الجواب على السؤال المطروح عنواناً لهذا المقال, هو" لا " كبيرة, سمعناها ونسمعها من الشيعة العرب أنفسهم, غير أن طرح الموضوع يتعلق بالتصريحات الصادرة عن البرلماني الإيراني محمد كريم عابدي، التي لوح فيها بإمكانية الدخول الى الكويت, لحماية الشيعة فيها, وتبجحه بالقول إن ما حدث في البحرين لن يتكرر، وأن من حق الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدخول إلى الكويت لحماية الشيعة هناك، وتهديده بسلب الأمن من منطقة الخليج متى أرادت ذلك, لأن دولة ولاية الفقيه كما يقول تعتبر الآن من الدول العظمى عسكرياً، ولديها أيادٍ طويلة تستطيع الوصول لما تشاء.

النواب الكويتيون ولست بصدد التعريف بهم, وإن كانوا شيعة أو سنه, ردوا على هذا التحرش السافر بالقول, إن التصريحات الايرانية بأن شيعة الكويت مضطهدون, وأن إيران ستتدخل لحمايتهم, تعتبر تهديداً مباشراً للكويت، وطالبوا حكومتهم بالرد على ما اعتبروه استعدادات وتخطيطا لاحتلال الكويت, مثلما طلبوا من مواطنيهم من آل البيت الرد, وسألوهم هل يقبلون هذا التصريح وهذا التدخل في شؤونهم, وهم يعيشون بأمان وسلام, بجانب اخوانهم متساوين جميعا بالحقوق والواجبات, ودعوا إلى الاتعاظ من تجربة غزو صدام لبلادهم, رغم كل التطمينات العربية, وأخذ كل التدابير اللازمة لمنع تكرار الأمر, وخاطب بعضهم المسؤول الإيراني بالقول, إنه سيجد الكويتيين جميعاً يقفون أمامه سداً منيعا, وحصناً شامخاً ضد كل معتد أثيم.

التصريحات الاستفزازية الصادرة من طهران تستهدف تخويف وتهديد الدول الخليجية, قبل التفكير بأحوال الشيعة الكويتيين أو سواهم, إلا إن حكام إيران ينصبون أنفسهم أوصياء على الشيعة أينما تواجدوا متناسين أن أصل التشيع للأئمة من آل البيت عربي الجذور والمنبت, وندرك أن محاولات اختطافه لاتمت للتدين أو المذهبية بصله, بقدر ما يتم التعامل معه كورقة في يد الساسة الفرس الذين يظهدون أبناء المذاهب والديانات والقوميات الأخرى في بلادهم.

إلا الظالم والمفتري من لايعترف بأن أتباع المذهب الشيعي في بعض الدول العربية تعرضوا للتمييز والاظطهاد على يد حكامهم من السنة, لكن ما يجب ملاحظته أن ذلك لم يأت نتيجة التمسك بالمذهب السني عند أولئك الحكام, فهم في الغالب بعيدون عن الدين, ودينهم هو الحفاظ على كراسيهم, وحتى حين كان أتباع آل البيت يشكلون أغلبية المواطنين, كماحدث في عراق صدام حسين, فإنهم عوملوا كأقلية تستحق الإظطهاد, غير أن ذلك كله يرتبط بالسياسة وليس بالدين, لكن هؤلاء المظطهدين لم يغيروا في الولاء لأوطانهم, وهنا أيضاً يجب ملاحظة أن محاولات إيران لوضع الشيعة كلهم في سلة مصالحها يعود لأسباب سياسية ليس أكثر.

ليس سراً أن بعض أتباع المذهب الشيعي من العرب وغيرهم, اقتنع بنظرية ولي الفقيه لأسباب دينية, غير أن الغالبية العظمى منهم ظلت متمسكة بوجهات نظرها التي ترفض ذلك, ولنا في المرجعيات العظام في النجف الأشرف ومقلديهم وأتباعهم خير دليل على ذلك, وإذا كان بعض العرب سار وراء ولي الفقيه الإيراني فلأسباب سياسية, مغلفة بالمذهبية, كما هو حاصل مع حزب الله اللبناني, وكما هو الحال عند بعض شيعة الخليج, الذين يستشعرون تمييزاً لهم عن باقي المواطنين, والمؤكد أن هؤلاء لو نالوا حقوقهم, سينفضون عن ولاية الفقيه, وما تمثله من انتقال مركز الثقل الشيعي من الوطن العربي, " النجف تحديدا ", إلى خارج حدود الجغرافيا العربية, وهنا تقع المسؤولية على السلطات العربية, التي لم تحسن التعامل مع هذه القضية التي تكاد تفجر صراعاً لايعلم أحد كيف تكون نهاياته المأساوية.

الدين لله والوطن للجميع, شعار إن تم تطبيقه عملياً, لن يكون بوسع إيران الادعاء بأنها تحمي الشيعة العرب, ولن يكون بوسع أي قوة أخرى, الادعاء بحماية أي أقلية دينية أو مذهبية أو إثنية تعيش في هذه البقعة من العالم.