كتب سميح المعايطة

ليس مرور السنوات دون حسم هو ما يميز الازمة السورية فهناك تقديرات وتحليلات – حتى قبل تفجيرات بوسطن مجهولة النسب حتى الان - قد تتحول الى واقع قريب وهو ان ينشأ تحالف واقعي ميداني جديد محدود الاهداف يضم نظام بشار الاسد ومعه حلفاءه وفي مقدمتهم روسيا والى جانبهم خصومه او معظمهم وفي مقدمتهم واشنطن والاتحاد الاوروبي ومن خلفهم تركيا والمتحمسين من العرب لاسقاط بشار , ومع كل هؤلاء دول عدم الانحياز في الملف السوري تضاف اليهم بمستوى ما القوى العلمانية في المعارضة السورية , والمهمة الاساسية لهذا التحالف الميداني تحجيم او القضاء على القاعدة التي اصبحت الحقيقة العسكرية الاهم في الازمة السورية , بعدما استفادت من كل الدعم غير المحدود الذي قدمته دول عربية وغير عربية اضافة الى استخدامها لكل قدراتها التنظيمية في اوروبا والعراق ولبنان والاردن والخليج , وتحت الرغبة الجامحة لبعض اعداء نظام بشار في انهاء الصراع سريعا تم فتح حدود وتقديم كل التسهيلات والاسلحة حتى اصبحت القاعدة الرقم الصعب واعلنت قبل ايام البيعة للظواهري .

واذا كان النظام السوري هو من يواجه القاعدة اليوم في الميدان فان كل الاطراف الاخرى خاضت الحرب ذاتها في مراحل اخرى باشكال مختلفة , فامريكا فعلت الكثير تحت لافتة الحرب على الارهاب , وروسيا مازالت حربها قائمة في بعض الجمهوريات السوفيتية , ودول الخليج لها تجربة طويلة قبل احتلال افغانستان وبعد انسحاب الاتحاد السوفييتي , والعراق يده على قلبه لان انتصار القاعدة في سوريا كليا او جزئيا يعني ان يكون لقاعدة العراق عمق استراتيجي في سوريا , والاردن يخوض علنا حربا ضد الارهاب حتى قبل تفجيرات عمان ويحذر العالم منذ اكثر من عام من خطر ان تكون القاعدة نظاما بديلا في سوريا , ولكل دولة اوروبية حكاية مع القاعدة من لندن الى مدريد وعواصم اخرى , وحتى المعارضة السورية فانها تخوض صدامات سياسية وميدانية مع القاعدة .

ما نقوله ليس خيالا سياسيا بل حالة حقيقية قد نجد ترجمتها بعمل عسكري داخل الاراضي السورية من احدى دول الجوار , عملية عسكرية ليس هدفها اسقاط النظام لان الموافقة عليها تاتي من اصدقاء النظام السوري بل وموافقة عملية من ذات النظام حتى لو صاحبها رفض اعلامي وربما بعض المظاهر العسكرية غير المؤثرة , عملية هدفها اخلاء الملف السوري من القاعدة وبخاصة ان معظمهم ليسوا سوريين وليسوا معنيين بسوريا ديمقراطية بعد بشار بل لهم مواقف علنية فكرية ضد الديمقراطية .

والعملية المفترضة تحقق لامريكا ودول كثيرة الانسجام مع موقفها في الحرب على الارهاب , وتطفىء مخاوف دول المنطقة التي تمتنع عن الانحياز للمعارضة السورية لانها تدرك ان سقوط بشار سيعني نفوذا كليا او جزئيا للقاعدة , والفرصة اليوم ذهبية لكل اعداء القاعدة في ايقاع ضربة قوية بها بعدما تم تجميع اعداد كبيرة منهم في سوريا , وهي فرصة لم تتوفر حتى في العراق .

وحتى تكتمل الصورة فان العملية المفترضة فانها ستكون لمدخل لحل سياسي تشارك فيه كل دول الحلف , فالنظام السوري سيكون جزءا من المستقبل ومعه المعارضة المعتدلة , ويفترض ان العملية العسكرية ستضعف او تنهي المفوذ العسكري للقاعدة , طبعا لن تكون الامور سهلة لكنه سيناريو قد يحمل الحلول للجميع , ولن يحقق لبعض الاطراف التي انفقت اموالا وسلاحا وفتحت حدودا في الفترات الماضية اهدافها لكن استمرار الوضع الحالي لايخدم احدا حتى المتحمسين ضد بشار .

حلف جديد صنعته القاعدة ولعل ما ستشهده واشنطن من زيارات لعدد من قادة المنطقة خلال الايام القادمة قد يساهم في بلورة الافكار ويحولها الى واقع .