جاء التغيير السريع في منصب محافظ البنك المركزي بالوزير زياد فريز , المحافظ القديم , في إجراء فهم على أن المحافظ المغادر شغل الموقع لمرحلة إنتقالية .
لأول مرة يتعرض البنك المركزي الى تغيير هو الثاني خلال فترة وجيزة , دون أن يترك ذلك تأثيرا واضحا على المؤسسة العريقة التي تمتعت ولا تزال باستقلالية نأت بها عن تداعيات تبدل السياسات والحكومات .
أولويات البنك المركزي معروفة وستبقى تتركز في الاستمرار في تبني الاستقرار النقدي والمصرفي هدفاً رئيسا لسياسته النقدية المتمثلة في المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار ومعدلات التضخم عند مستويات مقبولة وتوفير هيكل أسعار فائدة ملائم يوازن بين متطلبات الاستقرار الاقتصادي الكلي وبين دعم النمو الاقتصادي غير التضخمي و المحافظة على سلامة ومنعة الجهاز المصرفي.
الجهاز المصرفي تأثر كغيره من القطاعات الإقتصادية بتداعيات الأزمة المالية والإقتصادية وبالتباطؤ , وقد إنعكس ذلك في إرتفاع درجة المخاطر وفي زيادة نسبة التسهيلات المتعثرة التي تتفاوت في حجمها بين بنك وآخر من حيث مستوى التعرض للقروض المتعثرة .
التغيير سيكون مفيدا إن ذهب الى تعميق إستقلالية البنك وقراراته بمعزل عن التأثيرات والضغوط التي يمارسها رؤساء بنوك في جانب المرونة في التعامل مع التسهيلات الخطرة , والمطلوب من البنك المركزي زيادة التشدد في هذا الجانب وتحييد الضغوط من بنوك وشركات لإسعاف شركات متعثرة إستنفدت سقوف الحصول على تسهيلات جديدة .
في الجانب الآخر , ليس صحيحا أن المطلوب من السياستين المالية والنقدية السير على خط واحد في إنسجام وتكامل بل المطلوب منهما السير بخطين متوازيين , يقود الى الإبقاء على حالة التوازن بينهما , فانسجام القيادتين لا يعني توحيد السياستين بل تناغمهما لضبط إيقاع الإقتصاد .
لا يكفي أن نردد مقولة استقلالية البنك المركزي مثل «كلاشيه» بينما نشجع البنك المركزي على لعب دور ليس من ضمن مهامه , مثل غض الطرف عن توسع الإقتراض الحكومي المحلي وتشجيع البنوك على سلوك طرق أخرى لتجاوز المخاطر والمعايير .
البنك المركزي مؤسسة راسخة يقوده مجلس إدارة كفؤ بينهم مصرفيون كبار وشخصيات إقتصادية ذات بعد سياسي محترف يبني قراراته على دراسات علمية يضعها طاقم محترف من الخبراء ومن الموظفين , ولا يلتفت الى الانطباعات , ولا يتأثر بالضغوط ولو أن الأمر كذلك لفقد البنك صفته كمؤسسة مهنية إقتصادية شاملة .
qadmaniisam@yahoo.com


(الرأي)