facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سقط الحصان!

وائل البرغوثي / الدوحة
13-08-2007 03:00 AM

ما يميّز الكثير من المثقفين الفلسطينيين عن غيرهم قراءتهم الواضحة للمستقبل المتعلق بالقضية المركزية للعرب وللمسلمين، حيث أن كتاباتهم وشعرهم ومقالاتهم لا تنضب ولا تقف عند حد تحليل الحاضر معتمدين على الموروث التاريخي والحضاري لفلسطين فحسب، بل تتعداها لترسيخ مخيلة خصبة صورية ووجدانية عن سيدة الأرض، أم البدايات والنهايات، التي من أجلها نستحق الحياة، والأهم من هذا كله التأسيس لثقافة المقاومة والتحرر من الإسقاطات الزمكانية لضمان ترك إرث لأجيال لم تولد بعد.وبسبب عمق هذه العلاقة الوجدانية التي يرسّخها المثقفون الفلسطينيون والتي تتحد فيها فضاءات التحدي عبر دمج علاقة الذات (بانقساماتها وصراعاتها) مع سيدة الأرض التي تشكل الحاضن الوجودي، فقد نشأت أجيال عديدة بعلاقات روحية مع هذا الحاضن، وأقامت جدراناً عازلة حول هذه العلاقة للمحافظة على مخزونها الوجداني وضمان عدم وقوع أي خلل بهذه المعادلة.

ولكن على ما يبدو، لم يقم بعض المثقفين الفلسطينيين بهذا التحصين الواعي الذي قامت به الأجيال العنيدة، فابتعدوا عن الحاضن واستسلاموا لنداءات الذات الفانية الموجعة والراغبة بمرمغة الجبهة بتراب فلسطين، ألمنا جميعا، ولم يحافظوا على ثقافة المقاومة، ثوابتنا.

لقد سقط الحصان، عندما قام اثنان من المؤسسين لهذه العلاقات الوجدانية بكسر خزّان الذكريات. سقط حواتمة مُضرَّجاً بقصيدة درويش عندما يطلب "إذنا" بالإقامة الدائمة في "الضفة الغربية" وسقط درويش بدم الحصان الذي "ألهب" به حيفا!

لقد عبّر الاثنان عن محنة الفلسطنيين في علاقتهم مع أرضهم والغاصب المحتل بأروع الصور المكانية والزمانية وبرعا في مزاوجة الذات مع ثقافة المقاومة، ولكنهما سقطا، ولن تسقط معهم أحلام الغائبين ولن نسأم الكر والفر ولن ننأى بزماننا عندما ندنو من تضاريس الزمان!

ويشاء القدر أن تصدُق نبؤة درويش عن ذاته وعن حواتمة عندما يُنهي قصيدته بقوله:

لم يَبق في اللغة الحديثةِ هامشُ
للاحتفاء بما نحبُّ،
فكُلّ ما سيكونُ ... كانْ!

بالرغم من سقوطكما، ستبقى ثقافة المقاومة وسيبقى خوف الغزاة من الذكريات وستبقى رائحة الخبز في الفجر وولادة أول حب على عشب من حجر وستبقي أنت سيدتي، لأنني أستحق لأنك سيدتي، أستحق الحياة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :