facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




" جاهة غير مسبوقة "


د.خليل ابوسليم
24-12-2010 03:43 PM

شاءت الأقدار أن يتعرف عليها، نظر إليها بإعجاب، وبادلته النظرات من تحت الحجاب، حدثته نفسه أنها فتاة الأحلام التي يطمح في تكملة مشواره معها، سبحان الله، كاملة الأوصاف، مال وعقل وجمال، أرسل إليها رسالة مشفرة بلغة الجسد طالبا لقاءها صدفة، أثناء الخروج ألقى عليها التحية فردت على إستحياء بأحسن منها، وغادر كل منهما إلى بيته محدثين أنفسهم بلقاء آخر لكن هذه المرة ستكون صدفة مخطط لها.

بدأ بجمع المعلومات عنها وبالمقابل هي اتخذت نفس الخطوات، حيث النظرات الأخيرة تركت انطباعا مؤثرا لديهم، عرف مكان سكنها وهي كذلك، عرف موقع عملها وهي كذلك، سأل عن عائلتها وهي كذلك، عرف احتياجاتها ومتطلباتها وهي كذلك، في النهاية تبين أن التطابق واضح والمصالح مشتركة، وأن القدر لا محالة واقع.

أخبر والدته بالأمر والتي سرت كثيرا لذلك، وبدورها أجرت اتصالاتها مع والدة الفتاة بطريق غير مباشر، ثم اتفقن على التفاوض لاحقا خلال الزيارات المتبادلة، وبدأ هو بمغازلة الفتاة والخروج معها حيث الفنادق والأماكن العامة، بدأت علاقتهم تظهر إلى العلن، تبادل مكوكي للزيارات، تعارف بين العائلتين، مجاملات وعزائم وولائم بمناسبات وبدونها، بدأ الناس يتحدثون عن سر العلاقة بين العائلتين والزيارات غير المفهومة، لاحظ الأهل إهتمام المتطفلين أمثالنا بالأمر، عندها شعروا بحتمية تتويج تلك العلاقة إلى نهايتها الطبيعية، الامر الذي يتطلب مفاوضات مباشرة بين الطرفين دون اللجوء الى وسيط لتقريب وجهات النظر.

تم نقل الرغبة الى أولياء الامر، باركو ذلك وبدأت النساء تعد العدة سرا لإتمام المراسم، وبدأت الشروط بين الطرفين تتضح معالمها أكثر فأكثر، ما هي إلا أياما معدودة حتى كان المأذون في المنزل يكتب الكتاب بعد أن اتفق الطرفين على توزيع الأدوار وتقسيم الغنائم بينهم، ضمن سرية دارجة في هذا الزمن العجيب.

بعد يومين طلب والد الفتاة من والد الشاب جاهة كبيرة تليق بمقام الأسرة الكريمة، للقيام بطلب يد الفتاة حسب الأعراف والتقاليد المتبعة ، نزل النسيب عند رغبة نسيبه الجديد، ولم لا وأنا أيضا أرغب بجاهة تليق بي وبمركزي الإجتماعي، وزعت رقاع الدعوة على كبار رجالات البلد وعلية القوم، تجمعت الجاهة من كل حدب وصوب وسارت في موكب جماهيري مهيب يتقدمهم أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة، وكان في استقبالهم لفيف من أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة، جلست الجاهة، صبت القهوة ، بدأ الكل في التسابق لنيل شرف وحظوة الحديث نيابة عن الجموع الغفيرة، وفي زحمة التدافع لذلك، وقف أحد أمراء الجاهة الذي لم ينصبه أحد متحدثا باسمهم، قام وحمد الله وشكر الجاهة التي منحته شرف الحديث باسمها، أشاد بمناقب الشاب وفضائل خلقه – الذي لا يعرف إلا إسمه الذي كتب له على ورقة خارجية- مثلما أشاد بمناقب الفتاة صاحبة الصون والعفاف والشرف الرفيع الذي لا يدانيه شرف- رغم عدم معرفته بها مسبقا-، ختم حديثه بالطلب المعهود وجلس منتظرا الإجابة.
وقف زعيم المستقبلين وخطيبهم – الذي لم يفوضه أحد -، بادر الجاهة بالترحاب حيثما حلت وحيثما وطأت، وأن مثل هذه الرجال لا يرد لها طلب، أعطى الفتاة (عطية ما من وراها جزية)، تناول الجميع الحلويات بعد قراءة الفاتحة للمرة الثانية، أضيئت السماء بنيران الأسلحة ابتهاجا بالنسب الجديد، غادرت الجاهة والكل يبوس لحى الكل، بقي الشاب كالعادة للسهر تلك الليلة مع خطيبته، في اليوم التالي تصدر خبر المصاهرة الجديد الصغحات الأولى للصحف اليومية.
هل رأيتم كيف تم الأمر، كل شيء جاهز ومعد مسبقا، وما الجاهة إلا برتوكول تعارفنا عليه من باب أن بوس اللحى ضحك على الشوارب، فالجميع – ضيوف ومعزبين- يعرف أن كل شيء متفق عليه ومرتب سابقا، وأن الأمور منتهية والعروس مطلوبة ومعطية، وما حضورهم الا للمباركة مقابل كسب بعض الاضواء.
يبقى لدي سؤال يلح علي، ترى هل كانت جلسات الثقة ومنحها بنفس الترتيب.
على أي حال، مبروك للطرفين وصحتين على الشعب الذي أكل المقلب ودامت الأفراح حليفة مجالسكم العامرة.
kalilabosaleem@yahoo.com





  • 1 ابوعرب 24-12-2010 | 04:15 PM

    ابدعت يا دكتور فعلا جاهة مع ثقة غير مسبوقة

  • 2 محمود الحياصات 24-12-2010 | 07:48 PM

    اسقاط رائع على واقع مرير نشكر عليه ابن السلط ونحيي موقع عمون

  • 3 د. وليد 24-12-2010 | 08:15 PM

    رائع انت يا دكتور في هذه التشبيهات العملية وكما اشرت ان امر الثقة هذه لا يختلف عن مراسم عملية الخطبة التي يتباهى بها المجتمع، فالامران لا يعدوان عن كونهما تمثيل على الناس لا اكثر وسبب هذا باعتقادي هو سوء الاختيار الذي وقع فيه المواطن الذي اتكأ على قانون للانتخاب سجل على انه براءة اختراع اردنية بامتياز، افرز نوابا بهذا القدر من الجهل بمتطلبات منح الثقة واجراءات المناقشة القائمة برامج غير قابلة للتطبيق ولا تعدو عن كونها طلبات خدمية تعجز عن تلبيتها الموازنة الامريكية

  • 4 24-12-2010 | 09:11 PM

    Very nice article. Thanks a lot

  • 5 فلاح الأصيل 24-12-2010 | 09:48 PM

    بالفعل يا دكتور كل ما وصفت هو ما يحدث في كل المجتمعات العربية على اختلاف تصنيفها ...... وهذا حال كل البرلمانات والحكومات ......

  • 6 نوفان المناصير 25-12-2010 | 12:25 AM

    تعودنا على هلمسرحيات يا دكتور اذا رئيس المجلس تعين قبل الانتخابات,

  • 7 اردنية الهوى 25-12-2010 | 12:39 AM

    مبارك

  • 8 اردنية الهوى 25-12-2010 | 01:19 AM

    نحب طقوس

  • 9 ابو حامد العطيلت 25-12-2010 | 01:55 AM

    كلام جميل بس الفرق ان الشعب لم ياكل حلويات اكل .... ابدعت با دكتور

  • 10 مواطنة اردنية 25-12-2010 | 01:51 PM

    مقال رائع ويوضح التمثيلية التي جرت أمام أعين الناخبين المساكين فالخطابات الرنانة ماكانت الا جزء بسيط من المشهد النهائي لمسرحية الانتخابات

  • 11 محاميه 25-12-2010 | 05:35 PM

    تشبيه رائع جدا جدا ...عن جد ابدعت يادكتور ومبروك

  • 12 محمد سالم ابوسليم 25-12-2010 | 06:27 PM

    تشبيه رائع جدا جدا

  • 13 محمد سالم ابوسليم 25-12-2010 | 06:27 PM

    تشبيه رائع جدا جدا


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :