الحكومة السورية والنظام السوري لن يتأثر بالعقوبات المفروضة على سوريا والشعب السوري التي فرضت العقوبات من أجله ، هو من سيدفع الثمن وعادة لن تؤثر العقوبات على الدولة التي تفرض عليها العقوبات فقط فالدولة التي تفرض العقوبات تتأثر أيضاً.

هذا في حال الدول المستقرة مالياً وإقتصادياً وسياسياً ، كثير من الدول تملك الموارد والإمكانيات وتعتمد على نفسها في توفير المحاصيل الإستراتجية وغيرها وعندما تصل الدولة إلى هذا المستوى فلن تتأثر بأية عقوبات تُفرض عليها بل تكون قادرة على فرض العقوبات وعادةً عندما يُطلب من دولة المشاركة في فرض عقوبة على دولة أخرى وقبل أن تتحذ قرارها تعود للجهات المستفيدة والمتضررة من القرار لتوازن سلبيات وإيجابيات القرار ، وبناءاً عليه يتم إتخاذ القرار عدا الأردن التي لا ترى ضرورةً لإستشارة أحد مهما كانت درجة التأثر.

في حالة سوريا بإعتبارها مُنتج ومُصدر للمحاصيل الإستراتيجية وكافة السلع والخدمات معتمدة على مواردها الذاتية ، ولفترة طويلة كانت سوريا تمنع الإستيراد وتكتفي ذاتياً ، ومنذ التسعينات لا يمكن القيام بإية عملية إستيراد إلا بدولار ناتج عن عملية تصدير في سوريا ، وكان هذا الدولار يُعرف بدولار التصدير وكانت قيمته في البدايات أكثر من دولار ونصف إلى أن اجتهد السوريون في الحصول على دولار التصدير من خلال القيام بعمليات تصدير حيث هبطت قيمة دولار التصدير نتيجة لإنتشار المصانع في كافة أرجاء سوريا لأكثر من دولار ليس هذا فقط بل كانت هذه المصانع تستعين بربات البيوت لتصنيع أنصاف السلع الممكن تجميعها في المنزل ، وكانت سيارات المصانع تُوزع المواد الخام على البيوت وتعود في المساء لتجميع السلع نصف المصنعة وتحولت سوريا لورشة عمل.

في سوريا لا تجد عاطلا واحداً لشعب تعداده 27 مليون نسمة بل الكثير يعمل أكثر من شفت عمل وفي أكثر من مكان ، ولازالت الصناعة تزدهر ويزداد الطلب عليها في كافة دول العالم.

وقد رأيتُ أكثر من مرة سلعاً سورية في أسواق شرق آسيا التي غمرت الدنيا بمنتجاتها الرخيصة ، كما أن سوريا قادرة على إيجاد أسواق جديدة بحكم علاقاتها التاريخية بدول شرق أوروبا وموقعها المميز على البحر الأبيض المتوسط ، ولا اعتقد أن سوريا سستتأئر كثيراً بالعقوبات ، وإن تأثرت فلن يتأئر النظام بل سيكون العقاب للشعب السوري الذي فرضت العقوبات لحمايته فأي حماية هذه ؟؟؟ ولا ننسى الحلف الأستراتيجي السوري الإيراني والذي أثبت قدرته على الوقوف والتحدي ، ووقوف إيران داعماً مادياً ومعنوياً للنظام السوري وكذا موقف العراق .

لنعود إلى الأردن الذي لا يكفي محصوله الإستراتيجي بالكاد ثلاثة أشهر في أحسن الأحوال ، ويعاني عجزاً في الموازنة وميزان المدفوعات والميزان التجاري والذي يمر 63% من تجارته الخارجية عبر سوريا عدا عن تبادل تجاري سنوي يتجاوز نصف مليار دينار تُصدر من خلاله الأردن مايتجاوز 150 مليون دينار منتجات زراعية وكيماويات وأدوات كهربائية ، ونحن نعلم محدودية أسواقنا ومن يتحمل خسارات قطاع النقل البري والجوي بين البلدين متمثلا عمل 3000 شاحنة و900 وسيلة نقل بري وأربعة عشر رحلة جوية إسبوعياً.

إضافة إلى 20 ألف شاحنة ترانزيت تعبر الأردن إلى سوريا شهرياً من وإلى دول الخليج ، إضافة إلى إستثمارت قرابة 3000 سوري يستثمرون في السوق المالي وإستثمارت تقارب 30 مليون دينار في مجال الصناعة ، عدا ما يترتب على القطاع السياحي من خسارة ، كما وتجارة أهالي الرمثا الحدودية هذه هي الكلفة المباشرة لفرض حظر على سوريا ، أما الآثار الغير مباشرة التي تتمثل في إرتفاع كلف السلع المستوردة من أوروبا وتركيا ولبنان نحن نتحدث عن 63 % من التجارة الخارجية الأردنية ، كما نعود إلى المشاريع الكبرى التي كانت ضمن 11 إتفاقية وقعها رئيس الوزراء الذهبي ورئيس الوزراء القطري تشمل مشاريع المياه والنقل والسكك الحديدية والغاز والكهرباء .

من حق الأردن أن يتحفظ على تنفيذ عقوبات تُنفذ عليه لا على سوريا ، وأن يمتنع عن تنفيذها بل وعليه الوقوف مع مصالحه الأستراتجية كما أن العقوبات سوف تتحمس تركيا لتنفيذها إذا علمنا أن الميزان التجاري شبه متعادل بين سوريا وتركيا وأن الصناعات السورية تغزو السوق التركية وبنفس قوة السلع التركية في السوق السوري كما أن لتركيا مصلحة في الحفاظ على العلاقة مع سوريا بإعتبارها منفذها لدول الخليج والأردن .

أما دول الخليج فتملك فوائض أموال في موازناتها ولديها موانئها ومهما كانت مشاكلها ففوائض أموالها قادر على حل قضياها ، ولا يصح السير في ركاب هذه الدول وهي تنفذ أجندة الأجنبي مع رفضهم لدخولنا مجلس التعاون الخليجي رغم ما قدمنا لهم من خدمات ، ورغم الإضافة النوعية التي ستكون لهذه المنظومة بإنضمام الأردن ، وقد أسمعونا من الكلام ألزمنا إدينا الجم الاستماع إليه صامتين رغم أن الرد كان يجب أن يكون بمستوى حديثهم مع حرصنا على علاقات الأخوة التي يجب المحافظة عليها مع كل الأطراف فنحن المشروع القومي العربي الأول في التاريخ الحديث والقديم.

وهنا أُود التنويه أن سوريا ليست ليبيا وفي حال الإعتداء على سوريا فإن المنطقة كلها ستلتهب كما أن ماحدث في مصر وتونس انقلاباً عسكرياً لاعلاقة له بالثورات ، فلو ساند الجيش النظام لحدث ما حدث في اليمن، نأمل أن تنتهي هذه الأزمات على خير فالمنطقة كلها على كف عفريت !!..