تمتاز الجامعة الأردنية بمنهجية عليا في طرق إدارتها التي تستند إلى تكنولوجيا المعلومات وتطبيق معايير الجودة الشاملة على الأقسام لتؤدي وظائفها بحيوية تناسب أهداف المؤسسة الجامعية. وتؤسس لإحداث نقلة نوعية في الفكر الجامعي المعاصر مدارها الجامعة البحثية التي تضع البحث العلمي في أولوية المطالب للارتقاء بالوضع الجامعي إلى المستوى الذي نتطلع إليه. وتعاين هذه الخطوة الريادية الواقع الجامعي من مناطق فكرية جديدة تغير موقفنا من المعرفة وتجدد طرق معاينة الفكر بأدوات إضافية يفرضها التفاعل بين الواقع والمجتمع. وتسعى الجامعة الأردنية إلى تشجيع الطلبة على المشاركة في الفعاليات الثقافية المختلفة بما يحقق توسيع آفاقهم وتعزيز مرتكزاتهم الوطنية وتعميق انتمائهم. وتتولى ترسيخ مبادئ الأردن أولا وكلنا الأردن من خلال مشاركة الطلبة بالندوات وإحياء المناسبات الوطنية وزيارة المواقع التاريخية بما يحفز انتماءهم الوطني واعتزازهم بشخصيتهم الأردنية ويجعلهم منارات يعلو بها الحق ويضاء الزمن الصعب ليكون الوطن عصياً على التحديات. وتحرص الجامعة على تطبيق هذه المفاهيم من خلال التعريف بتاريخ الأردن وجهود الهاشميين والاعتزاز بأمجادهم وتبيان أنهم القابضون على جمر وعيهم الوطني. فلا بد من وعي الشعارات الوطنية والثورة العربية الكبرى وقراءة تجارب رموز الوطن تعزيزاً لحضور ثقافة الأمة في مواجهة الآخر واستشرافاً لبناء مستقبلها في عالم متغير.

وتستشرف الجامعة الأردنية مشروعاً مفاده تجديد المناهج الدراسية وإعادة النظر في الخطط بطريقة تواكب التقدم المعرفي وتناسب التحولات العالمية وتؤسس إلى لمراجعة المناهج الدراسية بمنهجية تشكل اجتهاداً ظاهراً في السعي المخلص لاستثمار التجارب العالمية انطلاقاً من وعي حاد بإشكالية التطور الحضاري في أبعاده اللغوية والثقافية والاجتماعية. ويأتي مشروع الجامعة البحثية ليناسب الظرف التاريخي ويؤلف خطوة نحو حداثة المشروع الحضاري ويكتسب أهميته القصوى من كونه يجسد إعادة نظر في المعطيات الفكرية بحثاً عن نموذج ثقافي يخدم الواقع في ملاحظه الاجتماعية ويحدث تحولاً في رؤية الواقع التعليمي من مناطق فكرية جديدة. ويشكل استجابة للتحولات العالمية وفق منهج يستثمر توجهات قائد الوطن جلالة الملك عبد الله الثاني بالإفادة من ثورة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات وحوسبة التعليم. وتظهر مطالب التطور أنّ العولمة تفرض تغيراً في طرق التدريس ونمط التعامل مع تقنيات التعليم بما يكفل تحسين القدرات المنهجية عند الطلبة. ويسهم في إثارة دافعية المتعلم لتلقي الخبرات التعليمية وفاء بمطالب التقدم المعرفي ووصولاً للنموذج التعليمي المطلوب.

وتصدر الجامعة الأردنية عن فكرة مفادها مراجعة مناهج التدريس والخطط المطبقة حالياً ونظام العلامات رغبة في إنتاج واقع تعليمي يناسب التسارع المعرفي العالمي ويحيط بنقاط المشاكلة والاختلاف بين الذات والآخر توخياً لبناء الذات معرفياً وعلمياً. وبيان ذلك أن المفاهيم التقليدية التي تقصر المنهج على المقرر الدراسي وما يرافقه من مهارات تقليدية لم تعد كافياً في سياق التحدي الفكري الذي يحمل التغيرات المستمرة في مختلف جوانب الحياة. وهكذا تصوغ الجامعة الأردنية مشروعها الفكري استجابة للنظر الشمولي الذي يصل الطالب بواقعه الاجتماعي بما يتيح استخدام الخبرة في المواقف الإنسانية المختلفة. ومن هنا يتم الانتقال بالطالب من الأكاديمي الخاص إلى الثقافي العام بحثاً عن وعي جديد يجيب عن الأسئلة الحضارية والمعاصرة وفق نظرة تفتح أبواب السؤال والبحث والحوار.

وهكذا يتضح أن ما يطلب من الفكر الجامعي المعاصر هو تكوين خطاب محاور قادر على تفكيك المشهد الثقافي باستثمار منهجيات التراث والحداثة للإفادة من ثورة المعلومات. فلا بد للجامعات من مواكبة التحولات التي تمر بها الأمة وفق منهج تنويري مداره الممارسة الثقافية القادرة على تكوين خطاب حضاري متكافئ يكفل التقارب الكوني على قواعد المشاكلة والاختلاف.

وصفوة القول أن الجامعة البحثية تشكل منهجاً تنويرياً يؤسس لمعرفة متجددة تستلهم الحداثة بكل تجلياتها معلنة طرق تجديد الفكر وتحويل الثقافة العالمية إلى شكل من أشكال التطبيق بعد امتحان مناسبتها للواقع الجامعي. ومهما يكن الأمر فإن فكرة الجامعة البحثية بلغت مرحلة تعقد العزم على فعالية المد الحضاري بخطى راسخة تحول عضو هيئة التدريس إلى مرشد يوجه إدارة الخبرات الطلابية نحو التفاعل الجاد لإنجاز الأهداف المرادة بعيداً عن التلقين وتحقيقاً للإنجاز التعليمي الذي نصبو إليه.

الأستاذ الدكتور عبدالله العنبر
عميد كلية الاداب \ الجامعة الاردنية