أشارت بيانات وزارة المالية إلى أن الدين العام للأردن قد بلغ 13.9 مليار دينار أي ما يقارب من (19.6 مليار دولار) في نهاية شهر شباط من العام 2012 حيث سجل الرصيد القائم للدين العام ما قيمته 13.92 مليار دينار مرتفعاً ما يقارب من 500 مليون دينار عن مستواه في نهاية العام الماضي والبالغ 13.4 مليار دينار أردني. وذكرت بيانات وزارة المالية أن صافي الدين العام الداخلي بلغ 9.289 مليار دينار بنهاية شباط الماضي مقارنة 8.915 مليار دينار بنهاية عام 2011 مرتفعاً بما مقداره 374 مليون دينار بغضون الشهرين الأولين من العام الحالي.
وجاء ارتفاع الدين الداخلي بشكل اساسي جراء زيادة الدين على المؤسسات المستقلة بمقدار 345 مليون دينار مسجلاً 1.65 مليار دينار بنهاية شباط مقارنة مع 1.3 مليار في عام 2011. وبلغ اجمالي الدين الداخلي 10.4 مليار دينار فيما سجلت ودائع الحكومة لدى البنوك المرخصة 1.134 مليار دينار ليسجل صافي الدين الداخلي 9.29 مليار دينار. أما صافي الدين الخارجي فقد سجل بنهاية شباط الماضي 4.632 مليار دينار مقارنة مع 4.487 مليار دينار بنهاية العام الماضي مرتفعاً 145 مليون دينار بغضون الشهرين الاولين من العام الحالي. وجاء ارتفاع الدين الخارجي بشكل رئيسي محصلة لارتفاع دين البنك الدولي على الاردن بمقدار 173 مليون دينار في الشهرين الاولين من العام الحالي. وكان رصيد الدين العام بنهاية عام 2011 سجل ارتفاعاً نسبته 17 بالمئة عن مستواه نهاية عام 2010 ليصل الى 13.4 مليار دينار مشكلا ما نسبته 65.7 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي المقدر لعام 2011 !!

وفي هذا السياق تطفو على السطح التساؤلات التالية: كيف يمكن للحكومة الحفاظ على هذا المستوى من الدين ؟ لأنه في قناعات العديد من الفعاليات الإقتصادية فإن هذا الدين سوف ينمو خلال السنوات الخمس القادمة بشكل يكسر حاجز الثلاثين مليار إذا لم تتدارك الحكومة الحالية والحكومات القادمة هذا الواقع وتبحث في الخطط المناسبة والكفيلة بزيادة الايرادات وضبط النفقات والبحث عن مصادر جديدة للتمويل .
وبنظرة أكثر تفاؤلية كيف يمكن للحكومة تخفيض هذا الحجم من المديونية في ظل تنامي الحاجات لدى الدولة، وضمن أوضاع سياسية غير مستقرة في المنطقة علماً بان التقديرات الأولية تشير بما لا يحمل الشك على أن مديونية المملكة تأخذ مؤشراً تصاعدياً !!
ومن وجهة نظر أكثر واقعية كيف يمكن للحكومة أن تمارس دورها التنموي وتنجح في خططها الإقتصادية الرامية إلى تحسين حياة المواطن الأردني في ظل مثل هذا الحجم من المديونية !! وكيف يمكن تحقيق جملة الإصلاحات السياسية والإجتماعية والإقتصادية في خضم هذه المديونية !!
يدرك الكثيرون بأن المديونية لأي دولة من الدول تعتبر من الأمور التي تعطل الخطط الرامية للإرتقاء بالمستوى الإقتصادي والإجتماعي بمختلف أشكالها، كما أن تحقيق الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية في ظل موازنة مثقلة بالديون يعتبر من الصعوبة بمكان، من هنا كان النجاح في خفض المديونية يشكل حجر الأساس في تحقيق الإصلاحات الأخرى لما يقدمه من قوة في إحداث إصلاح شامل في العديد من المجالات.
يجب على الحكومة أن تبحث في إعادة النظر بسياساتها المالية والنقدية من خلال إعادة تفعيل الدور الملقى على عاتق وزارة التخطيط والتعاون الدولي ، ومن خلال تحديد الأولويات الحكومية بنظرة أكثر شمولية وواقعية ، كما ان وضع ضوابط تكبح جماح النفقات للعديد من مؤسسات الدولة يعتبر مطلباً حيوياً في هذا الوقت.
يجب العمل على إدارة الاقتصاد الوطني من خلال ربط الإستراتيجيات وخطط الدولة العامة التنموية والاجتماعية بما يتواءم والواقع المالي وحجم المديونية لضمان اتساق أهداف السياسة النقدية والمالية وتكامل دورهما في معالجة إختلالات الموازين الخارجية والداخلية للاقتصاد الوطني وفي تبني سياسات مالية ونقدية تساهم في تحفير النمو الاقتصادي وتعلم على تخفيض المديونية.
إن خفض المديونية يقتضي السير قدماً في تحسين مستوى إدارة الإيرادات الضريبية وغير الضريبية ومواجهة التهرب الضريبي بنظرة أكثر شمولية ، كما أن استغلال الموارد المتاحة بطريقة تحقق أكبر عائد ممكن ورفع مستوى إدارة أملاك الدولة العامة من الأراضي والعقارات والممتلكات الأخرى والإستفادة منها بأكبر قدر ممكن وإدارة المؤسسات والشركات العامة وفق أسس إقتصادية ومالية محكمة ومدروسة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الكفاءة يعتبر من الأمور ذات الأهمية ، يجب العمل على تحديد الأولويات ضمن أجندة الحكومة المتخمة بالملفات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بشكل يعمل على توظيف وتصنيف النفقات والإيرادات ضمن إطارها الصحيح بما يشكل لبنة في بناء إعادة الثقة للموزنة العامة مما يساهم في تخفيض عجز الموازنة .

مستشــار اقتصادي ومالي

a.qatawneh@zuj.edu.jo