للمرة الثانية خلال شهرين توقفت إمدادات الغاز المصري الى الاردن بسبب تفجير الخط في الاراضي المصرية . وكان وزير الطاقة والثروة المعدنية د.خالد طوقان قد وصف فترة التوقف الاولى في شهر شباط الماضي بانها كانت فترة قاسية على الاردن . والارجح ان الفترة الحالية ستكون اكثرقسوة حيث سيتم تحويل جميع محطات توليد الكهرباء في المملكة الى العمل على الوقود الصناعي والديزل .

والحقيقة أن مشكلتنا في هذا الموضوع متعددة الابعاد ، فبالإضافة الى مشكلة عدم إنتظام الضخ بسبب التفجيرات المتكررة ثمة مشكلة أخرى هي إنخفاض الكميات من 300 مليون قدم مكعب يوميا الى 150 مليون قدم فقط وصولا الى العقدة الاكبر المتمثلة في طلب الجانب المصري إعادة التفاوض حول سعر الغاز المصدر الى الاردن وإسرائيل .

لقد عمت الفرحة الاردن من شماله الى جنوبه بعد نجاح الشعب المصري الشقيق في التحرر من الظلم والاضطهاد وتمكن الشباب في ميدان التحرير من تحقيق أحلامهم الغالية في الحرية والإنعتاق من ربقة الظلم الذي خيم طويلا على الشقيقة الكبرى مصر .

و قد تابع الاردنيون صمود الشعب المصري الباهر وراقبوا بلهفة كبيرة مجريات أحداث ثوره شباب مصر الى ان حققت الثورة اهدافها ،, فأحسوا وكأن حلما غاليا لهم قد تحقق ،ورددت شوارع عمان اصداء الفرحة العامرة التي عمت الديار المصرية ، وهنأ الاردنيون بعضهم بعضا وعانقوا اشقاءهم المصريين في شوارع عمان ,وتوجهوا بشكل عفوي الى السفارة المصرية فرحين مسرورين . ولم يكتفوا بذلك بل شد بعضهم الرحال الى القاهرة ليقدموا التهاني الى اشقائهم في عاصمة المعز بهذا الفوز العظيم .

وإذا كان من حق مصر الثورة أن تعيد النظر في كل الامور والإجراءات التي كانت سارية قبل25 كانون الثاني "يناير" ، فإنه من الظلم للاردن والاردنيين ان يقترن إسم بلدنا المرابط بإسم إسرائيل عند الحديث عن وجوب إعادة التفاوض على إتفاقيات تصدير الغازالمصري الى الخارج .
لقد إنتقد الاردنيون صفقة بيع الغاز المصري لإسرائيل في حينها ودبج الكتاب الاردنيون عشرات المقالات ضد الصفقة التي عتبروها مجحفة للمصالح العربية . ولذا فإنه من المؤلم لكل أردني الآن أن يرى اسم بلده الصامد المرابط وقد إقترن بإسم إسرائيل عند الحديث عن اسعار جديدة للغاز الطبيعي المصري .فألاردن ليس إسرائيل، إذ أنه الشقيق الذي وقف دائما الى جانب مصر في الحرب والسلم، وهوالجار العربي الحريص على مصر الغيور على مصالحها وهوايضا البلد الذي اقتسم مع مئات الالاف من اشقائه المصريين ومايزال لقمة العيش في كل الظروف والاحوال لقمة العيش .

وإذا كانت الاتفاقية التي وقعت عام 2001 قد اعطت الاردن معاملة تفضيلية في السعر فإننا نتوقع من مصر الثورة ليس فقط أن تبقي الامور على حالها ، بل أن تتخذ قرارا قوميا جريئا بتخفيض اسعار الغاز المصدر الى الاردن .هذا هو الامر المنطقي والمتوقع من مصر الثورة والعروبة ،مصر التي فرحنا لنجاح ثورتها وسنبقى نتغنى بهذا الإنجاز الكبير الذي حققه الشعب المصري لانه وقوة وإسناد لكل العرب .

وختما نقول للاشقاء الاحبة : إفعلوا ماشئتم بإتفاقية الغاز بيننا وبينكم ،وولكن بإسم الإخوة والعروبة التي تربطنا لاتقروننا بأطراف اخرى ..فقد نتحمل المشاق المترتبة على رفع السعر او تعديل الإتفاقية ولكننا لن نتحمل ان يقرن إسمنا باسماء الآخرين وكأن مابيننا من روابط الاخوة والعروبة والدين والتاريخ والمصير المشترك قد تبخرت في الهواء وغدت أثرا بعد عين .

من حقنا ان نعتز بخصوصية علاقتنا معكم ومع كل اشقائنا العرب .. فلا تصادروا منا هذا الحق على الاقل .