منذ ان اصدر قادة مجلس التعاون الخليجي بيانهم الترحيبي بانضمام الاردن الى المجلس لم نسمع من اي مسؤول على اي مستوى شرحا لابعاد هذه الخطوة المفاجئة ، وما هو شكل العضوية التى سيحصل عليها الاردن ، هل هي عضوية كاملة ام مجرد مراقب ؟ وهل هو شريك في رسم القضايا الاستراتيجية الكبرى الامنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية ؟ ام مجرد شريك في النشاطات الرياضية والثقافية ؟

لقد طغى رد الفعل الاحتفالي الشعبي والرسمي على مسالة سبر غور الاسئلة الملحة والمهمة مثل لماذا ُيرحب بنا الان ؟ وما هو الدور المطلوب من الاردن القيام به ؟ وما هي الفوائد التى يمكن لبلد كالاردن الحصول عليها مقابل هذا الدور او الادوار المفترضة ؟

في المقابل نجد ان الجدل الخليجي بشان هذا الترحيب بانضمام الاردن والمغرب بدأ مبكرا ... ففي الكويت مثلا تصدى عدد من اعضاء مجلس الامة الكويتي للتعليق على القرار بالرفض او اشتراط الموافقة وتم التاكيد على ان قرار الحكومة الكويتية ليس بيدها فهي بحاجة لموافقة مجلس الامة قبل اعطاء موافقتها لمجلس التعاون ، وفي السعودية على سبيل المثال رد عدد من اصحاب رؤوس الاموال على الخطوة بالرفض سواء حيال ما يمكن ان يتيح للاردنيين نقل اموالهم للسعودية للاستثمار او لجهة فتح السوق امام العمالة الاردنية ، وكذلك الامر بالنسبة لقطر وعمان ، اي ان المسالة ليست قرارا نخبويا – سياسيا يتخذه القادة الخليجيون وتقبله الشعوب باستكانة فالشعوب الخليجية تريد هي الاخرى الدفاع عن مصالحها في وجه اعضاء جدد وشعوبهم كالاردن والمغرب .

ماذا يعني هذا ؟ هذا يعني ان الامر ليس بهذه السهولة واقصد هنا من حيث قدرة قادة دول الخليج على فرض عضوية الاردن والمغرب على ارادة شعوبهم ، ولربما يتسبب مثل هذا القرار في حال فرضه الى تفريخ ازمات داخل هذه الدولة الخليجية او تلك وتحديدا دولة مثل الكويت التى يحكمها نظام برلماني – دستورى فاعل وجدى.

وفي كل الاحوال وحتى لو افترضنا ان الامور سارت باتجاه دخول المجلس ، فهل دورنا سيكون دورا امنيا بمعزل عن الدور السياسي اي ممارسة دور الشرطي المنفذ وليس دور صانع القرار ام هو دور سياسي – امني – اقتصادى كامل متكامل وشريك حقيقي في المغنم والمغرم ؟

في تقديرى ان علينا و قبل ان تسرقنا نشوة الترحيب الخليجي نحو درجات كبيرة من الخيال والمبالغة بالدور والنتائج المتوقعة ، فان المطلوب من الحكومة التفاوض بمنتهي الجدية والندية مع الاخوة الخليجيين وذلك من اجل التعرف على كل التفاصيل المتعلقة بهذه العضوية والحصول على حجم كبير من المكاسب على كل الصعد ، ومن ثم مكاشفة الشعب الاردني سواء عبر مجلس النواب و او النقابات و او الاحزاب بذلك ليقول الاردني كلمته في موضوع مهم وحساس كهذا خاصة واننا نعيش عصر الشعوب وربيع حريتها .

في كل الاحوال علاقتنا بدول الخليج لا تحتاج الى ترسيمها بعضوية في مجلس التعاون ، فالاردن هو بوابة الخليج على الشام وهي بوابة طالما لعبت دورا مهما سياسيا وامنيا واقتصاديا ، وتاريخيا كانت العلاقة بين الاردن والدول الخليجية علاقات تحالف تجمعها قواسم كثيرة سواء شكل الحكم او طبيعة التحالفات السياسية للاردن والخليج مع الاقليم والعالم بالاضافة الى تشابه البنية الاجتماعية والثقافية ، و ما نريده كاردن هو ان تبقى هذه العلاقات حيوية ودافئة وتحقق مبدا تبادل المصالح ، فنحن يجب ان لانقبل بعضوية تحيلنا من حليف الى مجرد تابع ، فهذه هي القضية اولا واخيرا !!

rajatalab@hotmail.com