عمون -

تعددت التعريفات التي تناولت الزكاة وبين تعريف لغوي وتعريف شرعي يمكن القول أن الزكاة تعني النمو والبركة والصلاح ، وهي صفوة الشيء كما أنها تلك الحصة من المال التي أوجبها الشرع لصالح الفقراء والمساكين على وجه الخصوص.

في خضم ذلك وفي غمرة شهر رمضان المبارك قامت الحكومة بتأدية واجب الزكاة على أكمل وجه وتنتظر إنتهاء الشهر المبارك للإنتقال إلى بند الصدقات عبر رفع جديد للأسعار سيطال الكهرباء والخبز !! لقد قامت الحكومة خلال الشهر المبارك بفرض ضرائب من نوع جديد ، ورفعت معدلات الضريبة على نوع آخر من السلع والخدمات ، فالحكومة تطبق مفهوم الزكاة بكل مضامينه ومعانيه فجاء رفع الأسعار على سلع وخدمات غاية في الأهمية إنطلاقاً من أن الزكاة هي صفوة الشيء فجاءت الضريبة على سلعة أو خدمة ذات أهمية في حياة المواطن الأردني !

تدرك الحكومة أن مفهوم الزكاة لن يأتي من رفع الضريبة على دراجات الهارلي أو السيجار الأجنبي أو المشروبات الروحية أو السيارات الفارهة أوالمطاعم والمقاهي ذات الخمس نجوم فهذه السلع والخدمات ليست ذات أهمية ولا يمكن أن يتم فرض أي ضرائب إضافية عليها لأنها تمس فئة قليلة من الشعب وهذا لا يحقق مفهوم الزكاة القاضي بتوسيع قاعدة الفائدة !

لن أكون سلبياً فلم أكن يوماً ولن أكون ، ولكن سأكون منطقياً قدر المستطاع فمحافظات المملكة ترزخ تحت وطأة الفقر والبطالة ، أما عن الإحباط الذي إنتاب فئة من الشعب الأردني فهو في إتساع مستمر ، فالمشاريع والخطط الرامية إلى إحداث التنمية الشاملة والنمو الإقتصادي على مستوى المملكة لم تحدث الفرق المطلوب وبإستثناء محافظة العاصمة فأغلب محافظات المملكة تفتقر إلى أدنى مقومات التطور والتقدم.

إن من أبجديات الإصلاح الإقتصادي المنشود أن يكون بقراءة الاقتصاد بشكل متكامل وشمولي وعدم تناول المواضيع على شكل جزئيات ، كما أن الإقتصاد الذي يخلو من البعد الإجتماعي سيكون إقتصاداً مشوهاً يرفع من وتيرة الغضب لأي مواطن كان، كيف وإن كان هذا المواطن يشعر أن عاصمته الحبيبة قد بات المغترب يشكل فيها أكثر من نصف عدد سكانها فالإحصائيات الغير رسمية تشير إلى أن الأراضي الأردنية تحتضن حالياً أكثر من 2 مليون مغترب عربي ، وفي هذا المقام أطرح التساؤل التالي: أما آن الوقت لجهة حكومية أن تتجرأ وتعلن وبما لا يحمل الشك أنه لا يوجد إحصائيات دقيقية لعدد المغتربين العرب فبعضهم تحدث عن المليون وبعضهم تحدث عن أكثر من ذلك وبين هذا وذاك وفي ظل إفتقار الدولة الأردنية إلى قواعد بيانات دقيقة تعنى بالجانب المالي والإقتصادي والإجتماعي والمعيشي للمواطن وأمنه باتت الحقيقة معرضة للتشكيك في مواقع كثيرة وباتت مصداقية الحكومات على المحك والقرارات الحكومية عرضة للإنتقاد والسقوط !

إن من أبجديات الإصلاح الإقتصادي أن أي رفع للأسعار يصاحبه إحتساب للكلفة الحقيقية وبشكل دقيق ودون إجتهادات أو مزايدات هنا وهناك، فمن غير المنطقي أن يقدم المدرس على طرح أسئلة دون وجود الإجابات النموذجية حتى يكون للإمتحان مصداقيته ! كما أن من أبجديات الإصلاح الإقتصادي أن لا يتم تحميل عبء قطاع على قطاع آخر وأن لا يحمل الموطن وزر أخطاء في الإحتساب أو هفوات في التخطيط الإستراتيجي !

إن من الحكمة اليوم وفي ظل قرب الأعياد الوطنية والدينية أن نتوقف مطولاُ عند المزايدات الوطنية والدينية ، فالوطني حقاً هو من يخدم المواطن عبر عمله الصادق الذي يرنو من خلاله إلى جعل الأردن ومواطن الأردن في مقدمة تفكيره يحكمه في كل ذلك واعز ديني يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأمر بالعمل الجاد الصادق المخلص يتناول وسطية الطرح ويعزز من مفهوم العمل المشترك.