بين مؤيد ومعارض للتشكيل الحكومي الأخير ، وبين من يراهن على بقاء الحكومة لأشهر وآخر لأكثر من سنة تبدو الصورة ضبابية في كثير من الأوقات لعمر الحكومة من جانب وبين إستمرار الحراكات الشعبية المطالبة بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية من جانب آخر ، وبين هذا وذاك يبرز الهم الإقتصادي !!
كما هو الحال في أغلب الحكومات السابقة ، فإن البعض لا يرى بأن هذه الحكومة تختلف عن سابقاتها من الحكومات ، لا بل أن البعض الآخر يبدو أكثر تشاؤماً من حيث أعضاء الحكومية الحالية والتي وصفها البعض بأنها حكومة الإستراضاءات من جهة القرابة لبعض أعضائها ومن حيث الصداقات للبعض الآخر !! ولأن الإنعكاسات السياسية كانت ولا زالت تؤثر بإقتصاديات الدول كان لا بد من الوقوف على أهمية الحراكات الشعبية من جانب وآلية عمل الحكومة في مواجهة التحديات الاقتصادية من جهة أخرى.
إن النظر إلى زاوية واحدة من مشهد متعدد الزوايا يعتبر من الخطأ بمكان لأن الصورة ستكون ناقصة والحكم يعتريه النقص، ومن هنا كان لابد أن يتم النظر إلى الحراكات الشعبية بشكل أكثر جدية وموضوعية والوقوف على المطالبات التي تصدر هنا وهناك والعمل على الإستجابة لها قدر الإمكان وخاصة في ما يتعلق منها بالجانب المرتبط بالمواطن ، المواطن البسيط الذي لا تعنيه السياسة في شيء بقدر ما يعنيه مواجهة غلاء المعيشة والوفاء بمستلزمات الحياة وبحدها الأدنى !!
لو بحثنا عن أسباب الحراك الشعبي في كافة الدول لوجدنا بينها تماثلاً يصل إلى حدود التطابق، إلا أنه وفي نفس الوقت تتميز دولة عن دولة أخرى في بعض الخصوصيات ، وفي هذا المضمار يجب الإشارة إلى أن الواقع الاقتصادي الذي تميل كفته إلى جانب الطبقات الغنية بشكل ملفت وإنحصار الطبقة الوسطى وإتساع الطبقة الفقيرة هي من أهم الأسباب التي تدفع بإتجاه الحراكات الشعبية وتتسع دائرتها مع إتساع هوة الفقر والبطالة وتفشي الفساد من جهة أخرى.
إذا كان لدى الحكومة القدرة على التنازل في بعض الحالات فالأجدر أن تكون هذه التنازلات لمصلحة المواطن الذي يعي ويدرك متى وكيف تكون الحكومات إلى صفه ، أما عن الإمتيازات والحوافز فيجب أن توجه لمستحقيها من عامليين مدنيين وعسكريين من ذوي الدخل المحدود، وليس لفئة محددة عبر السيارات الفارهة والمياومات والتنقلات !!
يتعين على الحكومة الحالية أن تواجه الحقائق الإقتصادية والإجتماعية بنظرة أكثر شمولية، وأن تدرس الحراكات الشعبية بشكل أكثر جدية ، فتزايد الفقر والبطالة والدين الخارجي والداخلي والفساد وغيرها من الأمور يجب أن يتم النظر إليها بشكل دقيق وموضوعي لأن من شأن ذلك أن يعزز الوضع الإقتصادي من جهة ويقلل من إحتقان الشارع من جهة أخرى، فالفشل في مواجهة هذه التحديات قد يهدد الاستقرار الإقتصادي والسياسي في المملكة لا سمح الله ، ولاسيما إذا أخذنا الإحباط السياسي في كثير من الحالات والناجم عن المشاكل العالقة والمتزايدة في العديد من دول المنطقة ، وليس أقل من ذلك الصراع الدائر في كل من سوريا واليمن وتونس وغيرها من الجوانب التي لا تسهم في تحقيق الدعم لأي إستقرار إقتصادي.