facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اعترافات مربي الماشية أمام د. البخيت تعيد رسم السياسات


رنا الصباغ
02-09-2007 03:00 AM

ستضطر الحكومة للتراجع عن آليات الدعم النقدي الجديد الذي قرّرت تقديمه لمربي الماشية قبل أيام والعودة إلى أسلوب الدعم العيني القديم عقب "هبّة" أصحاب الحلال الأردني الذين انتفضوا في مناطق القويسمة, مأدبا, سحاب, الجيزة, الكرك والمفرق احتجاجا على قرار تخفيض دعم الأعلاف منتصف الأسبوع الماضي.رئيس الوزراء د. معروف البخيت شكّّّّل لجنة وزارية بعد لقاء جمعه مع وفد يمثّل مربي الماشية من المعتصمين في ضوء وقوع أعمال شغب متفرقة يوم الخميس شملت اعتداءات على ممتلكات, وعلى رسميين سعو لتطبيق القانون, إضافة الى محاولة قطع طرق رئيسية تربط عمان بالعقبة وبغداد, ومحاولة الاعتداء على عدد من مخازن العلف والشعير.

طلب الرئيس من اللجنة الوزارية دراسة توزيع الدعم على مربي الماشية بآلية جديدة بدلا من الالتزام بالقرار الأخير الإشكالي الذي حصر الدعم النقدي بمربي الأغنام والماعز ممن يمتلكون 500 رأس فما دون. جاء ذلك القرار بالتوازي مع مضاعفة سعر طن العلف من 140 إلى 256 دينارا ليقترب أكثر من التكلفة الحقيقية بعد الارتفاع الحاد في الأسعار العالمية وتمدد عجز الموازنة بنسب مضرة. ذلك سيكلف الخزينة حوالي 60 مليون دينار في العام ويساهم في توفير حوالي 100 مليون اضافة الى الحد من استعمال المربين للشعير المدعوم لغايات تجارية ربحية كالتصدير بعيدا عن الاكتفاء الذاتي أو سد حاجة السوق المحلية لكونهم خارج الفئات المشمولة بالدعم.

على خلفية معادلة دعم الشعير ثار جدال بين أعضاء اللجنة الوزارية لينتهي إلى وضع حلّ مرحلي يفاضل بين خيارين السيىء والأسوأ. اليوم سترفع اللجنة تنسيباتها إلى د. البخيت تمهيدا لإقرارها يوم الثلاثاء.

الأغلبية, وبحسب ما رشح من معلومات عن أجواء الاجتماعات, كانت مع العودة لآلية الدعم النقدي وبما يضمن بقاء التكلفة الإجمالية للدعم المخصص للعلف حتى نهاية العام بحدود حوالي 26 مليون دينار. على أساس تلك المعطيات, تم احتساب معادلة جديدة من شأنها أن تحدد سعر مادة الشعير بحوالي 160 دينارا للطن بدلا من 256 دينارا بعد قرار رفع الدعم يوم الثلاثاء. قررت اللجنة أيضا الإبقاء على آلية الدعم العيني الذي يساوي بين الجميع, بأولئك الذين يعتمدون في معيشتهم على تربية المواشي, وانتهاء بكبار تجار الحلال والأعلاف ممن برع في تطويع الثغرات القانونية لتعظيم الأرباح.

بعض التجار يستورد الحلال الحي من استراليا ورومانيا ويسمّنها في الأردن بعلف مدعوم ويعيد تصديرها لجني أرباح شبه مجانية وفرتها الحكومة بدلا من ان يحفزهم الدعم على تخفيض سعر اللحوم وجعلها في متناول شريحة أكبر من المواطنين. قفز سعر الكيلو البلدي إلى بين 7 و 9 دنانير أخيرا ما أجبر الحكومة لفتح باب استيراد اللحوم الحيّة من سورية لحماية المستهلك.

إذا, الرئيس, وبحسب مقربين, قرّر عقب لقائه مربي الماشية البحث عن آلية جديدة بعد أن اعترف غالبية مربي الماشية أمامه بأنهم ضخّموا عدد رؤوس الماشية التي يمتلكونها في آخر إحصاء للثروة الحيوانية قبل شهرين والذي كان يستهدف تحديد الأرقام النهائية للحلال الأردني تمهيدا لتغيير أسس احتساب دعم الأعلاف المكلف بطريقة أكثر عدلا.

غالبية أعضاء وفد مربي الماشية قالوا للرئيس إنهم تلاعبوا بعملية التسجيل لأنهم فهموا من موظفي وزارتي الزراعة والداخلية أن الدعم الجديد سيعطى عن كل رأس غنم, والإنسان بطبيعة الحال طماع. أحدهم أقرّ بانه يمتلك 200 رأس غنم وماعز ولكنه اقنع موظف التسجيل برفع العدد إلى 2000 لتعظيم المنفعة. وهلم جر, مستغلين انتشار ثقافة الرشوة والفساد والمحسوبية والجهوية داخل الجهاز الإداري المترهل أصلا في غياب أسس المسآلة والشفافية.

أغلبهم أصر على أن التعداد جرى على أسس خاطئة باعتماد أرقام غير حقيقية. تتقاطع هذه الادعاءات مع حقيقة أخرى حول إشكالية الإحصاء لأنه لغاية اليوم لم تخرج لجنة الإحصاء برقم نهائي, وظلت التوقعات الأولية تراوح بين 4.9 مليون و 5.1 مليون رأس ماعز وغنم وبقر, مقارنة مع 4.2 مليون رأس حلال حسب آخر تعداد للمواشي أجري قبل سنوات في عملية شابها تلاعب مشابه بالأرقام.

اعترافات مربي الماشية العفوية قطعت الشك باليقين

الحكومة باتت الآن على قناعة انه طالما أن الأرقام الجديدة لتعداد الحلال خاطئة, فلن يكون بإمكان احد أن يطوّر آلية جديدة وبسرعة لتوزيع الدعم بصورة عادلة تصل من يستحقها. وبما أن أحداث الشغب تلت قرار الرفع عاكسة كلفا اجتماعية وإنسانية وسياسية لم تأخذها الحكومة بالحسبان, إذا, بالإمكان كسب الوقت الآن وتحضير مربي الماشية لحتمية رفع الدعم مطلع العام المقبل بعد حل إشكالية التعداد ووضع آلية جديدة تحمي صغار المربين بدلا من أن تلقيهم في شباك العاطلين عن العمل والفقراء ممن يقفون في طوابير صندوق المعونة الوطنية. ودخلت الالية المقترحة حيز الوجود.

المشكلة الآن أن كبار تجار الأعلاف لن يقوموا باستيراد أعلاف جديدة بسعر السوق العالمي (256 دينارا) طالما أن السعر الجديد سيحدد بـ 160 دينارا. وستستمر عملية الهدر والاستغلال بطريقة يحميها القانون, وسيلجأ صغار وكبار المربين إلى شراء الطحين المدعوم وإطعام حيواناتهم الخبز بدلا من الشعير وسيفتحون بذلك كوة جديدة في نظام دعم القمح قد يجبر الحكومة على التفكير برفعه لاحقا.

مرة أخرى فشلت الحكومة في إدارة ملف اقتصادي حاسم بات يثقل كاهل الخزينة ويصب في جيوب الأغنياء على حساب الفقراء في نظام السوق الحرة وتراجع دور الدولة الاجتماعي والاقتصادي.

تأجلت مشكلة رفع الدعم إلى بداية العام المقبل, وتراجعت الحكومة مرة أخرى عن قرارات اتخذتها لفرض سيادة القانون وحماية الأمن الاقتصادي وصون المال العام من أشخاص أو مجموعات ضغط مؤثرة تجهد للحفاظ على مكتسباتها على حساب الوطن. كوفئ أيضا من قام بأعمال شغب.

المحصلة تردد آخر وترحيل ملف دعم الأعلاف الى العام المقبل واستمرار نمط عيش مجتمعي بطريقة غير واقعيه في ظل تنامي ثقافة جديدة قائمة على الاستقواء على الدولة والاعتداء على الممتلكات العامة وخرق القانون في أي لحظة يتخذ فيها قرار لا يعجب فئة من الناس. ومرة أخرى يظهر عمق الخلل في طريقة اتخاذ القرارات من دون تحضير الدرس مسبقا واستباق التوقعات الشعبية وردود الفعل من خلال التباحث مع الفئات المستهدفة بالقرارات, ودراسة الملف بكامل ابعاده السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية.

مرة أخرى قررت الحكومة تجميد استيراد اللحم البلدي الحي من سورية, لتطيب خاطر مربي المواشي, مع أن أسعار اللحوم المحلية تصل إلى حوالى ضعف المستوردة- علما أن سعر الأخيرة أيضا يفوق قدرة المواطن العادي على الشراء.

قبل أسبوعين قررت الحكومة تأجيل رفع أسعار المحروقات إلى بداية العام المقبل بالرغم من قناعتها بسلامة الإجراء لمواجهة خطر تفاقم عجز الموازنة في عملية دفع ثمنها وزير المالية د. زياد فريز الذي قرر الاستقالة انطلاقا من قناعته الشخصية وموقف بعض زملائه بأن عدم تخفيض دعم المحروقات الآن سيوقع ضررا بالبلد وسيستمر ذهاب 80 بالمئة من الدعم للأغنياء كقيمة غير عادلة وغير سوية.

إذا, سيستمر مسلسل التغاضي عن هدر المال العام بالملايين واستمرار دعم الفئات المقتدرة التي لا تحتاج للدعم على حساب المساكين والفقراء والأرامل واليتامى. وسيزداد الحقد الطبقي, وسيرتمي عدد اكبر من السكان في أحضان الجهل والتعصب والتكفير والتطرف الديني القومي. ستستمر المعاناة الشعبية بسبب غياب آليات منهجية توجه الدعم لمستحقيه. وستستمر سياسات الخصخصة والانفتاح الاقتصادي والاستهلاك غير المجدي وعقلية الجشع وتعظيم الأرباح وستنمو مظاهر غير مألوفة للفوضى الاجتماعية والسلوكية والتوتر وتراجع آداب المجتمع وتحدي القانون بدلا من تعزيز الجبهة الداخلية التي يحتاجها الأردن لاجتياز القلاقل السياسية الإقليمية وتحديات التحديث الداخلي.

في هذه الاثناء سيعيش الجميع على حلم الإبقاء على الدعم الكلي للنفط والأعلاف, ليستفيقوا بعد شهور على صدمة مرعبة. فقرار رفع دعم النفط والأعلاف لم يلغ إنما تأجل.

المأمول ان تستثمر الحكومة الوقت الثمين الذي منحته لنفسها الآن في الإعداد لحتمية إلغاء الدعم وتهيئة الرأي العام للصعب القادم بعد أربعة شهور.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :