facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وقفة امام العشرية المقبلة


طاهر العدوان
30-12-2010 03:27 AM

غدا يكتمل العقد الاول من القرن الحادي والعشرين, ويوم السبت يستقبل العالم اليوم الاول من عام 2011، واذا كانت البشرية قد اعتادت على الاحتفال بالعام الجديد واستقباله بمشاعر الفرح والامنيات, فان وسائل الاعلام ومنها الصحافة عادة ما تنشغل في جمع حصاد العام الذي انقضى. حيث يتم تذكير الناس بأهم الاحداث من احتفالات زواج المشاهير الى كوارث الطبيعة والحروب.

يحاول الكُتّاب والاعلاميون والمثقفون العرب امام عتبة العام الجديد رسم صورة لعالم خيالي في المستقبل, لكن واقع العرب المأساوي حاضر بقوة, وبما يؤكد بأن هذا ليس زمن الحكماء, ولا هو وقت الارض التي تُنْبِت سمنا وعسلا, فالعالم الخيالي اصبح صناعة وطنية في دول الغرب والشرق من امريكا الى اوروبا واسيا حيث تقدمت المجتمعات بقوة وثبات الى عصر ما بعد الحداثة لتحقيق مزيد من الاختراعات والانجازات العلمية والصناعية التي تفوق الخيال, بينما تظل المجتمعات العربية غارقة في عادات الاستيراد والاستهلاك منحدرة نحو مناخات التخلف السياسي والاجتماعي والاغراق في سلوك تبذير الثروات.

في عام 2010 ، لا شيء من انجازات ونجاحات تستحق الذكر في العالم العربي, فالحصاد مُر بعد تزايد رقعة العنف والارهاب وتفاقم مناخات الاستبداد واحتكار السلطة وتبديد الثروات وانتشار آفة الفساد, ولم تعد الشعوب العربية تحلم بالوحدة او الاتحاد وحتى السوق المشتركة, فَشَرُّ ما تخشاه هو مزيد من التفتت والانقسام وحروب داخلية, فاتحتها ميلاد دولة جديدة منتظرة من رحم السودان واخرى تطل من جنوب اليمن وثالثة من شمال العراق, فيما اصبحت عملية توحيد ضفتي الوطن الفلسطيني, الضفة وغزة, مسألة لا تثير اهتمام احد.

لا تزال (السلطة الابوية) هي حال النظام السياسي في العالم العربي التي وصفها جان جاك روسو بأنها »ترمي الى منفعة من يقوم بالطاعة وحيث تصبح السلطات من ممتلكات الاب« وفيما تنشغل دول العالم بالتحديات التي اوجدتها الازمة المالية على اقتصادها وشعوبها, فان معظم الانظمة العربية منشغل بهاجس »التوريث« الابوي. هذا الهاجس الذي يولد سياسات استبدادية. وفيما تفكر البشرية بكيفية صيانة حقوق الانسان وحث السلطات في العالم الثالث على منح شعوبها مزيدا من الحرية فان الحال في العديد من الدول العربية التفكير في كيفية نزع المزيد من حريات الناس ودفعهم الى الطاعة العمياء.

نحاول في الاردن ان نصنع وطنا مختلفا, ففي ظل نظام ملكي مستنير هو جزء من نشوء الدولة وتكوينها فان الاستقرار والاستمرارية يخلقان مناخات صِحّية للتطور وبناء دولة الحريات والقانون. ما يجعل انشغالات الاردنيين تتساوق مع انشغالات الشعوب المتقدمة, فالازمة المالية تتطلب اصلاحا اقتصاديا يبدأ بالحد من النفقات ومحاربة الفساد, والتماسك الاجتماعي يتطلب فصلا تاما بين السلطات, التنفيذية والتشريعية والقضائية, التي تكون فيها حرية السلطة الرابعة (الاعلام والصحافة) مصانة وفقط بمثل هذه البيئة ينشأ المجتمع المدني.

لقد نجح الاردن خلال العقد المنتهية ايامه في النجاة من التأثيرات الهدامة للنزعات الطائفية والاثنية التي انتشرت من حوله, واهم عوامل هذا النجاح يقظة الاردنيين وحرصهم الشديد على وطنهم ودولتهم, لكن التسلح بهذا الوعي لا يكفي لمواجهة العقد الثاني من هذا القرن, يجب ان نحترس من احكامنا السابقة بان »كل شيء على ما يرام« فنحن مدعوون جميعا حكومة وبرلمانا ومواطنين لكي نفحص بدقة الخطوات التالية في مسيرة الدولة.

نتغنى كدولة بصفة (الاعتدال) لكننا نرى انفسنا كمجتمع نفشل في اشاعة مشاعر الاعتدال في حياتنا اليومية, وفي تعاملاتنا وثقافتنا السياسية والاجتماعية, وهذه ليست دعوة من باب الوعظ الاخلاقي, انما مدخل للقول بان الاردنيين يستحقون في العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين ان يُقدم النظام على خطوات واسعة في مجال ترسيخ دولة القانون وتفعيل مشاركة المواطنين بالقرارات العامة. وفتح افاق اوسع للحريات العامة التي تنمي روح الاعتدال الداخلي وتُغَلّب لغة الحوار التي تصنع التقدم والتطور الحضاري, وتُؤَمّن الحصانة الوطنية من داء الفتن والانقسامات التي ابتلي بها العالم العربي.

taher.odwan@alarabalyawm.net

(العرب اليوم)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :