facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أين كنت في الثاني من آب 1990؟


باتر محمد وردم
02-08-2011 04:57 AM

لثابت الوحيد في هذا العالم، باستثناء الله سبحانه وتعالى، هو التغير الذي يحدث في كافة تفاصيل الحياة الإنسانية، ومنها المواقف والأفكار. ولا شك أن كل شخص منا يستطيع أن يستعيد أجزاءً من شريط حياته ليدرك كم تغيرت الأفكار والمواقف عبر السنوات، وخاصة عند النضوج ورؤية الأمور بالطريقة الصحيحة والأكثر شمولية، والتحول من الانفعالات العاطفية إلى تقدير الوقائع بالعقل والمنطق.

في الثاني من آب 1990 كنت لا أزال طالبا في السنة الثالثة في الجامعة الأردنية، شديد الحماسة للعمل السياسي والثقافي، ومتمتعا بكل ذرة من الحرية التي كانت متاحة في بداية الانفتاح الديمقراطي في الأردن. لم أكن حزبيا ولم أؤمن ابدا بالأيديولوجيات ولكنني كنت اصادق كافة التيارات الطلابية وأشترك معها في عدة نشاطات، وقد جاء غزو العراق للكويت في العام 1990 ليشكل واحدة من تلك اللحظات الفارقة في حياة الإنسان والتي يدرك فيها الأمور من منظور مختلف تماما.

في بلد مثل الأردن، عاش الرأي العام فيه لمدة عقد كامل في حماسة منقطعة النظير للنظام العراقي والرئيس صدام حسين سواء في حربه ضد إيران أو في تهديده المستمر الذي كان يمس كافة الأحلام العربية بمحو إسرائيل من الخريطة، جاء الغزو العراقي للكويت ليشكل حدثا مفاجئا ولكن معظم المواقف كانت مؤيدة تماما لهذا الحدث خاصة لدى الشباب المنبهرين بالطلة القيادية للرئيس العراقي.

حماس متقد للنظام العراقي، وتجاهل تام لما كنا نسمعه من كلام حول عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة وشعور بأن مجدا عربيا قادما سوف يعيد للامة مكانتها ويساعد في تحرير القدس. متابعة تامة لنشرات الأخبار ونبرة التحدي العراقية ورفض تام لكافة المواقف المؤيدة للكويت وللاستعانة بالقوات الأميركية. خرجنا في مظاهرات عديدة في الجامعة وخارجها، وطردنا من قاعة إحدى المحاضرات خبيرا دوليا تحدث عن استخدام العراق لاسلحة كيماوية ضد الأكراد في حلبجة فلم نكن نريد اي شيء ينغص الصورة الناصعة للنظام العراقي الجبار. صدقنا اسطورة رابع جيش في العالم وانتظرنا كيف سيحطم غرور العدوان الثلاثيني ورأينا صور صدام حسين على القمر وقرأنا اساطير نوستراداموس الذي تنبأ بقدوم البطل من بلاد الرافدين.

ولكن الحقيقة كانت مفجعة والواقع مؤلم إلى حد الذهول. بغداد تتحطم والجيش الرابع في العالم لا يتمكن من مواجهة آلة القتل الأميركية الآتية من الجو بالصواريخ والطائرات، وعرفنا متأخرين جدا مدى الفجوة الكبيرة في الحقيقة بين ما توقعناه وبين ما رأيناه. عرفنا بعد ذلك الفظائع التي تمت في الكويت، وعرفنا بأنه لا يجوز تحت اي مبرر احتلال دولة عربية لأخرى، وعرفنا كيف كان النظام العراقي يقمع شعبه ويرتكب ضدهم كافة أصناف التنكيل.

اصحاب الإحباط الجميع، ولكن القليل جدا من المثقفين والسياسيين هم الذين صحوا ونبهونا إلى انتهاء الكذبة الكبيرة. أذكر تماما بأن أول مقال قرأته لكاتب أردني بعد الحرب قدم الحقيقة الكاملة في عدم قدرة نظام قمعي على تحقق نصر قومي كان من الكاتبة منى شقير والتي ابتعدت عن الكتابة في السنوات الماضية. المرحوم مؤنس الرزاز غاب عن زاويته اليومية لمدة شهر على الأقل بسبب الحزن والإحباط. جميعنا تلقينا الحقيقة على شكل صدمة ولكننا بدأنا نصحو على الواقع والذي يتكون من معادلات سياسية وعسكرية واضحة ولكن الأهم من ذلك معاناة لملايين الناس من ضحايا القمع وضحايا الحرب.

ندمت تماما، بل خجلت من نفسي بسبب تأييدي للنظام العراقي اثناء الغزو وعلى تجاهلي لمعاناة الشعبين العراقي والكويتي، ولكن ذلك كان درسا قاسيا في أن الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية أهم من كل الشعارات القومية والمقاومة والصمود الذي ينتهك حريات الناس. بعد حرب الخليج الأولى كنت أعتقد أن الإطاحة بنظام صدام حسين كانت هي الهدف الأسمى للعمل السياسي في العراق، ولكن عندما تمت الإطاحة بالنظام على يد الغزو الأميركي وتدمير مقومات الدولة العراقية ظهر أن غياب اية خطة لإدارة الدولة بعد سقوط النظام الدكتاتوري سيعني فتح ابواب جديدة نحو الهاوية.

في خضم الربيع العربي الجديد، أتمنى أن تتم الاستفادة من دروس الماضي القريب!

batirw@yahoo.com

(الدستور)





  • 1 مواطن من الدرجة الثانية 02-08-2011 | 11:44 AM

    انا معك " في أن الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية أهم من كل الشعارات القومية والمقاومة والصمود الذي ينتهك حريات الناس."
    لان الحرية والديموقراطية وتمسكنا بديننا الحنيف هي من سيحقق تحرير القدس

  • 2 أبوعقلة 02-08-2011 | 11:47 AM

    كلام منطقي وتحليل سليم وكما قلت يجب الإستفادة من دروس الماضي

  • 3 Sue 02-08-2011 | 01:13 PM

    مقال رائع يا أستاذ باتر ... و الحقيقة اعتبرها جرأة بالاعتراف بالحق .. بالتوفيق

  • 4 02-08-2011 | 03:58 PM

    احكي للذي يرى الاسد اليوم صدام!!!

  • 5 بيان 03-08-2011 | 04:29 AM

    كانوا اهلي بعد 8 بينتضروا ولادتي


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :