facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عن رجال الدولة والمنطقة الحرام


شحادة أبو بقر
20-01-2011 02:16 PM

قبل العام 1989 كانت العشائر والعائلات والوحدات الاجتماعية والتعليمية وحتى الاقتصادية وفي غياب الاحزاب السياسية التقليدية تفرز نمطا جيدا من رجال الدولة في بلادنا وهم رجال بعضهم قضى وقلة منهم ما زالت تعمل او تعيش ، لكنهم كانوا رجال دولة حقيقيين بمفاهيم ذلك الزمان اذ سهروا على مصالح البلاد والعباد قبل السهر على مصالحهم هم ، وبعضهم مضى الى حتفه فقيرا معدما وبعضهم عاش عيشة الكفاف برغم توليه ارفع المناصب واكتسب والى اليوم سمعة طيبة وذكرى ايضا طيبة ، واجره على الله جلت قدرته.

ذلك حال عشناه وتجاوزنا معضلاه وما خالطه من كروب وهموم وتحديات معظمها آتية من خارج الحدود اي من منتج اقليمي او دولي ، واستطعنا وبشرف ان نبني دولة محترمة بكل المقاييس ومجتمعا كريما عنوانه التسامح والتكاتف والايثار لا الاستئثار ، والتقريب لا الاقصاء والمودة لا الاحلال ، فانتصرنا بتوفيق الله على الظروف كلها وحافظنا على وجودنا مواطنين كراما من كل المشارب والاطياف على هذه الارض الطيبة فقد كانت "الماكينة" الاجتماعية الاقتصادية والتعليمي تواصل انتاج رجال دولة منذورين من اجل الوطن دفاعا عن وجوده وعن حقوق مواطنيه وحاجاتهم وهمومهم.

وفجأة وتحت ضغط الظروف الاقتصادية المفاجئة ايضا كان علينا وفي غمرة الحدث وتداعياته وما خالط ذلك من آراء واجتهادات ، الانتقال الى حالة "المجتمع المدني" الذي قوامه احزاب سياسية ومؤسسات مدنية تُعنى بسائر اهتمامات الناس وبشؤون المجتمع كافة ، اي ان الاحزاب صارت او كان يجب ان تصير بديلا جديدا لانتاج "رجال الدولة" تقوم الدولة على اكتافهم وبجهودهم تباعا فيما تراجع في المقابل دور العشائر والوحدات الاجتماعية وحتى الاقتصادية في تولي تلك المهمة ، لا بل فقد انتهى ذلك الدور نهائيا وصارت العشيرة او العشائرية محط نقد شديد من لدن كل المنظرين الذين كانوا يبحثون عن شماعة تعلق عليها اخطاء المسيرة فلم يجدوا افضل من العشائرية لهذا الغرض.

المهم .. ولا علينا ، فقد انتقلنا نظريا مما نسميه المجتمع العشائري الى ما نسميه المجتمع المدني وهذا في تقديري انتقال جيد نظريا ويتفق مع روح العصر وادواته ، شرط ان يكون انتقالا كاملا ومؤسسيا الا ان واقع الحال غير ذلك ، فقد تخلينا طوعا باسم الاصلاح عن حال كان ينتج لنا رجال دولة يحتاجهم الوطن ولم نتقدم فعليا نحو الحالة البديلة القادرة على تولي هذه المهمة الوطنية الاساسية واسسنا احزابا معظمها احزاب شخصية لا دور لها ابدا في انتاج ذلك النمط المطلوب من رجال الدولة الحقيقيين الذين قلنا انهم يسهرون على مصالح البلاد والعباد لا على مصالحهم هم وحدهم.

نحن اذن اشبه بالمسافر الذي غادر بلده واجتاز حدوده الجغرافية ودخل المنطقة الحرام الفاصلة بين الحدود السيادية لبلده والحدود السيادية للبلد الآخر واستقر به المطاف هناك ، فلا هو بقي في بلده ولا هو دخل البلد الآخر ، والمنطقة الحرام كما هو معلوم لا حضور ولا دور لها في حياة الشعوب ، وهنا انقطع بنا حبل رجال الدولة ، ولم نعد نفرح بوجود هؤلاء الرجال الذين يمكن للاحزاب السياسية ان تفرزهم فرزا طبيعيا فطريا صادقا لو كانت تلك الاحزاب موجودة بصورتها الحقيقية ، اي اننا وباختصار هجرنا مصنع رجال الدولة الاول وهو "العشائر والوحدات الاجتماعية والاقتصادية"ولم نتقدم فعليا نحو المصنع الآخر لاولئك الرجال وهو "الاحزاب السياسية" وهنا مكمن الداء في تقديري عندما يبحث اصحاب الشأن عن رجال دولة لتولي المناصب القيادية العليا فتبدو الخيارات امامهم محدودة جدا وضيقة جدا وتكاد تنحصر في اسماء قليلة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة ، ولا حول ولا قوة الا بالله.

مطلوب من بلدنا ان يقرر ربما فاما العودة الى الوراء او التقدم الى الامام ولذلك بالطبع ظروفه ومعظمها خارج عن ارادتنا في مطلق الاحوال ، وبالطبع فان القائمين على الامر وبمشورة الانقياء الاتقياء الذين يعرفون الله ويخشون عقابه وعذابه ويرجون لقاءه ، يمكنهم اتخاذ القرار الصائب الى اين نحن ذاهبون ، ولو مرحليا على الاقل..

والله من وراء القصد

(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :