قضايا التخاصية في شركات الاسمنت والبوتاس والفوسفات في عهدة اللجنة الاستشارية العليا للتدقيق التي ستقرر بعد قراءة دقيقة ما إذا كانت تستدعي في حال وجود ادلة او شبهة او شكوك موضوعية المتابعة القانونية ليتم احالتها الى القضاء.
لسنا هنا في مستوى مناقشة كفاءة اللجنة التي يرأسها طاهر حكمت وتضم خبرات وكفاءات محايدة , ولا في مستوى مناقشة شكل أو الثقة التي تتمتع بها كفاءة وأ شخاصا وسنكون مطمئنين سلفا حيال النتائج التي ستتوصل اليها , لكن إن ثمة ملاحظات , فإن اللجنة لن تكون مجرد لجنة خبراء , بل هي لجنة سياسية وفقا لكل الإعتبارات ونظرا لوزن القضايا التي ستنظر فيها , وعليها من هذا المنطلق أن تبدأ قراءتها للملفات بسؤال نعتقد أنه غاية في الأهمية وهو .. هل كانت الخصخصة خيار ظرفيا أم إستراتيجيا ؟ .
إن كانت ظرفية فقد ولت , وإنتهت سواء حققت الأهداف المرجوة منها أم لم تحقق فتأثيرها على الإقتصاد كان ظرفيا , ولذلك فإنها تستحق التحقيق , والمراجعة والتقييم , والمساءلة إن كانت قد إنطوت على أخطاء أو على فساد , أما إن كانت إستراتيجية , فإنها ستستحق من اللجنة مرافعة قانونية وفنية وسياسية , لأنها مستمرة وذات أثر مستمر على الإقتصاد , وبين هذا وذاك فرق كبير وشاسع واظن أن رئيس اللجنة وأعضائها يدركون هذا الفرق .
لا أعرف ما إذا كان إحالة الملفات المذكورة قرارا سهلا على رئيس الحكومة , ليس لضخامتها بل لأنها تتعلق بتقييم سياسات ذات أثار ممتدة لأجيال متعاقبة , هذا إن كانت النظرة الى برنامج الخصخصة بإعتباره خيارا إستراتيجيا , أما إن كانت النظرة تعتبره خيارا ظرفيا , فقد كان إحالتها بمثل هذه الإثارة قرارا سهلا , لأنها تعلقت بظروف تلك الفترة فقط , وهي بالتأكيد نظرة غير صائبة , لا أظنها موجودة في قاموس الرئيس .
لا أعرف ما هو الهدف من إحالة ملفات الخصخصة , فإن كان لمجرد إنهاء اللغط الدائر حولها مرة والى الأبد , فإن ذلك ينطوي على مخاطرة كبيرة , فاللغط مستمر ولن يتوقف , في ظل الشعور السائد بإختلال ميزان العدالة الإجتماعية والزعم بتبديد الثروات !! أما إن كان الهدف هو الحرص على استمرار مسيرة التنمية والتركيز على التطوير، بكسر حاجز الخوف من رأس المال هذا الخوف الذي إستفاق من قمقمه مؤخرا فنقول أن الرقابة لا يجب أن تكون سيفاً مسلطا على رقاب الرابحين والمجتهدين والحريصين على رفعة البلد واقتصاده ولأن لكل مجتهد نصيب من الثواب ولأن لكل مخطيء نصيب من العقاب ، فإن لجنة التدقيق الإستشارية مطالبة بتضمين مرافعاتها للأسباب التي أدت الى خصخصة هذه الشركات وما إذا كانت تستند الى خيارات إستراتيجية , أم لحاجة الى المال وعن إستخدام هذا المال في فترة لاحقة وعن المال الضائع فيها قبل الخصخصة وعن أسباب التعثر وسوء الإدارة والخسائر لفترة ما قبل الخصخصة , وهي بظني ما يستحق المساءلة والمحاسبة . .
قلنا في وقت سابق أن مكافحة الفساد يجب أن تنطلق من رؤية تنموية دقيقة على قاعدة العزم على مواصلة التقدم عبر إزالة كل ما يعلق بالمسيرة من سلبيات كي لا ننفق وقتا لم نعد نملكه في إزالة الأثر على الإقتصاد .
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)