حكوماتهم.

في الغرب مثلا, لا ينشر "ويكيليكس" أي وثيقة عن الدبلوماسية الأمريكية مثلا دون موافقة خمس صحف شريكة تمثّل كبريات وسائل الإعلام المقروءة حول العالم: "النيويورك تايمز" الأمريكية, "دير شبيغل" الألمانية, "غارديان" البريطانية, "البايس" الاسبانية و"لوموند" الفرنسية.

في وجبة التسريبات الأخيرة المتصلة ببرقيات السفارات الأمريكية السرية, جندت هذه الصحف قرابة 120 صحافيا لتحليل هذه الوثائق, وتبادل الكثير من المعلومات والتحليلات عبر اتفاقها على برنامج لنشر الوثائق بطرق مختلفة بعد التشاور مع الحكومات المعنية بما تضمنته وثائق ويكيليكس. كما اتفقت هذه الصحف على طريقة نشر هذه الوثائق بإخفاء بعض الأسماء والمعطيات المتصلة بأمن أشخاص بعد الحصول على المعلومات من ويكيليكس, الذي يعتمد في تمويل أنشطته على جمع تبرعات من أفراد, نشطاء مجتمع مدني وصحافيين.

ربما تتغير معوقات الحصول على المعلومة في العالم العربي شيئا فشيئا مع ثورة المعلومات التي فتحت المجال لمواقع مثل ويكيليكس لنشر تسريبات سرية على حبال الشبكة العنكبوتية ما يساعد الصحافيين حول العالم على حسم الكثير من القضايا موضع الجدل والاجتهاد والشك وكشف أسرار محطات وتفسير أحداث ومنعطفات مرت بها بلدانهم وسائر العالم خلال السنوات الماضية.

يطالب أعضاء في الكونغرس الأمريكي بوضع موقع ويكيليكس في خانة المنظمات الإرهابية, ضمن تخندق مضاد في مواجهة صليات التسريبات. بعض المسؤولين في كندا وأمريكا طالبوا باغتيال أسانج لأنه بات يعرض حياة الناس ومصالح الدول للخطر عبر تسريباته. وقد يقال عنه إنه ليس داعية بناءة ولا ينطلق من مبدأ إصلاح الحكومات والإعلام بل غدا سجين الأنا المتضخمة.

لكن من إيجابيات تسريبات ويكيليكس, ربما دفع القيادات للكف عن التحدث بلغة مع قاعدتها الشعبية وبلغة مخالفة ومناقضة مع الحكومات الإقليمية والدولية بعد ان أثبتت التسريبات خرافة السرية في الدبلوماسية الخفيّة. فهي لم تعد قادرة على مواصلة لعبة إخفاء الأوراق وتغييب الشفافية النسبية ضمن لعبة فنون التفاوض. وربما تشجع دولا عملاقة كأمريكا على إطلاع العالم على خروق وانتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان في العراق وأفغانستان بذريعة الأمن القومي. وقد تشجع الإعلام في دول العالم للكف عن الإذعان للحكومات حالما ترفع الاعلام الحمراء في وجوههم. وربما ستجبر السلطة والإعلام على إعادة النظر في علاقتهما وإعادة التدقيق في الذات واستخلاص العبر.

على القيادات العربية والأجنبية الاستفادة من دروس ويكيليكس بدلا من التظاهر بدفن الرؤوس في الرمال كالنعام, أو استحضار كلمات تعكس روح المؤامرة.

لكن ذلك يحتاج لبعض الوقت حتى يحدث تغييرا تدريجيا في العقلية الرسمية.

فويكيليكس لن يسكت. قنبلته الأولى انفجرت بوجه وزارة الدفاع الأمريكية قبل شهور عندما نشر وعلى دفعات أكثر من 400.000 وثيقة سرية للبنتاغون كشفت فضائح الحرب على العراق وأفغانستان. قبل أسبوع, انفجرت فضيحة ما سمي ب¯ "كيبلز غيت" أو فضيحة برقيات دبلوماسية أمريكية سرية. وقريبا يعتزم نشر وثائق سرية تخص مجتمع الشركات, بما فيها نشر عشرات الآلاف من الوثائق الداخلية لمصرف أمريكي كبير.

ويواصل الرسميون وأصحاب البزنس الصلاة في انتظار الآتي من عالم الغيب; البعبع القادم من قمقم التسريبات.0


rana.sabbagh@alarabalyawm.net

(العرب اليوم)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :