facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العنف : البناء والقصاص والردع


محمد حسن التل
07-03-2012 04:31 AM

بين فترة وأخرى، يعود ليطل علينا العنف المجتمعي في مدينة هنا أو هناك، في الشمال أو الجنوب أو الوسط، وتكاد تتركز ظاهرة العنف في الجامعات التي من المفترض - كما قلنا سابقا - أن تُصدّر للمجتمع العلم والكفاءات التي ستبني الوطن على أسس حديثة، ولكن للأسف كثير من العوامل أثرت على هذه الفرضية، وتحولت الجامعات لدينا إلى نقاط توتر تُقلق المجتمع الأردني، إذ ليس من المعقول أنّ الآلاف من أولياء الأمور، باتوا يضعون أيديهم على قلوبهم لحظة مغادرة أبنائهم إلى الجامعات، وحتى عودتهم إلى بيوتهم سالمين!

وإذا أردنا أن نحاكم ظاهرة العنف، علينا تشريح الأسباب قبل النتائج، والأسباب تبدأ من الخلل الذي أصاب منظومة قيمنا الاجتماعية والتربوية والتعليمية وحتى القانونية.

اجتماعياً عدنا في كثير من مسارات حياتنا إلى العشائرية في صورتها السلبية، ومفهومها المغلوط، والعشائرية الحقيقية من هذه الصورة براء، فالعشيرة في واقعها الحقيقي مؤسسة اجتماعية محترمة، تحافظ على تماسك المجتمعات، ولا تعرقل السير نحو المؤسسية والمدنية وسيادة القانون، كما يدعي البعض.

وهذه العشائرية تضمن وحدة المجتمع؛ حيث تشكل اللبنة الأولى في بنيان المجتمع العام، ولم ولن تكون في مفهومها الصحيح عقبة أمام دولة المؤسسات، أومن أسباب ظاهرة العنف، وبالذات العنف بين طلاب الجامعات، والتي طفت على السطح خلال السنوات الماضية.

نقول إن هذا عائد لتحول مجتمعنا خلال العشرين سنة الماضية، والانفتاح الكبير وفي كثير من الأحيان بطريقة غير مدروسة على كثير من الأمور، التي لم نكن نعرفها في السابق، الأمر الذي أدى إلى اختلال التوازن عند الكثير من أبنائنا، الذين تعاملوا مع كثير من المستجدات بطريقة سلبية، ولم يكن للعشائرية أو للأوضاع الاقتصادية الصعبة دخل بذلك، كما يدعي البعض، بل على العكس نرى كثيرا من الطلاب الفقراء يبرزون في دراستهم الجامعية، ولا يجعلون أوضاعهم الاقتصادية تؤثر عليهم.

لماذا لا نقول في المقابل، إن البذخ الزائد والرفاهية المبالغ فيهما، هما اللذان يمكن أن يكونا سبباً في العنف الذي نراه في جامعاتنا؟ فما معنى أن يحمل الطالب أكثر من هاتف خلوي، ويذهب يومياً إلى صالون الحلاقة، كي يغير تسريحة شعره بمبالغ كبيرة، ويكون في جيبه مبلغ كبير ربما يساوي مصروف عائلة كاملة لمدة أسبوع، وغير هذه السلوكات المكلفة، حتى يتماشى مع آخر الصرعات، ثم يدخل إلى الحرم الجامعي، ويتصرف كأن هذا الحرم له وحده، ويجعله غروره واعتزازه الكاذب بنفسه، لا يطيق أن تطير من فوقه فراشة «حتى لا نقول ذبابة»، وآخر ما يفكر به الدراسة والثقافة واحترام الغير والقانون...

العنف يبدأ من الأسرة، فإذا لم يراقب الأهل ابنهم من بدايات سنواته الأولى في المدرسة، وميوله المختلفة مراقبة علمية حثيثة، فإن شخصية هذا الابن، من الممكن أن تكتسب صفات سلبية، وتتأصل في شخصيته، وتنفجر في أي لحظة، في وجه الأهل والمجتمع، فمن يمارس العنف كنهج حياة، لا يعنيه إذا مارسه في المدرسة أو الجامعة أو البيت، أو حتى الشارع العام.

المناهج الدراسية لدينا أيضاً، طالها كثير من التهميش لمواضيع كثيرة تُنمِّي في الطالب إنسانيته الاجتماعية والفكرية، وتركز على طريقة تعامله مع أبناء مجتمعه، في كل مراحل حياته، فلم نعد نرَ تلك المناهج التي تنمي في الإنسان الحوار كأسلوب حياة، وطريقة تعامل مع الآخرين، ليحلَّ الصدام واستعمال الأيدي مكان النقاش والحوار.

كذلك ما دخل علينا في السنوات الأخيرة من آغانٍ اعتبرت ظلماً للوطنية، فبدلاً من أن ينمي هذا النوع من الفن الروح الوطنية، واحترام الجماعة والوطن، والحفاظ على منجزاته وهيبة القانون، أصبحنا نسمع أغاني تحضُّ على العنف والرجوع إلى العائلة والعشيرة، والاعتزاز بها بدل الاعتزاز بالانتماء الوطني وبالأمة. وأصبحنا نسمع أغاني ليست عن مدن بعينها فقط، بل عن أحياء في مدن، وكل هذا ينزل منزلاً خطيراً في نفوس الشباب المراهقين، الذين لايزالون على مقاعد الدراسة في الجامعات، في وقت فرغت الحياة الجامعية من كل النشاطات التي كان يمارسها الطلاب في الماضي، سواء ثقافية أو فكرية أو رياضية أو حتى ترفيهية، تنمي في الطالب روح الجماعة، وتعظّم عنده مفهوم التعاون والحوار مع الآخرين، بدل التمترس حول الأفكار التي تخاطب فيه روح العصبية الضيقة في وقت تراجعت فيه أيضاً قدرة وهَيبة كثير من أعضاء هيئات التدريس في جامعاتنا، وهذا موضوع آخر نطرحه في وقت لاحق.

والحديث عن هيبة القانون يطول ويطول في بلادنا، حيث آخر ما يهتم به قطاع كبير من مواطنينا احترام القانون، ويعتبر التجاوز على القانون نوع من الرجولة والفهلوة، وكثيرا من الاحيان، سلوك الإدارات العامة لدينا كرّس هذا الواقع المرير بعلاقتنا مع القانون، من خلال التغاضي عن تنفيذه، وتقديم الواسطة على احترامه وتنفيذه على الجميع، فلو طُبق القانون بحزم على كل من يرتكب عنفاً في جامعاتنا، لما وصلنا إلى هذه الحالة التي تعاني منها جامعاتنا اليوم، ولو أُغلقت أبواب الواسطة، وكان الإصرار على تطبيق القانون أولاً وأخيراً، على كل من يتجاوز على النظام العام للجامعات، لكان واقعنا في الجامعات أفضل بكثير مما هو عليه الآن، ولحافظنا على تميزنا السابق في التعليم العالي، سواءً من الناحية العلمية، أو في مجال بناء الشخصيات التي كانت تُصدِّرها الجامعات للوطن، قيادات أسست وبنت مجتمعاً يشار إليه بالبنان.

الحديث عن العنف في مجتمعنا وفي جامعاتنا بالذات، أسبابا ونتائجَ لا يتسع أي مقام له لإتمامه، ولكننا جميعاً نعرف ما هو الحل، وأين يكمن هذا الحل، لتخليص مجتمعنا من هذه الآفة التي تضرب به منذ سنوات ، في مقدمتها إعادة النظر بالمناهج الدراسية في المدارس، التي هي الخزان الكبير للجامعات، ثم تطبيق القانون وتكريس احترامه في نفوس النشء، ثم إعادة تقييم عمليات القبول في الجامعات، وعدم التركيز فقط على التحصيل الاكاديمي في الثانوية العامة،حيث يجب أن يخضع الطالب في جامعاتنا، إزاء هذا الوضع الجديد والتغيرات الكبيرة التي طرأت على مجتمعنا، إلى معايير جديدة من ناحية الشخصية، والبناء الفكري والتربوي والاجتماعي، جنباً إلى جنب مع التقييم الأكاديمي، ويجب أن تتعاون كافة مؤسسات المجتمع، في بناء شخصية الطالب قبل دخوله للجامعة، البيت، والمسجد والمدرسة والنادي وكل مرافق المجتمع، التي على علاقة مع المراهق. كذلك لا بدّ من إعادة تفعيل الحياة الجامعية، على المستوى الثقافي والفكري وحتى الترفيهي المدروس، فكل هذه عوامل وأسباب تؤدي إلى تغيير النتيجة الحالية، التي وصلنا إليها من تفريغ كامل لشخصية الطالب، فعندما يلج بوابة الجامعة حاملاً معه أمراض مجتمعه، ويضيفها على حالة الفراغ في الحياة الجامعية بأمراضها الأخرى، تكون هذه النتيجة المروعة.

لا بد من التأكيد، على إعادة التقييمات جميعها، للمناهج الدراسية والتربوية، في كافة مؤسسات المجتمع، التي ينمو من خلالها الطالب كما ذكرنا، البيت والنادي والمسجد والمدرسة وبناء شخصيته، بناء سليما وتقييم شخصيته، ليس فقط من الناحية الاكاديمية، بل من جميع نواحي سماته الشخصية، ثم تطبيق القانون والقصاص، على كل من يمارس العنف، لأن في القصاص حياة وعبرة وردعا، كما جاء في كتاب الله الكريم «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب». ساعتها، نستطيع القول اننا بدأنا رحلة التخلص من العنف في مجتمعنا.

الدستور





  • 1 خالدد 07-03-2012 | 07:45 PM

    كلام صحيح
    والجميل ان يؤشر الكتاب على ظاهر العنف الاعمى بلا عقل ووعي

  • 2 اردني 07-03-2012 | 07:49 PM

    تسلم استاذ بس يا ريت انه تركزو عندكو بالدستور فانتم متابعين من المحافظات
    ولازم تستخدموا هذه الامور عشان تتوعا الناس


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :