facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فايز محمود .. ما بين الانتحار المتسرع الى الانتحار البطيء


راكان المجالي
15-07-2011 04:20 AM

كان المرحوم تيسير سبول هو اول من اكتشف كاتبا مختلفا حسب رأيه هو فايز محمود الذي غاب عنا هذا الاسبوع، وقد قدمه تيسير للوسط الثقافي في الاردن آنذاك كوليد فيلسوف اردني عربي يمكن مع المثابرة والزمن ان يصبح فيلسوفا يشار اليه بالبنان، في ذلك الزمان عند اواخر الستينيات واوائل السبعينيات كانت الاذاعة هي المؤسسة التي تستقطب المثقفين في الاردن سواء العدد الكيبر من العاملين فيها او من المشاركين في برامجها وكانت المنتدى والمنبر آنذاك.

ظل فايز محمود يتردد على الاذاعة وقد شكلت له مصدر رزق بالاضافة الى اي عمل اخر سواء في مديرية الثقافة او غيرها لكنه ظل دوما بائسا من الناحية المالية وقد قضى فايز محمود حياته منكبا على قراءة الكتب الفكرية والفلسفية والتراثية وكان يتمتع بثقافة موسوعية وظل يعتقد انه قادر على ان يكون صاحب نظرية فلسفية جديدة في العالم في كل الاحوال كانت لديه رؤى فلسفية خاصة وذكية ولمّاحة وقد اصدر عشرات الكتب التي اعتقد ان ما فيها من افكار تتجاوز هذا الزمن الراهن وانه سيكون له موقعا في عالم التكوين الفكري المستقبلي العربي.

لم تنقطع صلتي بالمرحوم فايز محمود على مدى عقود الا انه في السنوات الاخيرة وبعد تجربة زواج من فتاة مغربية انتهت بالانفصال وجد نفسه غير قادر على ان يستمر ان يعيش وحيدا كما كان قبل الزواج فهجر عمان واتجه الى حضن العائلة في المفرق متفرغا للقراءة بما يسعفه نظره الذي تضرر كثيرا في السنوات الاخيرة.

الحديث مع فايز محمود كان دوما غنيا فدائما لديه جديد من خلال قراءاته المكثفة ومن خلال تأملاته المتصلة وكنا نمضي اوقاتا طويلة في الحوار بما تسمح اعباء العمل واينما كنت في اي عمل اعلامي او ثقافي او صحفي اجده دائما يبادر ليكون الى جانبي وعندما اصدرنا الرأي في العام 1971 كان فايز محمود يبحث له عن زاوية يكتب فيها ولم يكن ذلك متيسرا بسهولة ولذلك طلبنا منه ان يطوع ما يكتب للواقع والتبسيط بدل الفلسفة التي هي للخاصة.

اكتب عن فايز محمود وعن الصداقة والرفقة الطويلة واحس دوما عندما تفقد انسانا عايشته زمنا طويلا انه عندما يموت يأخذ معه جزءا من حياتك خاصة ان قصة الموت فلسفيا ووجوديا كانت موضوعا اثيرا في نقاشاتنا كما ان الموت اقترب منه فترات كثيرة ، مرة قطع شرايينه وكان يسكن في غرفة في منطقة المصدار ولحظة قطع شرايينه صرخ على الجيران الذين اسعفوه في الرمق الاخير بنقله الى الطوارئ وعلمت ُبالخبر فتركت العمل ليلا في "الرأي" وذهبت اليه ووجدت الاطباء قد نجحوا في اسعافه وتعويضه بعبوات دم، والسبب طبعا كان الحب الذي كان قاسيا عليه وبلا امل ولذلك باءت محاولات انتحاره التي كنت شاهدا عليها، واذكر مرة انه اتصل بي ليلا في "الرأي" وكنت في زحمة العمل ايضا وكان صوته مختنقا فقال لي: الحقني لقد تناولت علبة اسبرين كاملة وفررت من البيت وركبت تكسي وانا الآن في ساحة المسجد الحسيني.. ذهبت سريعا ووجدته في حالة شبه اغماء والناس حوله ،حملته الى مركز الاسعاف الذي كان آنذاك بجانب البنك المركزي حاليا واسعفوه وكان ذك ايضا لنفس السبب وهو الحب اليائس.

وكنت دوما اقول له يا فايز الا تخشى ان تموت مرة في احدى محاولات الانتحار الجدية، وكان يرد ساخرا انا اعرف انه لم يأن وقت موتي وان لدي سنوات عمر طويلة سأعيشها .. كان هذا الحديث في العام 1971 قبل 40 عاما وربما كانت هذه الـ 40 سنة كافية لتطوي حياته في النهاية من كثرة ما عانى وتعب ومرض، وقد كانت وفاته طبيعية لكنها ربما كانت انتحارا بطيئا عايشه طوال عمره.

rakan1m@yahoo.com

(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :