حسمت الحكومة خيارها وسترفع الدعم في مقابل البدل النقدي , وما تبقى هو موعد إتخاذ القرار .
الحكومة مهدت بشكل كاف ,ما شكل قاعدة مقبولة من القناعة لكنه سمح في الوقت ذاته بإرباك السوق التي واجهت ضغوطا كبيرة في الطلب , فقد إعتاد الناس على إستباق أي قرار برفع الأسعار بالتخزين وفي الجهة المقابلة أخذ معارضو القرار فرصة كافية لتحضير وسائل التعبير عن الرفض بعد أن مهدوا بدورهم الطريق بنشر ما زعموا أنها بدائل رفع الدعم .

في مقدمة البدائل سترفع المعارضة وفي المقدمة منها " الاخوان المسلمون " شعارات قديمة جديدة مثل " إسترداد ما زعم بالأموال المنهوبة " كحل للمشكلة المالية وقد بدأ بالفعل بعض منظري الحركة في التمهيد لمثل هذه الشعارات التي سترفع غالبا في مسيرات مناهضة لقرار رفع الدعم , عبر مقالات نشرت مؤخرا في بعض الصحف والمواقع , الهدف منها دغدغة عواطف الناس لحشد تأييد كاف لمعارضة القرار فليس ثمة وسيلة أفضل منها لكسب تأييد الفقراء المتضررين المفترضين من القرار .

لن تثني هذه الكلاشيهات الحكومة عن قرار عزمت على إتخاذه , لكن الخشية من أن لمثل هذا الكلاشيه وقد شكل ولا يزال وسيلة ضغط على كل الحكومات , تأثيرات على مسارات القضايا المنظورة , فتذهب الى مزيد من التأجيل في الحسم فيها تحت وقع الضغوط أو البحث عن إدانة بأي ثمن إرضاء لذات الضغوط , وقد رأينا كيف وضع رفع السقف فيها قبل الوصول الى الحقائق , المؤسسات المعنية بالتحقيق فيها في موقف حرج بين الجرأة على الحسم فيها وبين الرغبة في تأجيل البت فيها خصوصا تلك التي لم يتم التوصل فيها الى أدلة وبراهين تثبت ما دار حولها من مزاعم .

المعارضة وفي مقدمتها الإخوان تدرك نقطة الضعف هذه تماما وتعرف كيف ومتى تلعب بورقتها , وقد ساهمت بشكل فعال في جعل الحديث الفضفاض عن الفساد مدخلا لحشد التأييد لمواقفها , لأنه الوسيلة الوحيدة لتأجيج غضب الفقراء والمحرومين والعاطلين عن العمل وهو كذلك بظنها وسيلة للوصول الى السلطة كمنقذ لهذه الثروات ومكافح صلب للفساد.

هذا المشهد سبق وأن رأيناه قبل الإعلان عن الإصلاحات الدستورية وتكرر مع حسم قرار الذهاب الى الإنتخابات النيابية وسنراه بلا أدنى شك يتزامن مع قرارات إصلاح المالية العامة , حيث الدفع بقضايا الفساد المزعومة الى الواجهة كلما مضى قطار الإصلاح قدما .

عنوان الفساد أصبح مثل حمى تشعلها بعض الأطراف كلما إقتضت الضرورة وكل يغني فيها على ليلاه !!.

qadmaniisam@yahoo.com
الرأي