مالذي يمنع أن تستضيف عمان مؤتمرا لكبار العلماء من السنة والشيعة لبحث مؤامرة الاستقطاب الطائفي التي تكاد تعصف بالمنطقة وتعيدها الى القرون الوسطى؟

ما يحدث الان أن ثلة من المتطرفين أنصاف العلماء من الجانبين ينفخون في الرماد لتأجيج النار وهم يظنون أنهم أنما يجاهدون في سبيل الله وينصرون دينه,غير مدركين أنهم ليسوا إلا أدوات أو أحجار شطرنج في أيدي السياسيين من شتى الانتماءات والدول، وحين يقف نصف فقيه وثلثي جاهل أمام ميكروفون مستنصرا عامة الناس لنصرة هذا المذهب أو ذاك فيتداعي شباب لنداء القتل والدم فان أحدا منهم لم يفكر ما اذا كان ثمة دور لأصابع الصهيونية في الموضوع، ولا يدركون أن أفضل وسيلة لحماية أسرائيل وتثبيت الاحتلال وربما التوسع في المستقبل هي أغراق المنطقة من حولها بالنزاعات والصراعات الطائفية والمذهبية، فليس أفضل للدفاع عن اسرائيل من أن يقتتل العرب والاشقاء ويسفك بعضهم دماء بعض الى أن يصل كل الاطراف الى حاجة ملحة لطلب الدعم والمساعدة من أعداء الامة.

و يبدو أن التاريخ يتهيأ ليعيد نفسه فقد ثبت الصليبيون احتلالهم لشرق المتوسط بفضل صراعات الامارات العربية واقتتال الامراء الذين استقل كل واحد منهم بدويلة حول مدينة من بلاد الشام والعراق، وبات كثيرون يستعينون بمملكة القدس الصليبية واماراتها ضد بعضهم بعضا ولم يترك الصليبيون فرصة ودسيسة لبث الفرقة الا واستعملوها، غير أن قاصمة الظهر للاحتلال الصليبي كانت في توحد الامارات العربية وتراجع الاستقطاب المذهبي ووضع توحيد الامة وتحرير الارض على رأس الاولويات.

ولنا في الحرب الاهلية اللبنانية عبرة وموعظة حيث لم يستطع السلاح والاقتتال الطائفي الذي امتد أكثر من عشر سنوات أن يحسم المعركة لصالح هذا الطرف أو ذاك رغم محدودية ساحتها وأدواتها، فكيف بها اذا أستعرت في ساحة جغرافية تستوعب المنطقة وتعج بعشرات الملايين من البشر الذين يمكن أن يكونوا وقودا لها؟.

ان أمة لا تخلو من العقلاء قادرة على وضع الامور في نصابها وحجمها، وقادرة على دفع السياسيين الى التوقف عن الزج بالمذهبية في الصراعات السياسية واستعمالها أداة لتوسيع مناطق النفوذ، وقادرة على دفع أصحاب العمائم واللحى الى حصر مرجعية الفتوى فيمن هم أهل له، واعادة قراءة الاية الكريمة ( أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) والاية الكريمة ( لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي.. ) بمنطق سليم.

ومن هنا فان مؤتمرا يجمع كبار العلماء الموثوقين من السنة والشيعة بحضور رجال السياسة يبحث الوضع ويناقش القضايا الخلافية ويحدد الثوابت التي يمنع التجاوز عليها وأولها دماء المسلمين وأستخدام المذهبية أداة في الصرعات السياسية بين الدول، يبدو فكرة جديرة بالتبني والتنفيذ، وليس هناك مكان أفضل من عمان لعقد مثل هذا المؤتمر تحت رعاية هاشمية.

فالاردن والاردنيون كانوا وما زالوا بعيدين عن الطائفية والخلافات المذهبية والهاشميون دائما مظلة جامعة لا أداة مفرقة، ولا أظن أحدا من العلماء يستشعر مكانا أفضل للقاء جامع يحبط المؤامرة ويوقف مخاطر حمام الدم الذي تعمل الايادي الخفية المعادية على أعداده لهذه الامة.

أدعو علماء الامة الاتقياء الى اليقظة في وجه العاصفة الهوجاء فدماء شباب المسلمين في أعناقهم وأعناق رجال السياسة الى يوم الدين.
m.sbaihi@hotmail.com
الرأي