facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإسلام والدعوة إلى السلام(*)


الامير الحسن بن طلال
17-08-2007 03:00 AM

بصفتي رئيس شرف لمنظمة المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام، فإنّني أدعو المسلمين إلى إعادة تأكيد إنسانيتهم من خلال الحوار. أتابع بحزن وألم عميقيْن تداعيات عملية أسر حركة طالبان للرهائن الكوريين. لقد أحدث القتل الوحشي الذي يخلو من المعنى لعدد من المحتجزين صدمة لي ولعائلتي. إن مزاعم آسريهم، فيما يتعلق بصواب ما أقدموا عليه، قد أساءت إلى هويتنا الإسلامية ما دفعني إلى الكتابة بصيغة النداء والاحتجاج، في آن معًا على سير هذه الأحداث.


يتساءل الكثيرون: كيف يمكن أن نُسمع صوتنا لأولئك الذين يُسبّبون مثل هذا الألم لأناس أبرياء؟ كيف يمكن أن نبيّن لهؤلاء المضلّلين أن ديننا يعلّمنا أن نضع الاعتبارات الإنسانية فوق جميع الاعتبارات الأخرى؟ يجب على كافة المسلمين أن يدركوا حاجتنا الماسة إلى الاعتراف بالآخر من أجل تأكيد إنسانيتنا.


إنه لأمر مؤلم أن نرى الدين الإسلامي وهو يُستغل مرة أخرى بصورة تتنافى كليًا مع رسالته التاريخية. فلا مبرر على وجه الإطلاق للجوء إلى العنف كردة فعل إزاء أي ظروف قاسية يمر بها المرء وتثير في نفسه مشاعر الألم والمرارة والعجز. ولكنها مأساة ومفارقة عجيبة؛ أن يقدم أولئك على هدم تقاليدهم الدينية السمحة التي يدّعون الدفاع عنها في خضم ثورات غضبهم وخوفهم.

يمر عالمنا اليوم بأوقات عصيبة تغلّب فيها العنف على الحوار، وتراجعت الرحمة أمام سطوة الكراهية والانتقام. وفي هذه الآونة التي يشكل الغضب المتصاعد من دون حدود على امتداد العالم خطرًا داهمًا، يجب أن نتذكر أن السلام، ليس فقط غياب العنف؛ بل هو تفعيل متجدد لقيم الثقة والاحترام والتعاطف.


إنني أدعو جميع المسلمين إلى العمل معًا من أجل إعلاء الدين فوق السياسة. عندئذ، يمكن للأماكن الدينية كالمسجد والكنيسة والكنيس وغيرها من المعابد استعادة سلطتها المعنوية خارج الأطر السياسية. علينا أن نأخذ بالحسبان الضرر المحيق بالإسلام بسبب نوازع الغضب والعداء التي تغذي تصرفات فئات مضللة من المسلمين.


لا ينادي ديننا الحنيف بالقتل ولا يدعو إلى إيذاء الآخرين؛ إنه دين سلام يحثنا على التصرف بإيجابية في الأجواء المشحونة بالعداء المتنامي وفقدان الثقة، كما يدعونا إلى المساهمة بشكل فاعل في بناء السلام في عالمنا هذا الذي تمزقه الانقسامات. إن مجتمعاتنا بحاجة إلى دعوة عاجلة من أجل اتباع نهج ديني مسؤول بين المسلمين. يجب أن ننأى بأنفسنا عن الانقسامات حول من يمتلك الحقيقة التي أصبحت تشكل دافعًا للأجندة الدولية.


لقد كان لبعض وسائل الإعلام دور في نشر صورة مشوهة للإسلام والمسلمين مؤداها أن الإسلام يدعو إلى العنف. علينا أن نعمل بجد من أجل تغيير هذه الصورة الزائفة من خلال إيلاء الاهتمام للعمل السلمي الذي يساهم في تحقيق الرخاء للإنسانية، وسد الفجوة الآخذة بالاتساع بين الأغنياء والفقراء. إن الأوضاع المقلقة التي تسود منطقتنا مثل ظلم الاحتلال الواقع على فلسطين، والمستقبل المريع الذي ينتظر أطفال العراق، والوضع الراهن في أفغانستان، كلها تؤكد بجلاء أن العنف وسفك الدماء لن يؤديا إلى حل أي من هذه القضايا. إن الإسلام، مثله مثل المسيحية، ينادي بالحوار والمشاركة والتسامح، ويسعى إلى تحسين أوضاع الرجال والنساء سواء بسواء لجميع بني البشر، بغض النظر عن أصولهم.


لقد ألحق الصراع الدائر حاليًا في الشرق الأوسط الألم والمعاناة بملايين العرب والمسلمين في الوقت الذي تصاعدت فيه المشاعر المعادية لهم. إن الافتراءات القاسية الصادرة عن أقلية من الإنجيليين المسيحيين والسياسيين الغربيين قد خلقت شعورًا بأن هنالك "حربًا صليبية" تّشن على الإسلام. فأثارت بذلك موجة عارمة من الغضب والاستياء لدى المسلمين على امتداد العالم.


يجب أن لا ينسى المسلمون في خضم هذه الأحداث والأفعال، التي تنفذها أقلية مُضللة، الرسالة الوسطية والإنسانية للإسلام. من الواضح أن من يُدعَون بـ"الأصوليين" لا يسيرون على نهج الرسول (ص)، بل يطبقون تعاليم الإسلام بصورة مشوهة تصبح فيها قوة محركة لأجنداتهم المُسيَّسة إلى أقصى الحدود. المهم في الأمر، أنه لا يمكننا الاستمرار في الادعاء بأننا معتدلون ووسطيون إن لم نكن فاعلين في نشر الوسطية والدعوة لاتخاذ المواقف استنادًا إليها. إن لم نكن فاعلين في السعي نحو السلام، فلن نستطيع الادعاء بأننا مخلصون لرسالة ديننا.


لقد تألمت، كمسلم، عندما تم استهداف أماكن العبادة المقدسة لدى أتباع البوذية في أفغانستان بالاعتداء والتدمير. ولكنني أشعر باستياء أكبر عندما أرى السياسيين وأمراء الحرب، الذين يدّعون التحدث باسمنا، يدمرون الأرض الوسطية الغالية التي كانت ميدانًا للحوار بين أتباع العقائد المختلفة على امتداد القرون.


مرة أخرى، أود أن أرى وفودًا من المسلمين تغادر إلى أفغانستان من أجل تمثيل الأمم المتحدة وعائلات الرهائن. إنني كمسلم أنتمي إلى عترة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أعلن استعدادي للقيام بدور في معالجة هذه القضية إذا طلب مني ذلك. لا بد أن نقول لتلك الفئة: "إن ما تفعلونه هو عمل لاأخلاقي من وجهة نظر المسلمين".


وكرئيس شرف لمنظمة المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام (WCRP)، فإنني أدعو إلى الحوار من أجل إيجاد حل لهذه الأزمة الأخلاقية والإنسانية. فهذه المنظمة مؤهلة كي تنهض بدور الوسيط في أي محادثات قد تدعو الحاجة إليها في الساعات والأيام القادمة.


___________________________________________________________

(*) مترجمة بتصرّف عن النصّ الأصليّ الذي نُشر في صحيفة الغارديان؛ 3 آب/أغسطس2007 تحت عنوان The Muslim gift of peace.

(**) رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه؛ سفير الإيسيسكو للحوار بين الثقافات والحضارات؛ رئيس شرف منظمة المؤتمر العالميّ للأديان من أجل السلام





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :