مع إرتفاع درجات الحرارة في هذه الأيام إرتفعت أسعار الشقق والإيجارات والمحلات وباتت طرق المملكة بشكل عام وطرق العاصمة عمان بشكل خاص تشهد إرتفاعا غير مسبوق في حمى أزمة سير المركبات ، وبين هذا وذاك يتأرجح الإقتصاد الوطني تحت وطأة ملفات أرهقت الاقتصاد الأردني على مر السنوات السابقة فملفات الطاقة والمحروقات والمياه والغذاء والصحة والتعليم والسكن والدفاع باتت تشكل ناقوس خطر في عمر الحكومات المتعاقبة ، في مقابل ذلك يرى الكثير من أبناء الوطن أن ملف ضيوف الأردن من الإخوة العرب هو الملف الأكثر خطورة على الساحة الأردنية ! فرأى البعض أن الأردني وغير الأردني يستفيد من الدعم الحكومي المقدم للعديد من السلع والخدمات في المملكة والذي كان السبب الأبرز في تذرع الحكومات المتعاقبة على التلويح به لرفع الأسعار ! كما يرى البعض الآخر أن ما تشهده المملكة من أزمة مرورية خانقة يعود في جزء منه لتزايد أعداد المركبات غير الأردنية والتي يقدر عددها في الوقت الحاضر بأكثر من 50000 سيارة تحمل لوحات عربية يستقر أكثر من 80% منها في العاصمة عمان !

يرى البعض أن إرتفاع أسعار الإيجارات في هذه الأيام وإرتفاع أسعار الشقق يعود في جزء منه لضيوف الأردن فيستفيد البعض من أبناء الوطن ويتضرر البعض الأكثر من هذه المعادلة وكما هو متوقع فإن المواطن الأردني كان ولا زال الحلقة الأضعف في معادلات الاقتصاد والتنمية ! وفي هذا المضمار يرى العديد من ذوي الإختصاص ورجال الاقتصاد إلى أن المواطن الأردني تأثر سلباً من ضيوف الأردن بسبب إرتفاع أسعار السكن والتزاحم الشديد على المحال التجارية إضافة إلى أزمة المركبات ، قابله رأي آخر أكثر تفاؤلاً في أن ضيوف الأردن قد يكون لهم تأثير إيجابي على الاقتصاد الأردني من خلال زيادة حركة البيع والتجارة وضخ الأموال في المملكة ، وبين من هو متفائل ومتشائم يرى البعض على أن الحكومة مدعوة إلى تحقيق التوازن في كل ذلك من خلال تفعيل أدواتها الإقتصادية في تعزيز الإستقرار المالي والاقتصادي للدولة وزيادة تحصيلات دائرة ضريبة الدخل والمبيعات مما ينعكس إيجاباً على موازنة الدولة وبالتالي الإنعكاس على حياة المواطن !

إن زيادة الأسعار من حين لآخر ومن سلعة إلى أخرى أضحى مؤرقاً لكافة فئات المجتمع ، كما أن من شان رفع الأسعار أن يعود بالأثر السلبي على الطبقة الفقيرة والمتوسطة بشكل يساعد على نمو الفقر والبطالة في المجتمع ويساهم في تزايد الحراكات وسقف المطالبات الشعبية.

إن إصلاح النظام المالي والضريبي ، وضبط النفقات الحكومية ، وتطوير الأنظمة الإقتصادية والمالية بشكل أكثر فاعلية وتعطيل أي محاولات للفساد من هنا أو هناك تعتبر من الأمور الرئيسة التي ينادي بها المواطن في كافة المواقع والمؤسسات العامة والخاصة على حد سواء.

يجب إعادة النظر في الواقع الاقتصادي بشكل يتماشى مع المتغيرات والوقائع الإجتماعية والسياسية بحيث تسهم هذه الأحداث في الإنعكاس إيجاباً على حياة المواطن الأردني ولليس العكس ومن هنا فإنه يجب إعادة النظر في النظام الضريبي الحالي بشكل أكثر جرأة وموضوعية بشكل يكفل زيادة التحصيلات ودون المساس بالفئة الفقيرة والمتوسطة الدخل من خلال إعادة النظر بتصاعدية المعدلات الضريبية ، ونظام الضريبة الخاصة المفروض على بعض السلع خاصة في ما يتعلق بالسلع التي فعلا تشكل الفرق بين مفهوم الترف والحاجة ولعل من أبرز هذه السلع المشروبات الروحية وبعض أنواع الأطعمة المتعلقة ببعض أنواع الحيوانات والسجائر وبعض أنواع العطور الفارهة والسيارات ذات المحركات العالية وما إلى ذلك من السلع الكمالية.

ختاماً يجب القول على أنه لا يمكن لأي دولة من الدول منع دخول رعايا دولة أخرى لأراضيها ، ولكن الحكمة تقتضي تسخير هذه الزيارات القصيرة منها والطويلة بما يخدم الدولة ومصالح الدولة الاقتصادية والإجتماعية والسياسية منها على حد سواء من خلال إعادة توجيه بعض مؤسسات الدولة للعمل بما يخدم المواطن الأردني وتحقيق التكامل بين مؤسسات الدولة بشكل يكفل تحقيق الفائدة القصوى من هذه الزيارات.

qatawneh@yahoo.com