facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كي لا نظلم الحكومة


د. رلى الفرا الحروب
23-07-2007 03:00 AM

مما لا شك فيه أن أزمة مياه منشية بني حسن هي أزمة جديدة تعترض طريق هذه الحكومة، وتضاف إلى سجل بدأ يثقل من الأزمات، ولكن الإنصاف يتطلب الإقرار بأن الحكومة لم تتسبب في هذه الأزمة من جذورها، فهي أزمة مزمنة تتعلق بشبكات المياه وصيانتها وتوفر الميزانية الكافية لتحديثها، وهي أزمة من صناعة وتوريد حكومات سابقة. مع ذلك، فإن الحكومة تتحمل عبئا في اتجاهين: الأول من حيث وضع وتطوير استراتيجية للمياه تعالج هذه الأزمات التي تحدث وتلك المتوقع حدوثها وتحول دون تكرارها في مناطق أخرى، بل ودون وقوعها من الأساس، وتتولى وضع خطط شاملة لتحديث شبكات المياه مع إعطائها أولوية قصوى في خطط التنمية، والثاني من حيث إدارة الأزمة وكيفية التعامل معها، فهل أحسنت أم جانبها الصواب في ذينك الاتجاهين؟
سأبدأ من الثاني وأعود إلى الأول.

منذ الدقيقة الأولى كان رئيس الحكومة وطاقمه الوزاري ومستشاروه شفافين في التعامل مع القضية، فلم تحجب المعلومات عن وسائل الإعلام ولم تتم التغطية على الأرقام الحقيقية للإصابات، وكانت هنالك جدية عالية في التعامل مع الحدث على مستوى فريق الصف الأول في الحكومة وبالأخص اللجنة المعنية برئاسة وزير الصحة الذي أثبت مهنية عالية واحتراما لصحة الناس يتناسب مع مسؤوليته في موقعه الخطير، وإن كان الشيء ذاته لا يمكن تعميمه على وزراء آخرين في مواقع ذات صلة، ولا حتى على أمناء عامين أو من هم دونهم.

ومنذ اليوم الثالث الذي بدأت الأزمة تتخذ فيه طابعا جديا مع ارتفاع عدد الإصابات وتحولها من أرقام فردية إلى جماعية، لم يتهاون رئيس الحكومة ولو للحظة، فقد وضع القضية على أجندة أولوياته وقام بزيارات شخصية إلى المصابين وشكل اللجان من خيرة الخبراء في الأردن ومن شتى الجهات ذات الصلة، موجها الجميع إلى ضرورة العمل سويا كفريق وطني بعيدا عن التخندق، وإلى لحظة كتابة هذا المقال، فإن الرئيس لم يخفف الضغط عن اللجنة المعنية والفرق التي تشكلها، وحتى المواعيد النهائية التي طالبت بها اللجنة لم يقبلها الرئيس، وطالب بتقديم نتائج العينات في زمن أقصر تقديرا منه لحجم المشكلة ورغبة في معالجتها بأقصى سرعة ممكنة.

وزير الصحة بدوره لم يغمض له جفن منذ بدأت القصة بالتفاعل، وقضى في الموقع مع وزير المياه ليلتين متواصلتين منذ بدء الحالات، وكانا مناوبين طيلة الليل، عدا عن تفقد وزير الصحة المستمر للمصابين في موقع الحدث حتى بات على صلة شخصية بهم ويحفظ أسماءهم أسرة أسرة، ولم يبخل بالمعلومات على وسائل الإعلام في أي لحظة، وأبقى الجميع في موقع متقدم من حيث الإلمام بما حدث والنظريات المحتملة لتفسيره.

ولكن الشيء ذاته لا يمكن قوله عن وزارة المياه ومؤسساتها المعنية في مرحلة ما قبل الأزمة، فأهالي المنشية مثلا اشتكوا لفريق الأنباط الذي زارهم من أنهم قدموا شكاوى متلاحقة عشرين يوما قبل ظهور الإصابات حول الكسر في أنابيب المياه، دون أي إجراء أو استجابة من الجهة المعنية، بل إنهم اضطروا إلى لحم أنابيب المياه بأنفسهم وعلى نفقتهم الخاصة مرات عدة على حد شكواهم، وهو ما يثير عددا من علامات الاستفهام حول أداء الموظفين المعنيين، وليس بالضرورة الوزير، فالوزير، أي وزير، لا يعقل أن يضطلع على كل صغيرة وكبيرة في الوزارة، والأصل أن يقوم كل موظف بعمله باعتباره وزيرا، لا أن ينتظر وقوع الكارثة وأوامر الوزير كي يتحرك، وهو ما يستدعي محاسبة المقصرين الذين تجاهلوا تنبيه الأهالي وشكاواهم قبل محاكمة سياسات الوزارة العامة وتقصيرها في تحديث الشبكات ووضعها على رأس الأولويات في أجندتها.

أما في الجانب الأول، فقد أعلن رئيس الحكومة بالأمس في اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف اليومية ووسائل الإعلام المرئي والمسموع عن وجود عطاء لتحديث شبكات المياه في المفرق بالفعل، وأن المقاول المعني تم توجيهه بعد ظهور تلك المشكلة إلى تغيير أولوياته والبدء بشبكة منشية بني حسن، ومن المفترض أن يباشر المتعهد بتنفيذ العطاء بعد أسبوعين حسب تقديرات الرئيس.

كما أن حملة سابقة كانت قد بدأت لتحديث شبكات المملكة حسب الأقدم عمرا، بدءا من مناطق عمان الشرقية، وقد قامت الحكومة العام الماضي باستبدال شبكات المياه في H4 , H 5 , وصبحا وصبحية في المفرق، ولكن الكلفة المالية الضخمة لتحديث تلك الشبكات كانت دوما عنصر إعاقة في وجه إنجازها بالسرعة المطلوبة وإن كانت معظم المساعدات الأوروبية المقدمة للمملكة تصب في مثل تلك المشاريع المتعلقة بتطوير البنية التحتية.

لقد ذكر الرئيس بالأمس أن كلفة تغيير أنبوب مياه واحد يصل بين الزعاترة والرمثا تصل إلى 41 مليون دينار، فما بالك بشبكات كاملة للمياه في كل المملكة؟ نحن بدون شك نتحدث عن أرقام بالمليارات، ولكن هذا لا يمنع أبدا من جعلها أولوية تتقدم كافة الأولويات، لأن الماء عصب الحياة وهو الشيء الوحيد الذي لا يمكن التفريط به، لأن التفريط به يعني التفريط في الحياة ذاتها.

ولكن، وبقدر مسؤولية الحكومة، فإن مسؤولية الأهالي عظيمة، فالمفرق تعاني من أعلى نسبة تسرب في المياه، ليس فقط لأنها منطقة صحراوية مترامية الأطراف، ولكن لأن الأهالي يعتدون على أنابيب المياه بالكسر والثقب بالدريل وإطلاق النار المباشر على الأنابيب ببنادق م 16 وذلك لاستخدام المياه لسقاية مواشيهم وأغنامهم.

الأخطر من ذلك أن هناك معلومة حصلت عليها الأنباط من مصادر موثوقة تفيد بأن الأنبوب الرئيس، سبب كل المشكلة على الأغلب، ذلك الذي تعرض للكسر وتسبب في بركة تجمعت حولها المواشي وتسببت ببرازها وفضلاتها في تلك المأساة حين شفطتها الماسورة وضختها في الدفقة الأولى حسب نظرية وزير الصحة الأولى، تعرض لإطلاق النار عليه من قبل الأهالي، وتسبب ذلك في كسره، وإن صحت تلك المعلومة، فإن مسؤولية من فعل ذلك عظيمة، لأنه تسبب دون أن يدري في تسميم قرية كاملة.

من الطبيعي في أي أزمة مماثلة أن توجه السهام إلى الحكومة، فهي الحكومة على رأي جداتنا، وهي المسؤولة عن تدبر أمور الدولة، ولكن مسؤوليتنا كمواطنين لا تقل جسامة، خاصة حين نمارس الاعتداءات المتكررة على المال العام ومرافق الدولة، تارة من باب اللامبالاة، وطورا من باب اللامسؤولية، وآخر من باب الطمع.

علينا أن ننظر إلى العود في أعيننا، تماما كما ننظر إلى القشة في عين الحكومة، وعلينا البدء بأنفسنا لإصلاح الخلل المتراكم، وعلينا أن نضرب المثل في الانتماء إلى الدولة والحفاظ على مرافقها، قبل أن نطالب الحكومة بتقديم الخدمات وصيانتها، مع أن ذلك لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها في كل الأحوال، ومن ساواك بنفسه فما ظلم!!!






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :